أسامة الهتيمي
بطبيعة الحال مثلي كالكثيرين من أبناء الأمة العربية والإسلامية خاصة من السوريين واللبنانيين والعراقيين واليمنيين وغيرهم ممن تضرروا من سياسات وتحركات إيران عبر فيلق القدس في المنطقة أصبت بحالة استياء وضيق شديدة بشأن رفع صورة كبيرة للجنرال الإيراني قاسم سليماني القائد السابق لفيلق القدس وسط قطاع غزة ولهذا فإن لي ملاحظتان ثم حديث مركز في ست نقاط.
أما الملاحظتان فهما:
الأولى: أن هذه ليست المرة الأولى التي ترفع فيها صورة سليماني فقد سبق وأن رفعت على السرادق الذي أقامته بعض الفصائل الفلسطينية ومن بينها حماس والجهاد لتلقي العزاء بعد اغتيال سليماني بصحبة أبو مهدي المهندس في العراق في يناير الماضي.
الثانية: رغم أن حركة حماس أو أي فصيل فلسطيني لم يعترفوا حتى اللحظة بالمسئوليته عن رفع هذه الصورة كون أنها لم تزيل بشعار أي منها إلا أن ثمة قرائن تشير إلى مسئولية حماس عن ذلك منها أن للحركة الهيمنة على قطاع غزة وأنه كتب تحت الصورة عبارات تفوه بها رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية في رثائه لسليماني عندما قال إنه شهيد القدس.
أما النقاط الستة فهي:
1- نؤكد على أن موقفنا من القضية الفلسطينية موقف ثابت كونها في نظرنا القضية الأطهر والأقدس للأمة على مدار العقود الماضية فهي القضية المركزية التي يعلم القاصي والداني أن ما تعانيه الأمة برمتها من تحديات ومواجهات هو تبعات بقاء الوضع على ما هو عليه بشأنها حتى اللحظة.. ولهذا وبرغم ما نشهده بين الحين والآخر ستظل قضية الصراع مع الكيان الصهيوني هي الأمل في إعادة اصطفاف الأمة واستعادة مجدها.
2- الموقف الرافض لما حدث في غزة وحالة الاستياء والاستنكار التي اتسمت بها مشاعر الجماهير العربية خاصة تلك المتضررة من سياسات إيران لا يطعن على الإطلاق في شرعية المقاومة ضد الكيان الصهيوني ومحاولات استرجاع الحقوق الفلسطينية المسلوبة.
3- لا يعني أيضا هذا الموقف الرافض لما حدث في غزة تماهيا مع الموقف الصهيوني الذي أعلنه المتحدث باسم الجيش الصهيوني أفيخاي أدرعي غبر تغريدة له في إطار تسخين العرب على الفلسطنيين فالجميع يدرك أن ما كتبه أدرعي هو اصطياد في المياه العكرة والموقف الرافض وطني مخلص ينبع من عدم الربط بين أمثال قاسم سليماني والقضية الفلسطينية.
4- هذا الحدث طعنة لكل المقهورين وهو سقطة أخلاقية ممن قاموا به يستدعي الاعتذار ومحاسبة المسئول عنها وقد استهدف الفاعلون لها من حيث يدروون أو من حيث لا يدروون وضع القضية الفلسطينية في مأزق وإلا فإن ما قال به بعض السوريين من أن ذلك يمنحهم حق رفع صور نتنياهو أو قادة جيش الاحتلال الصهيوني لأنهم يقومون بقصف قواعد إيرانية في سوريا.
وربما وخلال كتابة تلك السطور ورد أن بعض الشباب الفلسطينيين قد قاموا بإنزال صورة سليماني وتمزيقها وهو ما يعكس مدى حالة الوعي الفلسطيني بخطورة ما حدث.
5- هذا الموقف ليس له ما يبرره وإن كان المبرر هو تزامن ذلك مع الدعم الإيراني لفصائل لفلسطينية ومناورات عسكرية للمقاومة والذكرى الأولى لاغتيال سليماني فنقول لهؤلاء إن هذا الادعاء بشأن الدعم الإيراني للقضية الفلسطينية لا صحة له فهو من ناحية دعم مشروط وغير مخلص وهو من ناحية أخرى لا يقارن بحجم الدعم العربي والإسلامي بل وحتى الأمريكي – رغم الرفض الشديد للموقف الأمريكي من القضية والدعم للكيان الصهيوني -.
وفي هذا الإطار يمكن مراجعة التسجيل المسرب لمكالمة تليفونية لموسى أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي لحماس وحديثه عن وهم الدعم الإيراني للحركة أو للفلسطينيين.
كذلك يمكن النظر إلى حديث خالد مشعل عام 2016 عن تخفيض الدعم الإيراني عقب اندلاع الثورة السورية ورفض الفلسطينيين الانحياز لبشار الأسد
وأيضا النظر إلى جدول بشأن حجم الدعم المالي المقدم من قبل بعض دول الخليج إلى الفلسطنيين والأونروا والذي بلغ عند المملكة السعودية وحدها إلى نحو 6 مليارات دولار في الفترة من 2000- 2018.
ولا يفوتنا أن نشير إلى الكثير من المواقف التي تؤكد أن القضية الفلسطينية لدى الإيرانيين ليست إلا قضية وظيفية تحاول إيران استغلالها لتحقيق مكاسب ومصالح في المنطقة ويمكن النظر في ذلك لشهادة ياسر عرفات الذي كان أول من هنأ الخميني بالثورة وكذلك أحداث صبرا وشاتيلا وبرج البراجنة وكذلك دور حركة أمل في قتل الفلسطينيين وما حدث للفلسطنيين في مخيم اليرموك ودور إيران في شق صف الكثير من الفصائل الفلسطينية كما حدث مع فتح حيث انشقاق ما يسمى بفتح الانتفاضة وتأسيس بعض الفصائل التي اتخذت مواقفا متباينة مع الثوابت في الأرض المحتلة كحركة الصابرين وحزب الله الفلسطيني وحركة جماعة عماد مغنية.
6- هذا الحادث وبكل أسف يوسع الفجوة بين الجماهير العربية والإسلامية والفلسطينين فليست دماء الفلسطينيين وحدهم هي الغالية ومن ثم فذلك يغضب السوريين والعراقيين واللبنانيين واليمنيين وكل من عانى من آلة القتل الإيرانية.