لم يعد سرا دور إيران التخريبي داخل حدود جارتها الشرقية أفغانستان، بغية مد نفوذها والبحث عن موطئ قدم لها في كابول لخدمة مصالحها وأجندتها التوسعية إقليميا عبر مليشيات الحرس الثوري، ذراع طهران خارجيا والضالعة في تنفيذ مخططات إرهابية.
وكشف فضل الرحمن خادم، مدير دائرة مكافحة الإرهاب بشرطة إقليم هرات الواقع غربي أفغانستان، عن أن القنصل الإيراني على علاقة بهجمات إرهابية بينها عمليات اغتيال لشخصيات سياسية بارزة، بينهم شقيق (خادم).
ونقلت وسائل إعلام أفغانية محلية عن مدير دائرة مكافحة الإرهاب بهرات قوله إنه تقدم بدعوى قضائية ضد محمود أفخمي رشيدي، قنصل عام طهران في الإقليم، لافتا إلى أن السلطات الأفغانية اعتقلت حتى الآن قرابة 4 إيرانيين متورطين باغتيالات منذ تولي رشيدي مهامه الدبلوماسية في البلاد.
وأوضح المسؤول الأفغاني أن الحرس الثوري الإيراني على علاقة وثيقة بتلك الهجمات الإرهابية وعمليات الاغتيال.
وأشار إلى أن تحقيقات داخلية أكدت أن المنفذين على درجة عالية من التدريب والاحترافية، في الوقت الذي عرضت أجهزة أمنية إيرانية أكثر من 700 ألف دولار أمريكي مقابل هجوم واحد مستهدف.
وتورط القنصل الإيراني في هرات بنحو 80% من الهجمات التي كانت بخطط وتعليمات مسبقة من الحرس الثوري؛ فيما تشير السجلات الرسمية إلى أن طهران اعترفت، مطلع عام 2017، باعتقال 3 من مواطنيها على خلفية هجوم إرهابي دامٍ في ولاية قندهار (جنوب).
وطالب أفخمي رشيدي، في يناير/كانون الثاني 2017، السلطات الأفغانية بالكشف عن هوية الإيرانيين المتورطين حينها في تنفيذ هجمات قندهار الإرهابية، وفقا لوكالة أنباء الطلبة الإيرانية "إيسنا".
كابول وطهران تتشاركان حدودا بطول نحو 950 كم، فضلا عن علاقات ممتدة وشديدة التعقيد تاريخيا؛ فيما تخشى دوائر استخباراتية أفغانية مؤخرا من خطر مقاتلين مرتزقة جندتهم إيران ضمن مليشيات عسكرية تقاتل في الأراضي السورية قبل 7 سنوات، تحت قيادة مباشرة من جنرالات الحرس الثوري.
فيلق "فاطميون"، قوامه شباب أفغانيون ويتبع الحرس الثوري الإيراني، بات يشكل تهديدا بالغا لأمن أفغانستان، حسبما عبر عن هذا ضباط استخبارات أفغان سابقون خلال مؤتمر عُقد في نوفمبر/تشرين الثاني بالعاصمة كابول، حيث حذروا من أن عودة هؤلاء المقاتلين المرتزقة سيضر بالأمن القومي للبلاد، فضلا عن انخراطهم في الصراع الدائر بالداخل.
وعبرت دائرة رصد التهديدات في مجلس الأمن القومي الأفغاني عن مخاوفها من خطر فيلق فاطميون الذي دشنته طهران لإشراك مقاتليه في حرب بالوكالة عنها داخل سوريا، موضحة أن كابول تأثرت علاقتها سلبا مع بعض الدول بسبب تلك المليشيات التي تدعمها إيران، وفقا لإذاعة "صوت أمريكا" الناطقة بالفارسية.
ويتخوف خبراء أفغان من تكرار سيناريو مليشيات إيران الطائفية في أفغانستان على غرار سوريا، خاصة في ظل ما يتردد عن عودة مقاتلي "فاطميون" إلى كابول بعد أن اقتربت الحرب من وضع أوزارها في دمشق، وفق ما نقلت شبكة "دويتشه فيله" الألمانية.
وعلى صعيد متصل، وصف جنرال بارز بالجيش الأفغاني إيران بـ"العدو"، واتهمها علانية بممارسة الازدواجية في التعامل مع أفغانستان، على هامش مؤتمر عسكري عُقد في يوليو/تموز الماضي.
ونقل موقع "سلام نيوز"، الناطق بالفارسية، تصريحات أدلى بها الجنرال نور الله قادري، قائد القوات الأفغانية في غرب البلاد، التي انتقد فيها تدخلات طهران في بلاده، مشيرا إلى أن السلطات المحلية عثرت على أسلحة إيرانية الصنع تستخدم في هجمات ضد القوات الحكومية.
وتضطلع مليشيات الحرس الثوري الإيراني -ذراع طهران العسكرية خارج الحدود لتنفيذ مخططات تخريبية- بدور رئيسي في مدّ متمردين بالعتاد والسلاح، وفقا لما أعلنته السفارة الأمريكية لدى كابول في أبريل/نيسان الماضي.
وفي السياق نفسه، اعتبر رئيس الوزراء الأفغاني الأسبق قلب الدين حكمتيار أن إيران أكثر دولة أضرت بلاده، مشددا على أن التصدي لها يبدأ من كابول.
وأكد حكمتيار، في مقابلة مع صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية، ديسمبر/كانون الأول الجاري، أن طهران تتلاعب بأمن أفغانستان، مشيراً إلى أن الحل تجاه الزحف الإيراني يجب أن يكون أفغانيا، والانتخابات هي المَخرج من الأزمة.
وقال رئيس وزراء أفغانستان الأسبق إن إيران كان لها الدور الأكثر سلبية في أفغانستان، فهي توظّف أموالها لاستمرار الحرب في أفغانستان ومنع استقرارها، فضلا عن وجود قاعدة للحرس الثوري الإيراني داخل القصر الجمهوري في كابول، وكذلك تدخل حكومة طهران في تشكيل الحكومة الأفغانية والقوات الحكومية الأفغانية، وفقا لقوله.