Skip to main content

إيران تعاني من الفقر و "الأغازادات" في غنى مفرطة

فقراء إيران لايحصلون على رمقهم الكامل
AvaToday caption
​وفقا لتقرير البنك الدولي الصادر في تشرين الأول/أكتوبر 2017، فإن إيران هي ثاني أكبر اقتصاد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بعد المملكة العربية السعودية، حيث يقدر إجمالي الناتج المحلي في عام 2016 بـ 412.2 مليار دولار
posted onFebruary 14, 2019
nocomment

أثناء تقديم الإيراني سيد حسين برنامجه الإذاعي في تموز/يوليو 2018، انقطع البث فجأة، ليس لخلل فني، إنما بأمر من جهات عليا، لأن المذيع انتقد بذخ وترف أحد أبناء السفراء الإيرانيين.

النقد الذي وجهه حسين لم يتضمن تجريحا أو إساءة، فقط أشار إلى أن ملابس زوجة ابن السفير الإيراني في الدنمارك "لا نملك مثلها في إيران، فلا يوجد في إيران مثل هذه العلامات التجارية".

المذيع حسين تحدث عن الفقر المدقع الذي تعانيه فئات من الشعب الإيراني، كأمّ في مدينة آبادان اضطرت لبيع الجوال ودراجة ابنها لسداد إيجار المنزل، لكن قصة تلك الأم انتهت بمأساة انتحار الطفل.

وقد أثار زواج ابن سفير إيران في الدنمارك أمیر حسین مرادیان من عارضة الأزياء والمصممة الإيرانية أناشيد حسيني العام الماضي، ردود فعل متباينة غلبت عليها سمة النقد لبذخ أبناء المسؤولين.

كان الزفاف الذي وصفه مغردون بـ"الملكي" فالبذخ كان باديا، حضره ساسة إيرانيون كبار مثل عباس عراقجي نائب وزير الخارجية الإيراني وكبير المفاوضين في الملف النووي.

قصة مراديان وحسيني ليست الوحيدة التي لاقت انتقادات غاضبة من إيرانيين يعانون من ظروف اقتصادية صعبة.

 

ساشا سبحاني

 

فأبناء المسؤولين الإيرانيين ورجال الأعمال يتباهون علانية بحياة الترف التي ينعمون بها، وهذا يظهر في صور ومقاطع فيديو على شبكات التواصل الاجتماعي، ويعرف هؤلاء إعلاميا بـ "أغازاده".

"أقازاده"، أو الأغازاده بالعربية، تعني "أبناء الأغنياء"، الذين ولد معظمهم لمسؤولين في الحكومة الإيرانية ورجال أعمال ويتمتعون بحياة لا ينعم بها الكثير من الإيرانيين.

وبينما عانى الجيل الذي شهد نشوء الجمهورية الإسلامية في أيامها الأولى عقب الثورة في عام 1979، وفر مسؤولون إيرانيون حياة الرفاهية والاستقرار لأبنائهم وأحفادهم، حتى وصلت حد الإسراف والترف.

لقد كان 2018 عاما صعبا على النظام الإيراني، فبعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي بدأت الأزمات الاقتصادية تتفاقم بشكل غير مسبوق منذ عام 2015.

وعقب إعادة فرض العقوبات الاقتصادية الأميركية على إيران، انخفضت قيمة الريال بنحو 70 في المئة أمام الدولار، فيما قفز معدل التضخم السنوي في البلاد خلال الفترة من 23 تشرين الأول/أكتوبر إلى 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2018 بنسبة 34.9 في المئة.

ولا تكشف الحكومة الإيرانية عن نسب الفقر، إلا أن الخبير الاقتصادي والباحث في مجال مكافحة الفقر بجامعة الزهراء بالعاصمة طهران الدكتور حسين راغفر، قال في تصريحات صحافية إن 26 مليون إيراني يعيشون تحت خط الفقر.

 

الفرق بين الغني و الفقير

 

أحد "الأغازادات" والذي يدعى ساشا سبحاني، وهو ابن السفير الإيراني السابق في فنزويلا، دعا الرئيس حسن روحاني إلى فتح حساب بنكي مشترك لمساعدة ودعم الشعب الإيراني ماليا.

يبدو أن ساشا يحاول بهذه الخطوة التخفيف من الانتقادات التي وجهت له العام الماضي، بعدما وجه رسالة للشعب الإيراني قال فيها "اذهبوا موتوا".

وكان ساشا قد ظهر في مقطع مصور في آب/أغسطس الماضي، للرد على الانتقادات الموجهة لأسلوب حياته، والبذخ الذي يعيشه.

