Skip to main content

ميليشيات تركيا لاتفرق بين مدني وعسكري

فابيان راسيل، سكرتير الوطني للحزب الشيوعي الفرنسي
الصور: كارزان حميد
عملية "نبع السلام" يهدف للقضاء على السلام في المنطقة بشن حملة تطهير عرقي على الكورد في شمال سوريا
posted onOctober 13, 2019
nocomment

اغتالت الميليشيات التي تقدم نفسها على إنها من "المعارضة السورية" والتي تأتمر للجيش التركي في هجومه العسكري شمال سوريا، القيادية الكوردية هفرين خلف مع عدد من المدنيين الآخرين، وسط تنديدات بالتجاوزات التي تقوم بها تركيا ودعمها  للإرهابيين الذين يشاركونها القتال.

وأصدر حزب سوريا المستقبل وهو حزب علماني أمس السبت، بيانا نعى فيه "استشهاد الرفيقة المهندسة هفرين خلف، الأمينة العامة لحزب سوريا المستقبل أثناء تأديتها عملها الوطني والحزبي".

واتهمت قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الكورد مقاتلين موالين لتركيا بقتل السياسية الكوردية في كمين على طريق بشمال سوريا السبت، فيما سارعت الميليشيات المدعومة من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالنفي قائلة إنها لم تتقدم إلى هذا الطريق.

لكن المقاتلين في صفوف تلك الميليشيات وثقوا عملية التنكيل بجثة المهندسة الكوردية في فيديو سرعان ما تم تداوله على نطاق واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

واستنكر ناشطون ما ورد في الفيديو الذي أظهر القيادية الكوردية تحت أقدام مقاتل من الميليشيات المدعومة من أردوغان، وهو يحمل السلاح متفاخرا بقتلها معلنا باللغة العربية أنه يتبع "فرقة السلطان مراد"، في إشارة للجيش التركي.

وضمت تركيا إلى قوات جيشها التي دخلت الأراضي السورية مساء الأربعاء الماضي، ميليشيات وفصائل قالت إنها من المعارضة السورية، لمساعدتها في الهجوم العسكري الذي أطلقه أردوغان تحت اسم "نبع السلام" ضد القوات الكوردية شمال سوريا.

والسبت، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يتخذ من بريطانيا مقرا له ويتابع الحرب في سوريا، إن الميليشيات المدعومة من تركيا قتلت تسعة مدنيين على الطريق من بينهم هفرين خلف.

وقال حسين عمر منسق حزب مستقبل سوريا في أوروبا إن هفرين كانت عائدة من اجتماع في مدينة الحسكة عندما وقع الهجوم الذي قٌتل فيه أيضا سائقها وأحد مساعديها.

وأضاف أن مسؤولي الحزب ومنهم هفرين لديهم اتصالات مع مسؤولين أميركيين منذ تأسيسه عام 2018.

وبعث مسؤول إعلامي في قوات سوريا الديمقراطية بخريطة ظهر عليها موقع الحادث على طريق إم فور السريع جنوب شرقي تل أبيض.

وقالت قوات سوريا الديمقراطية "قسد" في بيان إن مقتل هفرين خلف "يدل بأن هذا الغزو التركي لا يفرق بين عسكري ومدني أو سياسي".

ووصفت قسد في وقت سابق الجيش التركي بـ"المرتزقة الذين قتلوا عددا من المدنيين على الطريق بعد أن تسللوا إلى المنطقة".

وأضافت أنها طردت القوات الموالية لتركيا وأعادت فتح الطريق.

وكان حزب مستقبل سوريا قد تأسس في احتفال بمدينة الرقة ورئيسه سياسي عربي من مدينة منبج. وقال عمر إن الحزب مشارك في الحكم الذاتي بمنطقة شمال سوريا.

ودرست هفرين خلف البالغة من العمر 36 عاما وهي من محافظة الحسكة، الهندسة الزراعية وتخرجت من جامعة حلب سنة 2009.

تجمع قوى الشيوعية واليسار في باريس لتنديد بالعدوان التركي

وبعد اندلاع الحرب في سوريا كثفت خلف نشاطها السياسي، حيث عملت مع عدة منظمات في المجتمع المدني، ثم أصبحت رئيسة إدارة مجلس الاقتصاد في القامشلي، في ظل الإدارة الذاتية الكوردية، وانتخبت سنة 2018 كأمينة عامة لحزب سوريا المستقبل الذي يعد مقرباً من قوات سوريا الديمقراطية.

والجمعة، انتقدت هفرين التدخل العسكري التركي في شمال سوريا واعتبرته عملا إجراميا مخالفا للقوانين الدولية.

وشدّدت على استمرار النضال والمقاومة ضد أي احتلال، وتطرقت خلال حديثها إلى أن "المطامع التركية تتزايد في الشمال والشرق السوري، وهذا ما دفع أردوغان إلى فسخ الاتفاق السابق حول المنطقة الآمنة."

