يواصل التيار المتشدد الذي يمسك بالسلطات الثلاثة في إيران، التحريض على المتظاهرين الذين يحتجون في الشوارع منذ منتصف سبتمبر/أيلول الماضي.
وفي أحدث موقف، طالب 272 نائبا في البرلمان الإيراني الذي يهيمن عليه التيار المتشدد، القضاء الذي يقع تحت سيطرة نفس التيار، بإعدام المتظاهرين، ووصفوا المحتجين بـ"الدواعش".
وقال بيان أصدره النواب، ونشرته وكالات الأنباء الإيرانية: "نطالب كل المسؤولين في البلاد، بما في ذلك القضاء، بالتعامل بأسرع ما يمكن مع المقاتلين المسلحين (المتظاهرين) الذين هاجموا أرواح الناس والممتلكات بأسلحة ساخنة وباردة، مثل داعش".
وطالب البيان، القضاء، بـ"تنفيذ الأمر الإلهي، والقصاص من هؤلاء المتظاهرين دون النظر إلى خلفياتهم".
وعزا النواب الإيرانيون الاحتجاجات التي شهدتها البلاد ضد النظام إلى "أمريكا وأعداء آخرين" الذين "دخلوا الميدان علانية وحرضوا ونظموا، وقدموا أسلحة وأموالا وسيطروا على أعمال الشغب".
وأعرب نواب البرلمان عن تقديرهم لـ "حراس الأمن، وخاصة العسكريين وقوات حفظ النظام"، ودعوا إلى "اتخاذ إجراءات حاسمة ضد مرتكبي هذه الجرائم".
وجاء هذا البيان البرلماني، بالتزامن مع ارتفاع عدد قتلى الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت بعد مقتل الشابة مهسا أميني إلى 314 شخصاً، بحسب تقرير منظمة حقوق الإنسان الإيرانية "هرانا".
وتحرم السلطات الإيرانية المعتقلين في الاحتجاجات الشعبية المستمرة، من الاستعانة بمحامٍ من اختيارهم، فيما يبث التلفزيون الإيراني اعترافات قسرية.
بينما أعلنت مصادر قضائية عن أحكام بالإعدام لعدد من المتظاهرين من أجل نشر الخوف بين البقية.
من ناحية أخرى، قال محمد باقر قاليباف رئيس البرلمان في جلسة اليوم الأحد إن "المنظمين الرئيسيين لأعمال الشغب" يحاولون تهيئة الظروف لوجود تنظيم "داعش" في إيران.
وأضاف قاليباف: "الأحداث الأخيرة جلبت رسالة واضحة وأظهرت مرة أخرى أن المنظمين الرئيسيين لأعمال الشغب، أي وكالة المخابرات المركزية والموساد والمجموعات الأخرى، لا يبحثون عن نتائج لمطالب المحتجين، ويحاولون إعادة تنظيم داعش جديد على جدول أعمالهم".
ومع ذلك، فإن العديد من الأخبار والوثائق المنشورة في السنوات الأخيرة تظهر أن سلطات إيران قد آوت قادة الجماعات الإرهابية.
وعلى سبيل المثال، نشرت صحيفة نيويورك تايمز تقريرًا في نوفمبر/تشرين ثاني 2020 وكتبت فيه أن قوات الموساد، بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية، قتلت أبو محمد المصري، الرجل الثاني في قيادة تنظيم القاعدة الإرهابي في شارع باسداران بطهران، حيث كان يعيش في طهران منذ فترة طويلة.
وفي سياق متصل، تدخل عضو البرلمان عن الأقلية البلوشية وممثل مدينة جابهار بمحافظة سيستان وبلوشستان، النائب معين الدين سعيدي، خلال جلسة البرلمان، منتقداً عنف السلطات الأمنية ضد المتظاهرين البلوش.
وقال النائب سعيدي "مرتكبو الأحداث الأخيرة في مدينة زاهدان وخاش، يجب أن يعاقبوا، ويجب أن نقدم المؤاساة إلى سكان المدينتين".
وأضاف "لماذا تستخدم قوات الشرطة الأسلحة الحربية ضد المتظاهرين في سيستان وبلوشستان فيما لا تستخدم الأسلحة ذاتها ضد متظاهرين في مدن أخرى".
وبحسب منظمات حقوق الإنسان الإيرانية فإن أكثر عدد القتلى في الاحتجاجات الجارية من أبناء محافظتي سيستان وبلوشستان وكردستان غرب إيران.
وكانت صحيفة "كيهان" التي يمولها المرشد علي خامنئي، طالبت أمس السبت، بمعاملة أكثر صرامة للمتظاهرين وانتقدت ما وصفته بتقاعس قوات الأمن.
وذكرت وسائل إعلام إيرانية، مساء السبت، أن الرئيس إبراهيم رئيسي، ومحمد باقر قاليباف، رئيس البرلمان، وغلام حسين محسني أيجي رئيس السلطة القضائية، عقدوا اجتماعا مشتركا وناقشوا خلاله ضرورة الإسراع في معالجة قضايا المتظاهرين المعتقلين، واتهموا المتظاهرين بـ"إثارة الشغب وخلق انعدام الأمن في البلاد ويجب معاقبتهم".
ولا تعترف سلطات إيران بالاحتجاجات وتسميها "اضطرابًا"، ويعزو مسؤولون حكوميون إيرانيون الاحتجاجات إلى "تحريض" دول أجنبية، بما في ذلك الولايات المتحدة وإسرائيل.