Skip to main content

”ألواحٌ من وصايا الجد“؛تسلط الضوء على ويلات الجحيم العراقي

أطفال يهربون من بطش داعش في مناطق سنجار
AvaToday caption
حازت المجموعة التي تقع في 108 صفحات من القطع المتوسط، على المركز الثاني في مسابقة للقصة القصيرة جدًا جرت في بغداد حديثًا
posted onJune 1, 2019
nocomment

تسلط المجموعة القصصية ”ألواحٌ من وصايا الجد“ للكاتب علي السباعي الضوء على ويلات الجحيم في العراق وتسرد مواقف من تردي الأوضاع في وطن مستلب.

وتتضمن المجموعة التي صدرت حديثًا عن دار المنار العلمية للطباعة والنشر والتوزيع في العاصمة العراقية بغداد، 99 قصة قصيرة جدًا، وصفها الكاتب بأنها ”أَلواح عَزفت بوحها الباذخ فوق أصابِع بيانو الجحيمِ العراقي، كان جحيمُ سواده بحجم أرض السواد؛ وطنٌ مُستلبٌ، أثقلت كاهل إنسانه اللاهث صعودًا ونزولًا فوق مساحة سواده المفخخ بالموت صخرةُ الجد المنهك التي عزفت الحزن والفرح معًا على الأصابع السود والبيض، شاهدًا حيًا على ما عشناه من ويلاتٍ ومصائبَ ومصاعبَ ومتاعبَ ونكباتٍ وعذاباتٍ“.

وأضاف السباعي أن قصص المجموعة تمثل ”برقيات من جحيمِ العراق تقف مع إنسانه، نبضاتها حية تخلخل مكامن الخيبة في عالمنا الشرس وتسخر من واقعنا المرير، تبث وتستعصي، تشير وتوهم، تغري وتجافي، وتحلق قَريبًا جدًا من نيرانه كفراشاتٍ سودٍ تحوم حول ضوء حياتنا الفاني في العراق المنقاد لموته اليومي المبرمج وبوتيرةٍ باذخة، تمامًا كما يقارب في محنته كل مساحةٍ مهما صغرت أو كبرت من ذلك العالم الذي يطلق عليه العالم العربي المنكوب اليوم بألف نكبة ونكبة؛ نكبات تتعدد ألوانها وأسبابها ودوافعها وخلفياتها“.

وحازت المجموعة التي تقع في 108 صفحات من القطع المتوسط، على المركز الثاني في مسابقة للقصة القصيرة جدًا جرت في بغداد حديثًا.

ويتطرق السباعي في معظم قصص المجموعة لواقع صناعة الموت والإرهاب وكيف تحول إزهاق الروح البشرية إلى أمر روتيني في غاية البساطة ولا يثير كثيرًا من الجدل؛ يقول السباعي في قصة مشَّاء الخريف: ”أعودُ بعد الغروب سيرًا على الأقدام فوق ضفة نهر الفرات.. كانت أشجارُ الضفة تنفضُ عن نفسها أوراقها الصفر اليابسة بغزارة، وكأنها تستعجلُ الربيع بخلعها ثوبها الخريفي.. تسلقت درجات الجسر.. ما إن صرتُ على بعد أمتارٍ من سلم الضفة الأخرى للفرات حتى صدمتني سيارة مُسرعة.. متُ بسرعة“.

ولا يغفل السباعي الحديث عن تبعات الواقع الطائفي والمذهبي في المشهد العراقي، وما ترتب عليه من صدام شاب غالبية مناحي حياة المواطنين، ليتخذ الكاتب من فن القصة القصيرة ملاذًا يخرجه من ثقل واقع مأساوي، ليتحول الأدب إلى حالة تطهيرية عله يفوز بالنهاية بتوازنه الداخلي، في وطن مستلب تعاقبت عليه مآسي الدكتاتورية فالاحتلال ثم الإرهاب المشبع بأردية الطائفية.

ويختلف أسلوب الكاتب في مجموعته الجديدة عن بداياته الأدبية، التي نسجها في حقبة الحزب الواحد، إذ بات أسلوبه يميل للكتابة الواقعية المباشرة، مبتعدًا عن التوجه للنخب الثقافية الثورية، ومستهدفًا الشرائح البسيطة المسحوقة بألفاظ أقرب لفهمهم، بعد أعوام من تستره خلف تقنية القناع والترميز في زمن الدكتاتورية، ليتحول من التلميح المرمَّز إلى التصريح الفج. إلا أن الهدف الأوحد للأدب -وفقًا للسباعي- يبقى ”خلق مجسَّات جديدة وفي منتهى الحساسية تتحسس النور وتقودهم إليه“.

الكاتب والقاص العراقي علي السباعي من مواليد العراق الناصرية عام 1970، كتب أول قصة له عام 1984، بعنوان ”عربدة عقب سيجارة الضابط العراقي“، له مجموعة كتب؛ منها ”إيقاعات الزمن الراقص“ عام 2002، و“صرخة قبل البكم“ عام 2003 التي حصدت الجائزة الثالثة في الدورة الثالثة لمسابقة دبي الثقافية، و“زُليخاتُ يُوسف“ عام 2005، و“احتراق مملكة الزاماما“ عام 2006 التي حازت على جائزة ناجي نعمان في العاصمة اللبنانية بيروت، و“مدونات أرملة جندي مجهول“ عام 2014.