Skip to main content

إيران تغيير من موقفها من أزمة حقل الدرة

حقل الدرة
AvaToday caption
إن تهديد طهران ببدء عمليات الحفر والتنقيب في الحقل يتنافى مع أبسط قواعد العلاقات الدولية، لذلك لا بد أن يكون الاتفاق على ترسيم الحدود البحرية بين الكويت وإيران
posted onAugust 28, 2023
nocomment

عادت إيران للتعاطي مع أزمة "حقل الدرة" المشترك بين الكويت والسعودية بإيجابية، بعد أن ساد التعامل مع الملف في أشهر مضت، بتصريحات اتسمت بطابع التصعيد، في وقت وحدت فيه الجارتان الخليجيتان مواقفهما المتصلة بالموقع، باعتبارهما طرفاً واحداً.

ونقلت وكالة "إرنا" الرسمية عن كبير مساعدي وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية علي أصغر خاجي، قوله "نحن قادرون من خلال التعاون مع الأصدقاء الكويتيين على حل قضية حقل (آرش) الدرة، وفقاً للقرارات الدولية وموقع البلدين التاريخي".

وأقر خاجي بأن بلاده "لا تختلف مع الجانب السعودي لأن حدودنا واضحة معهم"، في وقت لا تزال طهران ترفض فيه ترسيم الحدود مع الكويت، مما قال إنه تسبب في أزمة حقل الدرة.

جاء ذلك في سياق حوار للمسؤول الايراني مع قناة "المسيرة" الحوثية نقلته الوكالة الإيرانية، ولفت فيه أيضاً إلى أن "موضوع ترسيم الحدود البحرية بين إيران والسعودية والكويت لطالما كان مطروحاً على الطاولة"، مؤكداً على رغم ذلك أن الموضوع "لن يشهد أي تعقيد، في ظل النوايا الحسنة لدى المسؤولين الإيرانيين وعلاقاتنا الجيدة مع الكويت".

وأضاف "بصرف النظر عن الأجواء السلبية التي تسعى وسائل إعلامية إلى توظيفها في بث الخلافات بين دول المنطقة، نحن متفائلون بشأن تسوية قضية حقل أرش النفطي".

وفي شق آخر من خلافات إيران مع دول المنطقة، قال إنه يتطلع إلى "استئناف المفاوضات بين صنعاء والرياض من جديد، لكي نستطيع اجتياز المرحلة الهشة الراهنة".

وكانت ادعاءات إيرانية في شأن أحقيتها في حقل الدرة للغاز عادت للواجهة الأشهر الماضية، مما دفع الكويت إلى الإسراع في الدفاع عن حقوقها بالحقل الذي اكتشف قبل 63 سنة ولكن ظل مستقبله غامضاً، قبل أن يتفق الجانب السعودي والكويتي على الشروع أخيراً في استثماره بالتوافق التام بين البلدين، مما جدد الأطماع الإيرانية فيه، التي ترى دول مجلس التعاون الخليجي أنها لا تستند إلى دليل، معلقين أي نقاش حول الحقل برسم إيران حدودها مع الكويت، باعتبار ذلك أساس الخلاف.

وقال محللون ومتخصصون في شؤون الطاقة، في تصريحات صحفية ، إن تهديد طهران ببدء عمليات الحفر والتنقيب في الحقل يتنافى مع أبسط قواعد العلاقات الدولية، لذلك لا بد أن يكون الاتفاق على ترسيم الحدود البحرية بين الكويت وإيران.

وأكد المحللون أن تصرف طهران في هذا الصدد يأتي بعد عام من اتفاق الكويت والسعودية على بدء تطوير الحقل، ويعتبر حلقة جديدة في سلسلة الاعتراضات الإيرانية التي تمتد منذ بدء الكويت في تطوير الحقل مع شركة "شل" العالمية مطلع ستينيات القرن الماضي.

وأظهرت خطة حكومة الكويت المعلنة أخيراً لتجهيز البنية التحتية المتكاملة لحقل الدرة البحري لإنتاج النفط والغاز، إذ كان وزير النفط الكويتي سعد البراك قال في التاسع من يوليو (تموز) الماضي إن الكويت والسعودية لديهما حق حصري بحقل غاز الدرة في الخليج، داعياً إيران إلى البدء في ترسيم حدودها البحرية أولاً من أجل تأكيد مطالبها في الحقل.

وأبدت الحكومة عزمها على زيادة قدرتها الإنتاجية من النفط الخام من 2.7 مليون برميل يومياً في الوقت الحالي إلى 3.15 مليون برميل يومياً في غضون أربع سنوات، فيما يبدو أنه يضع في الحسبان حصة البلاد من حقل الدرة، كما تخطط لزيادة قدرة التكرير من 755 ألف برميل يومياً الآن إلى 1.455 مليون برميل يومياً في غضون السنوات الأربع المقبلة.

من جهة أخرى كان الموقف السعودي، وفقاً لما نقلت "واس" عن مصدر مسؤول في وزارة الخارجية، إشارة لما تم تداوله حول حقل (الدرة) في حينه، أن "ملكية الثروات الطبيعية في المنطقة المغمورة المقسومة، بما فيها الحقل بكامله، هي ملكية مشتركة بين السعودية والكويت فقط، ولهما وحدهما كامل الحقوق السيادية لاستغلال الثروات في تلك المنطقة".

وأضاف المصدر أن الرياض تجدد دعواتها السابقة لطهران إلى البدء في مفاوضات لترسيم الحد الشرقي للمنطقة المغمورة المقسومة بين السعودية والكويت كطرف تفاوضي واحد في مقابل الجانب الإيراني، وفقاً لأحكام القانون الدولي.

ويعد حقل "الدرة" من أهم مناطق العمليات المشتركة بين السعودية والكويت على الصعيدين الاقتصادي والسياسي باعتباره مخزناً منتظراً لإنتاج الغاز، إذ يعمل على دعم النمو بمختلف القطاعات الحيوية في البلدين اللذين يعتزمان اتخاذ خطوات جادة لتطوير مكامن الغاز به.

يشار إلى أن حقل "الدرة" يقدر الخبراء احتياطاته بنحو 11 تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي، إضافة إلى أكثر من 300 مليون برميل من النفط الخام.

وقالت طهران في السابق إن لديها حقاً في الحقل، ووصفت الاتفاق السعودي - الكويتي الموقع العام الماضي لتطويره بأنه "غير قانوني".

وقال البراك في مقابلة مع قناة "الإخبارية" السعودية الحكومية عند اندلاع الأزمة "إلى هذه اللحظة، هذا حق حصري للكويت والسعودية في حقل الدرة، ومن لديه ادعاء فعليه أن يبدأ بترسيم الحدود، وإن كان له حق سيأخذه وفقاً لقواعد القانون الدولي".

وأضاف في إشارة إلى إيران "الطرف الآخر لديه ادعاءات ليست مبنية على أساس من ترسيم واضح للحدود البحرية"، وأظهرت إيران في تصريحات منسوبيها إصراراً على تصعيد الخلاف حول الحقل على رغم إعادتها تطبيع العلاقة مع السعودية، في خطوة قرأها محللون على أنها محاولة أخرى من طهران وضع الحقل في سياق الملفات التي تجري مساومة جارتها الرياض على حسمها، في خضم ملفات محلية وإقليمية واسعة النطاق، تضمنتها جولات المحادثات بين البلدين التي مهدت لاتفاق بكين.