يسعى حزب الله اللبناني للتغطية على التدخلات الايرانية المستمرة في الشان الداخلي للبنان باتهام الولايات المتحدة بالتأثير على الفاعلين السياسيين المعارضين لتوجهات الحزب.
وفي هذا الصدد انتقد أمين عام حزب الله اللبناني حسن نصرالله بشدة الثلاثاء السفيرة الأميركية في بيروت متّهما إياها بـ"التدخّل" في كل مفاصل الحياة العامة في لبنان وبأنها تتصرف وكأنها "الحاكم العسكري" فيه.
وقال نصرالله "رأينا في الأشهر الماضية، منذ أن وصلت السفيرة الجديدة إلى لبنان... أنها تتعاطى مع لبنان وكأنها حاكمه العسكري أو المندوب السامي فيه".
وموقف نصرالله هو أول تعليق رسمي له على تصريحات لاذعة أطلقتها السفيرة الأميركية دوروثي شيا ضد الحزب الشيعي المتحالف مع إيران.
وكانت السفيرة وصفت الحزب بأنه "منظمة إرهابية"، واتّهمته بأنه "ابتلع مليارات الدولارات من أموال الدولة".
وقال نصرالله إن السفيرة الأميركية "تتدخل بالتعيينات وبالحكومة وبالوضع الاقتصادي".
لكن الحزب يتغاضى عن التدخلات الايرانية المستمرة في لبنان بل وصل الامر بزعيمه لدفع الحكومة اللبنانية لشراء منتجات نفطية من إيران كحل للأزمة الخانقة التي تشهدها البلاد منذ أشهر طويلة متجاهلا تهديد الولايات المتحدة بفرض عقوبات قاسية على أي جهة تتعامل مع طهران.
وحذّر نصرالله بأن أخطر ما تقوم به السفيرة الأميركية هو "تحريض اللبنانيين على بعضهم البعض"، متّهما إياها بأنها "تذهب إلى زعماء سياسيين في لبنان وتحرّضهم على حزب الله... وتدفع الداخل اللبناني نحو الاقتتال، والفتنة، والحرب الأهلية".
وقال نصرالله إن كتلته النيابية ستطلب من وزير الخارجية اللبناني "استدعاء" السفيرة الأميركية و"مطالبتها بالالتزام بالاتفاقيات الدولية".
ويناقض تصريح نصرالله واقع ان لبنان يعيش فعليا تحت كابوس الفتنة والاقتتال وامكانية انزلاقه نحو الحرب الاهلية بعد ان رهن الحزب مصير البلاد لصالح ايران.
ويمثل سلاح حزب الحزب كابوسا حقيقيا للشعب اللبناني حيث دعت عدد من التيارات السياسية الى نزعه حفاظا على السلم الاهلي لكن الجماعة الموالية لايران ترفض ذلك بحجة الخطر الاسرائيلي.
ورغم ان حزب الله تعهد مرارا بعدم استعمال السلاح في صراعات داخلية واقليمية لكن الواقع اظهر عكس ذلك فالحزب تورط في صراعات مسلحة داخلية كما تورط في الملف السوري بتحريض من ايران.
ويحمل اللبنانيون حزب الله مسؤولية الازمة الاقتصادية بعد ان تسبب في تدهور علاقة البلد بأصدقائه التقليديين سواء الخليجيين او الغربيين.
وكانت تصريحات السفيرة الاميركية قد أثارت جدلاً واسعاً بعد إصدار قاضي الأمور المستعجلة في صور (جنوب) محمد مازح قراراً، لا يعد ملزماً، يمنع وسائل الاعلام المحلية والأجنبية في لبنان من إجراء "أي مقابلة مع السفيرة الأميركية لمدة سنة، تحت طائلة وقف الوسيلة الإعلامية المعنية، عن العمل لمدة مماثلة".
وبعد صدور القرار استدعى وزير الخارجية اللبناني ناصيف حتي السفيرة الأميركية التي قالت بعد اللقاء "لقد طوينا الصفحة".
ويتحدث المسؤولون في حزب الله عن انشطة السفيرة الاميركية مع القادة السياسيين في لبنان في وقت يتجاهلون فيه الرحلات المكوكية لنصر الله وقادة الحزب لايران للقاء المسؤولين الايرانيين واخذ التعليمات منهم.
كما يتجاهل نصر الله الدور الذي يقوم به السفير الايراني في بيروت محمد جلال فيروزنيا لدعم نفوذ الحزب على حساب التوافق الوطني الذي رسم العلاقات بين الطوائف والتيارات السياسية في لبنان منذ اتفاق الطائف.
ويشهد لبنان أسوأ أزمة اقتصادية منذ ثلاثين عاما وسط تدهور في قيمة العملة الوطنية على خلفية تجاذبات سياسية ونقمة شعبية غير مسبوقة.
وفي منتصف حزيران/يونيو اعتبر الأمين العام لحزب الله أن العقوبات الأميركية الجديدة التي يفرضها قانون "قيصر" تهدف الى "تجويع" سوريا ولبنان المجاور.
وينصّ قانون "قيصر" خصوصاً على تجميد مساعدات إعادة الإعمار وفرض عقوبات على النظام السوري وشركات متعاونة معه ما لم يحاكم مرتكبو الانتهاكات. ويستهدف كذلك كيانات روسية وإيرانية تعمل مع دمشق.
والثلاثاء حذّر نصرالله الإدارة الأميركية قائلا "سياستكم بخنق لبنان ستقوي حزب الله وتضعف حلفاءكم ونفوذكم".
وحزب الله مدرج على قائمة الإرهاب الأميركية وهو مصنّف "منظمة إرهابية" في دول عدة غربية وخليجية.