وقالت هفرين في آخر تصريحاتها إن "الشعب سيبقى صامداً ويساند قواتنا المدافعة لمواجهة الدولة التركية ومرتزقتها".

وأضافت "سنقاوم حتى النهاية من أجل النصر على الأعداء ودحرهم، ولن ندع السلطات التركية تحقق أحلامها في أراضي سوريا، وسنتكاتف بكل مكوناتنا للدفاع عن مشروع سوريا الديمقراطي الموحد ولن نتخلى عن قيمنا ووطنيتنا مهما كانت الضغوطات".

ومنذ بداية الهجوم التركي في شمال سوريا ظهر مقاتلو الميليشيات في مقدمة المدرعات والسيارات الرباعية الدفع التابعة للجيش التركي وهي تقتحم بلدات سورية فيما رفع بعضهم العلم التركي لإجبار السكان على الاستسلام.

وشن ناشطون وإعلاميون حملة ضد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان محملين إياه مسؤولية الإرهاب الذي تقوم به الميليشيات التي تحتمي تحت إمرة الجيش التركي، حيث نشرت فيديوهات ذات محتوى دموي تشبه تلك التي كانت عناصر داعش تنشرها لتوثيق إعدام المدنيين ميدانيا.

وقال ناشط على تويتر إن أردوغان الذي يدعي إطلاق عملية "نبع السلام" يهدف للقضاء على السلام في المنطقة بشن حملة تطهير عرقي على الكورد في شمال سوريا.

وأمس السبت، شارك عشرات آلاف الكورد في العديد من المدن الأوروبية في مظاهرات ضخمة للتنديد بالعملية العسكرية التي نفذها الجيش التركي على شمال سوريا والتي أدت إلى مقتل العشرات ونزوح نحو مئتي ألف مدني من العملية العسكرية.

تجمع قوى الشيوعية واليسار في باريس لتنديد بالعدوان التركي

في ألمانيا خرج الآلاف إلى شوارع وساحات برلين وكولونيا مساندة للأكراد حاملين لافتات تدين الهجوم الذي طالما هدد أردوغان بشنه ضد الكورد.

وفي العاصمة الفرنسية باريس شارك حوالي 20 ألف متظاهر كردي في مظاهرة مماثلة شارك أيضا فيها عدد من البرلمانيين الفرنسيين دعما للأكراد.

وفي زيوريخ السويسرية تظاهر الآلاف ونددوا بـ"العدوان التركي" وبسياسات أردوغان التي لا تحترم سيادة الدول متهمين إياه بتشيرد وقتل الأبرياء بدم بارد في شمال سوريا.

وفي الولايات المتحدة الأميركية، خرجت مظاهرات غاضبة أمام البيت الأبيض ضد "الاحتلال التركي" لشمال سوريا، طالب المحتجون خلالها بحماية المدنيين وفرض عقوبات ملموسة على أنقرة.

يذكر أنها ليست المرة الأولى التي يشن فيها أردوغان حملة عسكرية ضد الكورد في شمال سوريا بمساندة الميليشيات، حيث ضم الجيش التركي إلى صفوفه عشرات الفصائل المسلحة في عملية "غصن الزيتون" في عفرين، التي بدأت في كانون الثاني/يناير من العام الماضي ضد أكراد سوريا.

وتقول وزارة الدفاع التركية إن الفصائل الرديفة التي تقاتل مع الجيش التركي، تنضوي جميعها تحت لواء ما صار يعرف اليوم بـ"الجيش الوطني السوري" الذي يضم مقاتلين من الجيش الحر وفصائل إسلامية.

ويقدّر عدد المقاتلين المنتمين إلى تلك الميليشيات بعشرات الآلاف وفق وكالة الأناضول التركية للأنباء، التي تشير إلى أن الرقم تقديري، إذ لا إحصائيات رسمية به.

وكانت فكرة دمج تلك الميليشيات المتطرفة وتسميتها بـ"المعارضة السورية" طرحتها أنقرة منذ العام 2014، حتى تتمكن من إضعاف جبهة النصرة سابقاً (هيئة تحرير الشام) التي كانت تنتشر بكثافة في محافظة إدلب.

وطالما حرص أردوغان على حماية النفوذ التركي في سوريا منذ اندلاع الحرب عبر دعم المعارضين والمتشددين الّإسلاميين الذين سيطروا على مدن وبلدات استراتيجية في البلاد، حيث أرسل وعلى مر السنوات الماضية الأسلحة والعتاد العسكري بهدف تعزيز قوتها في مواجهة قوات الجيش السوري وإضعاف نظام الأسد، حتى يتمكن من بسط النفوذ التركي على المناطق التي يحتلها في الجارة العربية.