Ana içeriğe atla

حصيلة الثورة الإيرانية؛ عقوبات قاسية و فساد مستشري في البلاد

نزول خميني في مطار طهران عام 1979
AvaToday caption
بعد أربعين عاما على عودة الخميني إلى طهران، تغيّرت المنطقة كلّها، ولكن نحو الأسوأ. ما لم يتغيّر هو تلك النظرة الفوقية الإيرانية إلى العرب الذين قبل بعضهم أن يكون ميليشيا مذهبية
posted onJanuary 30, 2019
noyorum

قبل 40 سنة في ايران، احتشدت الملايين من الحشود مرحّبة بآية الله الخميني من منفاه ليعلن عقب إطاحة التحركات الدينية بالشاه رضا بهلوي عن الجمهورية الإسلامية، لكن نفس الجماهير الغفيرة كانت في نفس اليوم تتساءل عن الطريق التي سيسلكها قائد الثورة لتغيير أوضاع الإيرانيين.

ويتزامن اليوم إحياء ذكرى هذا التغيير الحاصل في منطقة الشرق مع العديد من المتغيّرات الإقليمية والدولية التي ضيّقت الخناق على النظام الإيراني الآيل للسقوط في أي لحظة، مع تزايد دعوات الإيرانيين للإطاحة به بسبب تراكم ملفات الفساد وتأزم الأوضاع الاجتماعية للإيرانيين.

بعد 40 عاما على عودة الإمام الخميني إلى طهران لا يزال مجيد حيدرنيق أستاذ الفقه حاليا في مدينة قم يتذكّر كيف تسلّق “سياج جامعة طهران كي أتمكن من مشاهدة ما يحدث”. كان حيدرنيق من بين الملايين من الأشخاص الذين احتشدوا في شوارع العاصمة الإيرانية في الأول من فبراير 1979 أملا في رؤية الإمام آية الله روح الله الخميني عائدا إلى إيران بعد أكثر من 14 عاما أمضاها في المنفى.

وقبل عشرة أيام فقط من ذلك التاريخ، كان الشاه محمد رضا بهلوي فرّ من إيران وسط انتفاضة شعبية عارمة كانت تتواصل منذ أشهر، وكانت البلاد تنتظر عودة الرجل الذي أطلق الثورة الإسلامية ليطوي صفحة 25 قرنا من الحكم الملكي. وفي خضم الحماسة الثورية، تخلى حيدرنيق عن دراسة الكمبيوتر في الجامعة لينضم إلى حوزة علمية. ويقول “كنا نبكي فرحا، لكننا كنا قلقين في الوقت نفسه. البلاد كانت لا تزال تحت سيطرة نظام الشاه”.

وكانت مقبرة بهشت الزهراء حيث دفن العديد من المعارضين أول محطة للخميني بعد عودته على متن طائرة تابعة لشركة إير فرانس. وألقى فيها خطابا حماسيا، معلنا أن الملكية يجب أن تنتهي. وقال “سأعين الحكومة وسأسدد صفعة للحكومة الحالية”.

وكان رجل الدين المتقشف والكاريزماتي قد اعتنق خطابا شبيها بخطاب اليسار حينها في مناهضته الغرب والاستعمار ومناصرة الشعوب المضطهدة، وركز على تضحيات الشهداء على مدى التاريخ الإسلامي من أجل بناء رؤية ثورية للإسلام السياسي. وقد تحوّل ضريح الخميني حيث دفن في يونيو 1989، إلى صرح كبير مهيب مزين على الطريقة الإسلامية التقليدية. ولغاية الآن، بعد قرابة ثلاثة عقود على وفاته، يأتي كثيرون لزيارة الضريح الذي تم ترميمه مؤخرا تكريما لمؤسس الثورة وملهمها.

بعد 40 سنة على الثورة الإسلامية، لم تتحقّق وعود الخميني ورؤيته للجمهورية الإسلامية كاملة. ويقول حيدرنيق “اسمها الجمهورية الإسلامية، لكنها لم تتحقق بعد”.

 

ناس يصطفون من أجل حصول على مساعدات غذائية

 

ولئن مثّلت الثورة الإيرانية حدثا تاريخيا هاما في القرن الماضي مثلها مثل الثورة البلشفية لأنها كانت ثورة شعبية راهنت على الإطاحة بالشاه، إلا أنها لم تحقق وفق المراقبين إلى اليوم تطلعات وطموحات الإيرانيين الاقتصادية والسياسية ومن حيث الحقوق والحريات.

ويصف الكاتب والإعلامي اللبناني خيرالله خيرالله هذا الحدث بأنه هام ولا يقل أهمية عن الثورة البلشفية. فالثورة الإيرانية كانت ثورة شعبية حقيقية، من طبيعة الشرق الأوسط والخليج وحتّى مناطق أخرى في العالم وصولا إلى اليمن من جانب وأفغانستان من جانب آخر.

لكنه يستدرك بالقول إنها “ثورة غيّرت منطقة الشرق الأوسط نحو الأسوأ”، مؤكدا أنه كان يمكن لإيران في عهد الخميني ثم عهد خامنئي أن تكون نسخة مختلفة عن إيران الشاه. كان في استطاعتها تجنيب المنطقة الكثير من الويلات بدل الدخول في مزايدات مع هذه الدولة العربية أو تلك تحت عنوان من هو مسلم أكثر من الآخر؟

ويتابع “بعد أربعين عاما على عودة الخميني إلى طهران، تغيّرت المنطقة كلّها، ولكن نحو الأسوأ. ما لم يتغيّر هو تلك النظرة الفوقية الإيرانية إلى العرب الذين قبل بعضهم أن يكون ميليشيا مذهبية تعمل في خدمة مشروع توسّعي لا أفق له، تماما كما كانت حال المشروع السوفييت”.

وتأتي ذكرى الثورة في وقت صعب بالنسبة لإيران التي يرزح اقتصادها تحت عقوبات أعيد فرضها عليها في أعقاب انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاتفاق النووي الموقع مع عدد من القوى الكبرى في 2015. وزاد ذلك من عبء آفة سوء الإدارة والفساد المستشرية، والتي أثارت انتقادات من كل الأطياف السياسية، فيما يتهم كثيرون المسؤولين الحاليين في إيران بالتخلي عن النموذج الزاهد لمؤسس الثورة.

ويقول حيدرنيق “عندما يرى الناس ارتفاع غلاء المعيشة، يجب أن يروا أن الجميع يعاني. لا يجب أن يكون هناك فرق (بين الطبقات). بعض الأشخاص الذين يحاضرون عن العيش الإسلامي والمتقشف يعيشون كأرستقراطيين”.

وعرفت إيران في السنوات الأخيرة موجة عارمة من الاحتجاجات تهدد بسقوط النظام بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. ويرجّح العديد من الفاعلين الدوليين انهيار الجمهورية الإسلامية، حيث توقع مدير المخابرات القومية الأميركية دان كوتس أن الاحتجاجات ستزيد في إيران خلال الأشهر المقبلة، رغم أنها ستبقى غير منسقة ودون قيادة مركزية أو دعم واسع من المجموعات العرقية والسياسية الرئيسية.

وتعتقد الولايات المتحدة أن طهران ونظامها يستعدان لاتخاذ تدابير أمنية كبيرة للرد على الاضطرابات المتجددة التي ستزيد من إضعاف الحكومة والنظام المحتكم لنزعات دينية لم تعد ترغب فيها شريحة هامة من الإيرانيين.