تعذيب، دهس، حرق، وتنكيل بالجثث، وحوش بشرية ترتكب جرائم تخطت المألوف واضعة المجتمعات العربية في حالة من الذعر والقلق حيال ما آلت إليه الأمور، حيث بات القتل والاغتصاب والقطع والبتر كلمات نسمعها بشكل يومي.
الجرائم المروّعة أو "الوحشية"، كما يطلق عليه رواد مواقع التواصل الاجتماعي، ظاهرة انتشرت مؤخرا في معظم الدول العربية، فما الأسباب ولماذا بتنا نسمع فيها كثيرا؟
من فتاة المعادي في مصر، التي لاقت حتفها دهساً تحت إطارات سيارة مواصلة عامة "ميكروباص" أثناء سرقتها، والطفلة شيماء التي اغتصبت وقطّع جسدها في الجزائر، وصولاً إلى فتى الزرقاء الذي قُطعت يديه وفُقأت عينيه في انتقاماً لوالده في الأردن، والأم التي رمت أطفالها في نهر دجلة وألقت اللوم على طليقها.
جريمة تلو الأخرى تضاف إلى سجل العنف، يقف وراءها أشخاص من ذوي الشخصية "السيكوباتية"، التي لا تشعر بالذنب، بحسب ما كشفته الاخصائية النفسية المطلعة على علم الجرائم، لانا قصقص.
السيكوباتية .. جرائم دون الشعور بالذنب
وأوضحت قصقص أنّ "السيكوباتية من أكثر الشخصيات صعوبة وتعقيداً، إذ يصعب فهمها وتفسيرها، وهي لدى الأشخاص الذين لا يشعرون بالذنب حيال ما ارتكبوه من وحشية وعنف، على عكس باقي المجرمين، الذين قد ينتابهم شعور الندم بعد مراجعة مبادئهم والقيم والعادات التي نشأوا عليها".
وأشارت إلى أنّ "أبرز الأسباب التي ترفع من معدلات الجريمة هي البطالة، الفقر، تفشي المخدرات، والعنف الأسري"، فضلاً عن "التعرض للعنف منذ الصغر، انتشار الفساد وعدم اكتراث الحكومات بالإصلاح الاجتماعي والسياسي".
الصحة النفسية ومشاهد العنف
وشددت على "المسببات النفسية كأن يكون للشخص نزعة عدوانية منذ الصغر، وعدم وجود التوعية الكافية حول الصحة النفسية، ما ينتج أشخاص كارهين للمجتمع، باستطاعتهم ارتكاب أقسى أنواع الجرائم".
وشددت قصقص على أنّ "ازدياد مشاهد العنف في الأفلام والمسلسلات، فضلاً عن تغطية وسائل الإعلام لجرائم المجموعات الإرهابية أبرزها داعش وغيرها من التنظيمات، أدى بشكل حتمي إلى تعزيز الروح العدوانية لدى الأشخاص الكارهين للمجتمع".
واعتبرت أنّ "المجرم الذي لم يتركب الجرائم الوحشية أو غير المألوفة، تجتمع فيه مسببات ومؤثرات عدّة مما ذكر، ولا يمكن لسبب واحد أنّ يجعله عنيفاً بهذا الشكل".
ودعت الإخصائية النفسية الحكومات إلى المزيد من الوعي حيال التعاطي مع هذا الملف، عبر تنظيم حملات توعوية حول أهمية الصحة النفسية، وعدم نبذ الأشخاص الذين يظهر عليهم نبذات عدوانية".
السجون ليست إصلاحية
من جهتها، أكّدت رئيسة جمعية "الجهد المشترك" تامي قزحيا، التي تعنى بضحايا المخدرات والمساجين، في حديث صحفي أنّ "السجون في الدول العربية غير إصلاحية، وفيها الكثير من الانتهاكات الحقوقية ومظاهر التعذيب، ما يزيد النقمة لدى المجرم، ويجعله أكثر عدوانية".
واعتبرت قزحيا أنّ "السجين يكتسب أفكارا سوداوية ومعلومات جرميّة بسبب غياب البرامج الإصلاحية، وكأنه هناك تبادل للخبرات خلف القضبان".
وعن الدعوات لتفعيل تنفيذ عقوبة الإعدام عند وقوع كل جريمة، رفضت قزحيا إنزال "أي عقوبة تزهق الروح عملاً بالقوانين الدولية، وتمسكاً بموقف منظمة العفو الدولية التي تمنع قتل المجرم بأي شكل من الأشكال"، مؤكدة أنّ "معدلات الجريمة لم تنخفض في الدول التي تسمح قوانين بالإعدام".
دور مواقع التواصل الاجتماعي
بينما لفتت الصحفية والباحثة في ظاهرة ارتفاع معدلات الجريمة في الأردن، رنا الحسيني،إلى أنّه "هناك تزايدا في معدلات الجريمة، ولكن لمواقع التواصل الاجتماعي دور في نشر وكشف ما يحصل في المحافظات والأحياء السكنية، التي لم نكن نعلم خفاياها".