Skip to main content

التصعيد الإيراني.. إلى أين؟

رئيسي
AvaToday caption
يلجأ نظام الملالي إلى ذلك لعجزه عن توفير حياة كريمة للشعب الإيراني الذي يعاني الفقر والبطالة في ظل انشغال النظام بدعم وتمويل أذرعه في الخارج لتحقيق أطماعه التوسعية
posted onAugust 7, 2021
nocomment

يحيى التليدي

عشية تولي المتشدد إبراهيم رئيسي منصب الرئاسة الإيرانية، برزت ملامح صدام إيراني-غربي على خلفية الهجوم المميت على ناقلة "ميرسر ستريت".

وتبع مهاجمة الناقلة "ميرسر ستريت"، المملوكة جزئيا لرجل أعمال إسرائيلي، اقتحام مسلحين لناقلة "أسفلت برنسيس"، التي ترفع علم بنما، لولا تدخّل سفن حربية أمريكية لإنقاذها.

تقارير عدة ذكرت أن إيران هي من تقف وراء هذه العمليات العدائية، وذلك لطبيعة الأسلحة التي استُخدمت فيها -"طائرات مسيرة"- والتي حللها خبراء وأكدوا أنها "إيرانية المصدر".

تطوّر خطير ينذر بانزلاق إيران وإسرائيل إلى مواجهة عسكرية، بعد شهور من "حرب الظل" بينهما في أعماق البحار، وأيضاً يشكّل ضربة جديدة لجهود إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لإحياء الاتفاق النووي، واحتواء التوترات في المنطقة.

هذه العمليات الإرهابية كشفت عن نقلة نوعية في مستوى التهديد الإيراني لأمن الملاحة الدولية، فالهجوم على سفينة "ميرسر ستريت" أظهر امتلاك إيران طائرات مسيرة حديثة تسمح لها بالرد في البحار، وحتماً ستكون هذه الطائرات في غاية الخطورة حال أصبحت بحوزة المليشيات التابعة للحرس الثوري الإيراني في العراق وسوريا ولبنان واليمن.

الأخطر من ذلك كله، أنه ليس أمام إيران سوى التصعيد لأسباب داخلية وخارجية.

داخلياً، يتسلم الرئيس الإيراني الجديد مهمته بعد موجة احتجاجات طالت بعض مدن البلاد، فالشعب الإيراني لم يعد يطالب فقط بتحسين أوضاعه المعيشية المأساوية، وإنما أصبح لا يرى خلاصاً إلا برحيل النظام برمته.

لذلك كالمعتاد، لا يمتلك النظام الإيراني خياراً آخر غير الهروب إلى خارج حدوده لعله يجد تعاطفاً شعبياً يحتاجه في الداخل أكثر من أي وقت مضى.

يلجأ نظام الملالي إلى ذلك لعجزه عن توفير حياة كريمة للشعب الإيراني الذي يعاني الفقر والبطالة في ظل انشغال النظام بدعم وتمويل أذرعه في الخارج لتحقيق أطماعه التوسعية.

خارجياً، لا تستطيع إيران إيجاد أي علاقة طبيعية مع أي من دول الجوار، فليس لديها سوى تصدير الطائفية ودعم الجماعات الإرهابية لخدمة مشروعها التوسعي، والتدخل في شؤون جيرانها والتآمر عليها وإذكاء نيران الصراعات الطائفية بالمنطقة، فحيثما حلت إيران يحل الخراب.

هذا غير أن إيران لم تستطع التعاطي مع الإدارة الأمريكية الجديدة، فقد فشلت في ذلك، ومن الواضح أن طهران ترفض الاعتراف بأن العالم تغير بين 2015 و2021، إ ذ تعتقد أن باستطاعتها التصعيد والضغط على مفاوضي الغرب في فيينا لفرض فصل تام بين ملفها النووي وصواريخها الباليستية وسلوكها المزعزع لأمن المنطقة.

إذاً لأسباب داخلية وخارجية اختارت إيران التصعيد، مع ما يعنيه ذلك من احتمالات خطيرة على أمن المنطقة، وما كان لها أن تواصل عملياتها التخريبية وترفع مستوى تهديداتها لولا تردد بعض القوى الدولية في مواقفها تجاه النظام الإيراني وممارساته.

ما حدث من هجوم على الناقلة "ميرسر ستريت" ومحاولة اختطاف الناقلة "أسفلت برنسيس" هو تهديد خطير لأمن وحرية الملاحة والتجارة الدولية وأمن الطاقة في واحدة من أكثر مناطق العالم حساسية للأزمات العسكرية، والتغاضي عن مثل هذه الانتهاكات والتجاوزات يشجع على تكرارها، سواء من إيران أو غيرها.

لذا فقد آن الأوان كي يدرك المجتمع الدولي خطر استمرار العربدة الإيرانية، وأن تدرك القوى الكبرى حدود مسؤولياتها الدولية لوقف التصعيد الإيراني، الذي يهدد اقتصاد العالم بأسره، وأن يدرك النظام الإيراني كذلك أن انتهاك القانون الدولي لن يبقى دون ردع حازم.