هدد الأمين العام لحزب اللبناني الله حسن نصرالله الثلاثاء بالتفاوض مباشرة مع إيران لتزويد لبنان بالوقود فيما تشهد البلاد أزمة محروقات حادة قائلا "يجب أن تبقى الدولة ولكن حين يأتي وقت تتوقف فيه عن تحمل مسؤوليتها وحين نصل إلى مكان لا يعود هناك فيه حل فيما الذل يستمر، فإننا نحن في حزب الله سنذهب إلى إيران ونتفاوض مع الحكومة الإيرانية".
وأضاف "هم (الايرانيون) موافقون وسنشتري بواخر بنزين ومازوت ونأتي بها إلى ميناء بيروت ولتمنع الدولة اللبنانية إدخال البنزين والمازوت إلى الشعب"، مضيفا أن "مشهد الإذلال هذا لم يعد يمكننا أن نتحمله لناسنا ولشعبنا".
وأطل نصرالله اليوم الثلاثاء على اللبنانيين في كلمة متلفزة بمناسبة تأسيس قناة المنار التابعة للحزب، بعد آخر ظهور له في 25 مايو/ايار الماضي وقد بدا عليه الوهن والمرض وانتشرت على إثره شائعات حول وضعه الصحي.
وفي أول ظهور له مطمئنا أنصار حزبه على صحته، دعا نصرالله حكومة تصريف الأعمال إلى اتخاذ "قرار جريء" بشراء الوقود من إيران لوضع حد لأزمة محروقات تشهدها البلاد، مشددا على أن حزبه سيستورد البنزين من طهران في حال عجزت السلطات عن إيجاد حل.
ويدفع حزب الله لفتح منافذ أوسع للتمدد الإيراني في لبنان مستغلا الأزمة والاقتصادية وحالة الجمود السياسي التي عززت نفوذها وجعلته يلعب خلال الأشهر القليلة الماضية دور الدولة بتوفير مواد غذائية وتخزين الوقود بمساعدة من إيران.
ويقول محللون إن حزب الله يعتبر اكبر المستفيدين من الأزمة الراهنة وأنه يستنسخ تجربة الحرس الثوري الإيراني الذي بنى إمبراطورية اقتصادية ضخمة خلال فترة العقوبات التي فرضتها واشنطن على إيران والتي انتهت في 2015 بعد توقيع الاتفاق النووي قبل أن يعيد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب فرضها بعد تحلله في العام 2018 من الاتفاق النووي.
ويشهد لبنان منذ أشهر أزمة محروقات ارتفعت خلالها أسعار الوقود تدريجيا وازدادت حدتها الأسابيع الماضية، وبات اللبنانيون ينتظرون في طوابير طويلة أمام محطات الوقود، التي اعتمدت سياسة التقنين في توزيع البنزين والمازوت.
ووصف نصرالله مشهد الطوابير بـ"المهين" للسكان. وقال إن "هذا الموضوع يمكن معالجته اليوم لكنه بحاجة إلى قرار سياسي جريء وقرار شجاع"، مضيفا "إن قبل لبنان حالا، تتحرك بواخر البنزين والمازوت من إيران وتأتي إلى لبنان.. هذا أمر متاح".
واعتبر أن السلطات اللبنانية غير قادرة على اتخاذ هذا القرار جراء ضغوط من الولايات المتحدة، التي تفرض عقوبات اقتصادية حادة على طهران وتلتزم المؤسسات المصرفية اللبنانية بهذه التدابير.
ويعاني لبنان منذ صيف 2019 من انهيار اقتصادي فقدت خلاله الليرة اللبنانية أكثر من 85 بالمئة من قيمتها. وبات أكثر من نصف السكان تحت خط الفقر. وبدأ احتياطي المصرف المركزي اللبناني بالدولار يتضاءل.
وتدرس السلطات، بدفع من المصرف المركزي، منذ أشهر ترشيد أو رفع الدعم عن استيراد السلع الرئيسية كالطحين والوقود والأدوية.
وحذر البنك الدولي الأسبوع الماضي من أن أزمة لبنان الاقتصادية والمالية تُصنّف من بين أشدّ عشر أزمات وربما من بين الثلاث الأسوأ منذ منتصف القرن التاسع عشر، منتقدا التقاعس الرسمي عن تنفيذ أي سياسة إنقاذية وسط شلل سياسي.
ولبنان لم يقر موازنة العام 2021 بسبب الأزمة الراهنة ولأن الحكومة التي تدير شؤون الدولة حكومة تصريف أعمال بينما تعثر تشكيل الحكومة الجديدة بسبب خلافات حادة بين رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري الذي تم تسميته لهذه المهمة في أكتوبر/تشرين الأول 2020 والرئيس اللبناني ميشال عون.
وتتهم مصادر محلية السلطة الراهنة بكافة رموزها بأنها منشغلة في تأمين مصالحها ونفوذها وان آخر اهتمامها هو حل الأزمة الراهنة، بينما يشير محللون إلى دور خفي يلعبه صهر عون ورئيس تيار الوطني الحر جبران باسيل الذي شغل في السابق حقيبة الخارجية ويتهمه المحتجون بالفساد.
ويتردد كذلك في لبنان أن الرئيس عون يحضّر صهره لخلافته، بينما يواجه المسيحيون الذين منحهم اتفاق الطائف منصب الرئاسة، انقسامات حادة فشق كبير بقيادة سمير جعجع على خلاف مع الرئيس اللبناني ويرفض أي مسعى منه للدفع بصهره (باسيل) للرئاسة.