منى سالم الجبوري
في ضوء تصاعد المواقف الدولية المتشددة من المواقف السلبية التي صدرت عن نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية بخصوص دوره في المحادثات الجارية بشأن برنامجه النووي ولاسيما بعد صدور التقرير الاخير للوكالة الدولية للطاقة الذرية والذي أكد على إن طهران تسير في اتجاه معاكس لما يريدە منها المجتمع الدولي، أي إنه أكد على صدق المخاوف الدولية، ومع اقتراب موعد اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإن المخاوف تزداد بصورة ملفتة للنظر في الاوساط الحاكمة في طهران خصوصا من تبلور إجماع دولي صار حتى حليفهم الروسي يميل إليه ولاسيما بعد الانتقادات التي تجلت في التصريح الذي أدلى به نائب وزير الخارجية الروسي، ريابكوف والذي قال فيه محذرا طهران وداعيا إياها الى: "إظهار فهم جيد لاستئناف التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية".
النظام الايراني وطوال ست جولات من محادثات فيينا ومنذ أن تم تنصيب إبراهيم رئيسي كرئيس للجمهورية، فإنه يواصل نوعا من اللعب مع المجتمع الدولي يتميز بالمحافظة على الخيط الرفيع للمحادثات من دون قطعه من دون أن يقدم أي تنازل يٶكد مصداقيته بشأن المحادثات وحسن نيته، بل إنه يواصل المطالبة بحقوقه من دون أن يٶدي ما عليه من مهام والتزامات.
وهذا ما قد أثار على الدوام قلقا وتوجسا صار يزداد يوما بعد يوم وبشكل خاص بعد أن باتت المعلومات الواردة ومن مصادر مختلفة تٶكد على مواصلة النظام الايراني لمساعيه السرية المحمومة من أجل إنتاج القنبلة النووية.
ولا يبدو إن المجتمع الدولي صار مستعدا للإستماع الى المزيد من التصريحات الشاكية والباكية الواردة من طهران والتي تركز على رفع العقوبات الدولية أولا وعلى تأكيد مبهم وغير باعث على التصديق بشأن عدم نية النظام على القيام بأية مساع سرية، بل يبدو إن هناك في الافق ما يدل على تبلور نمط جديد من التعامل مع النظام الايراني يعتمد على سياسة حازمة ورادعة ولا تسمح له بالمزيد من التلاعب والمناورة والقفز على الحقائق.
النقطة المهمة جدا والتي يجب الانتباه إليها مليا، هي إن النظام الايراني يدرك جيدا بأن المجتمع الدولي جاد تماما في عدم السماح له بإمتلاك الاسلحة النووية وعزمه القاطع على وضع حد لبرنامجه النووي وحتى إن التصريحات التي أدلى بها غروسبي المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية عند عودته من طهران، تٶكد بأن الامور لن تجري أبدا كما يريد وينتظر النظام الايراني، وهو أمر لا يبدو إن الاخير يرغب به ويريده وهذا هو سبب مماطلاته وتسويفه وتهربه من الحقائق وسعيه من أجل مشاغلة مفاوضيه بأمور وقضايا فرعية وترك المسألة والقضية الجوهرية وهي التأكيد على سلمية برنامجه النووي ووضع حد نهائي لجانبه العسكري، ولكن هل يمكن للنظام الايراني أن يواصل مسعاه هذا على الرغم من المجتمع الدولي؟ هذا ما سنجد جوابه عما قريب.