يقبعون خلف القضبان في زنازين إيران ينتظرون الموت في كل حين، محرومين من أدنى مقومات الرعاية الصحية، ويتعرضون لأبشع أنواع التعذيب.
انتهاكات فظيعة ترتكبها السلطات الإيرانية بحق سجنائها، حيث وثقت منظمة العفو الدولية، في تقرير استقصائي جديد، نحو 100 حالة وفاة متعمدة لسجناء مرضى في زنازين طهران.
تقرير مفصل نشرته المنظمة الحقوقية الثلاثاء، واطلعت عليه "العين الإخبارية"، وجاء تحت عنوان "في انتظار الموت: وفيات بسبب الحرمان من الرعاية الطبية في السجون الإيرانية".
ويتناول التقرير الاستقصائي بالتفصيل كيف أن سلطات السجون في إيران لعبت، من خلال منع إرسال أو تأخير النقل الطارئ للسجناء إلى المستشفى، دورًا في وفاة السجناء أو كانت السبب الرئيسي في ذلك.
وأشار إلى أن "64 من أصل 96 معتقلاً تحدثت عنهم منظمة العفو الدولية لقوا حتفهم داخل السجن".
ولفت التقرير إلى أن "العديد منهم ماتوا في الحجز، ما يعني أنهم لم يتلقوا حتى رعاية طبية أولية في الساعات الأخيرة من حياتهم، فيما توفي آخرون أثناء احتجازهم في مرافق طبية بالسجن مزودة بمعدات أساسية".
وبحسب التقرير، توفي 26 سجينًا أيضًا جراء تأخيرات متعمدة ومميتة من قبل الطاقم الطبي أو مسؤولي السجن، أثناء نقلهم إلى المستشفى أو بعد وقت قصير من دخولهم المستشفى.
وقالت المنظمة الحقوقية: "نُقل ستة سجناء على الأقل إلى الحبس الانفرادي أو الحجر الصحي، من بين هؤلاء تُوفي أربعة بمفردهم في السجن، بينما حصل الاثنان الآخران في النهاية على إذن بالنقل إلى المستشفى، ولكن فقط بعد فوات الأوان".
وأشارت إلى أن المتبقيين "ماتا أثناء نقلهما إلى المستشفى أو بعد فترة وجيزة من دخولهما".
وفي الغالبية العظمى من الحالات المسجلة، كان السجناء القتلى صغارًا أو في منتصف العمر، مشيرة إلى إلى أن "23 من السجناء القتلى تتراوح أعمارهم بين 19 و39 عامًا، و26 آخرين تتراوح أعمارهم بين 40 و59 عامًا".
وبحسب التقرير نفسه، فإن "الحصانة المنهجية لمنتهكي حقوق الإنسان من العقاب في إيران تشكل أحد العوامل التي تسمح لمسؤولي السجون بمواصلة عملية حرمان السجناء من الرعاية الطبية".
ووصفت منظمة العفو الدولية الحصانة بأنها أزمة، مضيفة: "بالنظر إلى هذا الوضع نؤكد الحاجة الملحة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، لإنشاء آلية دولية لجمع وتحليل وتخزين الأدلة ذات الصلة المتعلقة بالجرائم المرتكبة في إيران، بهدف تسهيل محاكمة جنائية عادلة في المستقبل".
وفي التقرير الجديد، أكدت ديانا الطحاوي، نائبة مدير مكتب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالمنظمة، أنه "حتى يتم إجراء تحقيقات فعالة وشاملة وشفافة ونزيهة ومستقلة لتحديد الظروف التي أدت إلى وفاة السجناء وتحديد المتورطين في هذه الوفيات، فسيظل شبح الموت ثقيلًا على السجناء المرضى في إيران".
وفي جزء من هذا التقرير البحثي، يتم تقديم إحصائيات 96 سجينًا بشكل منفصل حسب المقاطعات، والتي جاءت على أساسها مقاطعات أذربيجان الغربية وطهران وسيستان وبلوشستان وكرج على رأس القائمة بـ28 و16 و15 و12 سجينًا على التوالي.
ومن بين 96 حالة وفاة مسجلة، توفي 65 في السنوات الخمس الماضية، وحتى لو كان الوصول إلى مزيد من المعلومات متاحًا في السنوات الأخيرة، "يستمر الأمر بلا هوادة ويسهله مناخ الإفلات من العقاب السائد لمنتهكي حقوق السجناء"، وفق التقرير.
ووثقت منظمة العفو الدولية جميع هذه الحالات، ومن أجل منع حدوث المزيد من الوفيات التي يمكن تجنبها نتيجة الحرمان من الرعاية الطبية الحيوية، دعت السلطات الإيرانية إلى "إرسال السجناء الذين يعانون من ظروف طارئة على الفور إلى الخارج - من المراكز الطبية في السجون".
كما دعت المنظمة سلطات إيران إلى تعديل الأحكام المعيبة بشدة للائحة التنفيذية لمنظمة السجون، التي تسمح لمديري السجون والمدعين العامين بتجاهل المشورة الطبية واتخاذ القرار النهائي بشأن إرسال السجناء للعلاج خارج السجن.