رد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو الأربعاء على طلب نظيره الأميركي أنتوني بلينكن بالتخلي عن صفقة الصواريخ الروسية اس-400، بأن الصفقة تمت ولا رجعة فيها في أحدث مستجدات ستسمم جهود التهدئة الأخيرة لخفض التوتر بين أنقرة وواشنطن.
وحث بلينكن أنقرة خلال اجتماعه بنظيره التركي الأربعاء في بروكسل، على عدم الإبقاء على منظومة الصواريخ الروسية التي اشترتها تركيا قبل نحو سنتين من روسيا وأثارت غضب واشنطن آنذاك واستجلبت لأنقرة عقوبات أميركية.
ورد جاويش أوغلو على نظيره الأميركي بشأن صفقة الصواريخ الروسية بأن شراء أنقرة منظومة الدفاع اس-400 "صفقة منتهية"، أي أنها تمت بالفعل وباقية، وأضاف أن أعضاء حلف شمال الأطلسي يحتاجون لخارطة طريق لحل خلافاتهم.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان إن "بلينكن حث أنقرة خلال اجتماع مع نظيره التركي اليوم الأربعاء على عدم الاحتفاظ بمنظومة الدفاع الجوي الروسية اس-400".
وجمع جاويش أوغلو ببلينكن لقاء على هامش اجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء في مقر حلف شمال الأطلسي "ناتو" بالعاصمة البلجيكية بروكسل، في محاولة لتهدئة التوتر وتسوية الخلافات بين الطرفين، حيث بحث الوزيران العلاقات الثنائية وقضايا إقليمية.
ومضت تركيا في العام 2019 في استلام الصفقة الروسية رغم احتجاجات واشنطن التي ترى أنها تتناقض مع ترتيبات حلف شمال الأطلسي وتركيا عضو فيه، متجاهلة التحذيرات الأميركية آنذاك من أن شراء إس-400 عرضة لقانون مكافحة أعداء أميركا من خلال العقوبات" الذي ينص على فرض عقوبات اقتصادية على أي كيان أو بلد يبرم عقود تسليح مع شركات روسية.
وفعلا فرض الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب قبل مغادرته البيت الأبيض عقوبات شملت هيئة الصناعات الدفاعية التركية ومديرها إسماعيل دمير وثلاثة موظفين آخرين وتم أيضا تعليق برنامج طائرات إف-35 الأميركية الذي تشارك فيه تركيا.
ويأتي حث بلينكن لأنقرة على عدم الإبقاء على منظومة الصواريخ الروسية في وقت بلغ فيه التوتر بين موسكو وواشنطن أشده بعد أن وصف الرئيس الأميركي جو بايدن نظيره الروسي فلاديمير بوتين بالقاتل ورد الأخير متهكما على بايدن.
وتقف أنقرة عالقة بين التوتر الأميركي الروسي، فيما تحرص موسكو على زيادة نفوذها باستقطاب تركيا لإضعاف نفوذ واشنطن، بينما تحولت تركيا ساحة لصراع النفوذ بين البلدين في المنطقة، حيث يظهر جليا أن أنقرة تدفع ثمن خيارات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان السياسية الخاطئة.
تأثرت العلاقات بين واشنطن وأنقرة إلى حد التوتر بعد شراء منظومة 'اس-400' رغم اعتراضات واشنطن، وفاقمت العقوبات الأميركية أزمات تركيا المتناثرة سياسيا واقتصاديا.
وتركيا العالقة في نزاعات خارجية وورطت نفسها في تحالفات متناقضة فلا هي قادرة على الخروج من مستنقعي الصراع في سوريا ومواجهة تداعيات تدخلها بليبيا والهروب من تتبعات محتملة بشأن تدخلاتها العسكرية ولا هي قادرة على موازنة العلاقات بين الخصمين موسكو وواشنطن.
وجاء التوتر بين أنقرة وواشنطن خاصة مع قدوم إدارة بايدن بينما تكابد تركيا لإعادة ترميم علاقاتها الخارجية مدفوعة بتردي وضعها الاقتصادي نتيجة الخصومات التي أثارها أردوغان مع الحلفاء والشركاء الغربيين.
وطغت على لقاء اليوم الأربعاء بين بلينكن وجاويش أوغلو مجاملات لا يمكن أن تحجب حجم لتوتر القائم بين أنقرة وواشنطن، فيما تبدي الأخيرة قلقها بشأن وضع الديمقراطية وحقوق الإنسان وممارسات القمع في تركيا وتدخلاتها العسكرية في أكثر من جبهة صراع وانتهاكاتها في مياه شرق المتوسط.
حيث أفاد بيان الخارجية الأميركية أن بلينكن عبر أيضا عن قلقه بشأن انسحاب تركيا من اتفاقية إسطنبول لحماية المرأة من العنف ومكافحة العنف الأسري.
وشمل لقاء الوزيرين أيضا نقاشات حول المصالح المشتركة في سوريا وأفغانستان والمحادثات الاستكشافية بين تركيا واليونان والديمقراطية وحقوق الإنسان.
وبحث الوزيران خلال لقائهما العلاقات الثنائية وقضايا إقليمية، إضافة لتبادل وجهات النظر حول سوريا وليبيا وشرقي المتوسط.
وكانت واشنطن قد نددت الأسبوع الماضي بانتهاكات تركيا للديمقراطية وحقوق الإنسان بعد مضيها في خطوات حظر الشعوب الديمقراطي المعارض وتجريد عضو برلمان يمثل الحزب من منصبه ثم اعتقاله، وانسحابها من اتفاقية حماية المرأة من العنف، في خطوات أثارت أيضا قلقا دوليا واسعا.