وقال ساشا في الفيديو الذي أغضب الإيرانيين، "إلى متى ستستمرون في الحسد، بدلا من كتابة أشياء سيئة عني اذهبوا واجنوا المال، إذا كنتم غير قادرين على ذلك، وإذا كنتم لا تستطيعون العيش، فاذهبوا موتوا"، لكنه حذف المقطع لاحقا.

ولساشا نحو 570 ألف متابع على إنستغرام، حيث ينشر صورا ومقاطع فيديو له داخل سيارات فارهة أو في ملاه ليلية أو بصحبة زجاجات الخمر، بالإضافة إلى مقاطع مصورة له في فيلات فخمة أو في حفلات صاخبة في إسطنبول حيث يقيم.

حياة الترف في إيران ليست مقتصرة على الأغازادات في الخارج، ففي الداخل أيضا هناك من يتمتع بحياة مرفهة للغاية مع احتفاظه بنمط حياة محافظ نوعا ما.

وكان تقرير لموقع "راديو فاردا" قد سلط الضوء على نمط حياة الجيل الجديد من حركة "حزب الله" الإيرانية، التي تعد إحدى أكثر الجماعات الإسلامية المتشددة تأييدا لروح الله الخميني وللثورة في أيامها الأولى.

اختلف نمط حياة أعضاء حركة "حزب الله" من الشباب حاليا مقارنة بالأجيال السابقة، على مستوى الرفاهية والملبس والاهتمام بالعلامات التجارية والسفر خارج البلاد ومحاولة التميز عن بقية الشباب.

 

آقازادات الجدد في ظل الجمهورية الإسلامية

 

ودفع تغير نمط حياة هؤلاء الشباب إلى أن يصفهم بعض المتشددين بأنهم "نسخة جديدة من المسلمين"، والتي تشكلت في المقاهي والملاعب، لا في الحوزات الدينية والمساجد.

وكان خامنئي قد طرح قضية تحول الشباب الإيراني في محاضرة بعنوان "نمط حياة الشباب الإيراني الإسلامي"، بهدف منع هذه التغيرات داخل المجتمع الإيراني.

وفي خطاب آخر انتقد خامنئي استهلاك البضائع الخارجية لأنها تفسد قيم الشباب، خاصة العلامات التجارية المشهورة، كما انتقد تزايد رحلات الشباب الإيراني إلى خارج البلاد، داعيا لترك هذه العادة.

وكان أحمد بابايي أحد شعراء حركة "حزب الله"، قد انتقد في حوار مع وكالة مهر، تبني شباب "حزب الله" نمط حياة يميل للبحث عن المتعة والإسراف.

وبحسب تقرير "راديو فاردا"، فقد توجه عدد من شباب "حزب الله"، من الجنسين، لإجراء عمليات تجميل، ويعرف عن إيران انتعاش سوق العمليات التجميلية فيها. وعلى خلاف الجيل القديم، اتجهت العديد من فتيات الحركة المتشددة إلى تغيير حجاب الشادور الأسود التقليدي، إلى آخر ملون وإلى تبني أنماط "الحجاب اللبناني".

ويقدر محمد باهماني الحاكم السابق لمصرف إيران المركزي في عهد الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، عدد الأغازادات بأكثر من خمسة آلاف يعيشون حاليا خارج إيران.

وبينما يعيش هؤلاء في ترف وبذخ، فإن نحو خمسة ملايين إيراني يتلقون مساعدات مالية نظرا لظروف الفقر التي يعيشونها، بينما أشارت تقارير العام الماضي إلى ارتفاع نسبة طلبات المتقدمين على الإعانة المالية بنحو 50%.

​ووفقا لتقرير البنك الدولي الصادر في تشرين الأول/أكتوبر 2017، فإن إيران هي ثاني أكبر اقتصاد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بعد المملكة العربية السعودية، حيث يقدر إجمالي الناتج المحلي في عام 2016 بـ 412.2 مليار دولار

وتحتل إيران المرتبة الثانية عالميا في احتياطيات الغاز الطبيعي، وتحتل المركز الرابع عالميا في احتياطي النفط الخام المثبت.

لكن الإيرانيين خرجوا إلى الشوارع العالم الماضي احتجاجا على سياسة نظام خامنئي الداعم لميليشيات تنشط في سوريا ولبنان والعراق، حيث تشير التقارير إلى إنفاق طهران أموالا طائلة على تلك المجموعات المسلحة، وخاصة تلك التي تتبع الحرس الثوري الإيراني.

وفي العام الماضي قاد ناشطون إيرانيون حملة باسم "تخلصوا من صناديق الخميني الإغاثية"، التي يصل دخلها من التبرعات إلى نحو 27 مليار ريال إيراني سنويا، لأنها تنفق أموال الشعب الإيراني على حروب طائفية في المنطقة.