هدى رؤوف
تسير إدارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي بخطى أبطأ في العودة لمحادثات خطة العمل الشاملة المشتركة، ويمكن القول إن مسار العودة للاتفاق النووي يتسم بسمات عدة، أولها أصاب مسار العودة للاتفاق النووي الجمود، وثانيها مزيد من الارتباك الذي تضيفه إيران.
ففي حين توقفت محادثات فيينا أربعة أشهر بطلب من طهران التي كانت تنتقل لمرحلة رئاسية جدية، نجد أنها تعلن بدء محادثات مع الاتحاد الأوروبي في بروكسل بشأن الملف النووي، في حين نفى الاتحاد الأوروبي أي محادثات في شأن الاتفاق مع إيران.
وبالنسبة إلى السمة الثالثة، فهي تنشيط الدبلوماسية للضغط على إيران، إذ توجه المبعوث الأميركي روبرت مالي إلى روسيا ودول الخليج، ثم سيتوجه إلى فرنسا لمناقشة الموقف الإيراني، وعلى الأغلب تستهدف الجولة مناقشة الخطط الاحتياطية مع حلفاء واشنطن في حال فشل المفاوضات.
وهناك لقاء أمني تم بين مسؤولي الأمن القومي الإسرائيليين والأميركيين لمناقشة التعامل مع الوضع الجديد.
أما أهم ملمح لمسار الاتفاق النووي فهو تقارب الرؤى الأميركية والإسرائيلية، فأخيراً بدأ الدبلوماسيون والمسؤولون في إدارة الرئيس جو بايدن الحديث عن خيارات أخرى للدبلوماسية، مطروحة للتعامل مع جمود الموقف.
الأهداف الإيرانية من حال الجمود واضحة ومتعددة، فطهران تسعى إلى إظهار التأني وأنها في وضع لا يدفعها إلى التنازل، كما أنها تستفيد من إطالة أمد جمود الاتفاق لإتاحة الفرصة لتخصيب مزيد من اليورانيوم وتصنيع أجهزة طرد مركزي، بحيث يتغير وضع قدراتها النووية عما كان عليه حين تم الاتفاق عام 2015، ومن ثم في مقابل الوضع الاقتصادي المتدهور، وتكون حققت تقدماً في نشاطها النووي.
والهدف الأخير من كل ما سبق هو أن تعمل على التفاوض مع الولايات المتحدة لفصل مسار الملف النووي والعودة لاتفاق حول الاقتصاد، أي أنها ستحاول الضغط من أجل عدم ربط الملف النووي بالعقوبات الاقتصادية كي لا تتعرض لوضع اقتصادي متدهور في حال تم إلغاء الاتفاق مرة أخرى، أو قررت، أي إيران، التخلي عنه.
على الجهة الأخرى، نشهد تصريحات من قبل المسؤولين الأميركيين تتحدث عن خيارات محتملة وواردة في ظل الجمود الإيراني، أي أنه إذا فشلت الدبلوماسية مع إيران فإن الولايات المتحدة مستعدة للجوء إلى خيارات أخرى لضمان عدم تطوير سلاح نووي.
هذا التصريح قيل حتى من روبرت مالي وأكثر المتحمسين في إدارة بايدن للحوار والدبلوماسية مع إيران، فقال مالي إن الولايات المتحدة ستكون مستعدة للتكيف مع واقع مختلف يتعين علينا فيه التعامل مع جميع الخيارات لمعالجة البرنامج النووي الإيراني إذا لم تكن مستعدة إلى العودة لقيود خطة العمل الشاملة المشتركة للعام 2015، كما جاء على لسان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن الوقت ينفد للعودة إلى الاتفاق.
إن المسؤولين الأميركيين يعبرون عن نفاد صبرهم، وتقوم إدارة بايدن بخطوات في اتجاه إسرائيل، فقد صرح بلينكن أن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، وأن الإدارة الأميركية تؤيد هذا الاقتراح، ولا تزال إسرائيل ترى أن العقوبات على إيران أفضل طريقة للضغط عليها للتخلي عن برنامجها النووي، مع الإبقاء على خيار عسكري على الطاولة والقيام بعمليات سرية ضد إيران، لا سيما أنها ترى سوء نية في تأجيل إيران العودة للمحادثات النووية، لذا تعتبر أنه هناك حاجة إلى ممارسة مزيد من الضغط على إيران مع استمرار إغلاق نافذة الفرصة أمام الولايات المتحدة للعودة إلى الاتفاق النووي لعام 2015، لهذا ستستمر إسرائيل في الضغط على الإدارة الأميركية من أجل مزيد من العقوبات مع الاحتفاظ بحريتها في التحرك منفردة أمام سعي إيران إلى مضاعفة قدراتها النووية، مستندة إلى اعتقادها بأن إدارة بايدن مترددة في المخاطرة بتقويض عودة إيران إلى المحادثات، كما أن بادين يحجم عن اتخاذ أي إجراء قد يدفع طهران إلى تسريع تخصيب اليورانيوم، وهو ما يحدث فعلياً.
