أعلن الأمين العام المساعد لحزب الله نعيم قاسم اليوم الأربعاء أنه لا المجال ولا الوقت ولا الظرف يسمح بتشكيل حكومة لا تمثل الكتل النيابية، داعيا لأن يكون تأليف الحكومة القادمة على أساس ما كان سائدا منذ اتفاق الطائف.
ويسعى حزب الله الذي يهيمن وحلفاؤه على السلطة لتحصين نفوذه وإبقاء الوضع على ما هو عليه على الرغم من وقوف لبنان على حافة الانهيار على جميع المستويات.
وقد دفع الثنائي الشيعي (حزب الله وأمل) بكل بقوة لإفشال مهمة رئيس الوزراء المكلف مصطفى أديب الذي اضطر مؤخرا للاعتذار عن الاستمرار في مهمة تشكيل الحكومة بعد أن اصطدم برفض حزب الله وحركة أمل لحكومة اختصاصيين تنتشل لبنان من أزمته وتخرجه من متاهة المحاصصة الطائفية.
وقال نعيم قاسم في كلمة نشرها مكتب العلاقات الإعلامية لحزب الله"الوضع الاقتصادي الاجتماعي لم يعد يُحتمل وسيف رفع الدعم مسلط على رقاب الناس وأزمة كورونا قابلة لمزيد من التدهور"، مضيفا "ألا تتطلب هموم الناس هذه ومستقبل أولادهم وجود حكومة إنقاذ على مستوى المرحلة؟".
وتابع "الوقت ليس مؤاتيا لتعديل أو تغيير موازين القوى ولا للانقلاب على نتائج الانتخابات النيابية ولا لابتداع صيغ لحكومة لا تمثل الكتل النيابية. لقد أثبتت الأشهر الماضية بأن الحلَّ الوحيد المتاح هو التكليف والتأليف بحسب الدستور والآليات المعتمدة منذ الطائف وأي تجاوز لهذا الحل يعني إبقاء البلد في حالة المراوحة والتدهور، يتحمل مسؤوليتها من لا يسلك الطرق الدستورية والقانونية".
وبهذا يكون حزب الله قد رسم للشخصية التي يفترض أن تتفق عليها القوى السياسية بعد المشاورات التي ستجري قريبا، حدود تحركها وإلا فإنها سوف يواجه مصير مصطفى أديب.
ويقوم رئيس الوزراء المستقيل المقرب من حزب الله حسان دياب بتسيير حكومة تصريف الأعمال في انتظار المشاورات النيابية والاتفاق على خلف له.
كما تشكل تصريحات الأمين العام المساعد لحزب الله رسالة لفرنسا التي قدمت بعد انفجار مرفأ بيروت في أغسطس/اب مبادرة لحل الأزمة وتسريع تشكيل حكومة كفاءات وتغيير النظام السياسي القائم على المحاصصة الطائفية.
وقد أفشل حزب الله وحلفاؤه المبادرة الفرنسية، لكن الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون الذي ألقى بثقله في دعم لبنان قال في السابق إن الوقت لم يفت بعد، مانحا القوى اللبنانية فرصة أخرى لتشكيل حكومة قادرة على مكافحة الفساد وتنفيذ إصلاحات تطالب بها الجهات الدولية المانحة.
وتبدو الجهود الفرنسية معرضة لنكسة أخرى مع إصرار حزب الله وحركة أمل على رفض أي تشكيل وزاري يمس نفوذهما السياسي ومصالحهما أو يعيد تشكيل الخارطة السياسية في لبنان خارج إطار المنظمة السياسية السائدة منذ عقود.
وقال قاسم "خطة الإنقاذ وإعمار بيروت ومعالجة الأزمات، يتطلب حكومة تتحمَّل هذه الأعباء وكلما تكاتفت الأيدي وتحقَّق أوسع تمثيل في الحكومة لتنال ثقة المجلس النيابي، كلما كان الأمل بالإصلاح أكبر".
وتأتي رسائل حزب الله الموجهة للداخل اللبناني وللقوى الخارجية المتدخلة في الأزمة ومن ضمنها فرنسا، بينما أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان اليوم الأربعاء أن بلاده ستنظم مؤتمرا للمساعدات الإنسانية للبنان خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني كان يفترض أن يعقد خلال الشهر الحالي.
وكان من المزمع في البداية عقد المؤتمر في نهاية أكتوبر تشرين الأول.
وأبلغ لو دريان الجمعية الوطنية أن مجموعة الاتصال الدولية بشأن لبنان ستلتقي في الأيام القادمة للتأكيد على ضرورة تشكيل حكومة.
وكانت فرنسا قد حذّرت من أنه لن يصرف للبنان قروض ومنح كانت تعهدت بها الجهات الدولية المانحة، ما لم يتم تشكيل حكومة كفاءات وطنية قادرة على تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية.
ومن المستبعد أن يخرج لبنان من أزمته في ظل أجواء سياسية مشحونة وتمسك الثنائي الشيعي بحقائب وزارية بعينها منها حقيبة المالية وهي من أكثر الحقائب حساسية بالنسبة للمانحين وللولايات المتحدة ودول غربية.
وتتوجس هذه الدول من أن تصل أموال المساعدات والقروض الدولية لحزب الله لتمويل أنشطته، فيما سبق أن اتهمت واشنطن التي تفرض عقوبات على الجماعة الشيعية، أن اتهمت وزيرين سابقين بتوفير غطاء مالي وسياسي للحزب المدعوم من إيران.