Skip to main content

بايدن أمام حقائق لتجنب حيل إيران

إيران تسعى وراء الأسلحة
AvaToday caption
لدى واشنطن وطهران قيم ومصالح مختلفة، ولن يؤدي أي قدر من الاسترضاء الدبلوماسي أو الرشوة الاقتصادية من الولايات المتحدة إلى تحويل النظام الراديكالي في طهران إلى شيء ليس كذلك
posted onDecember 7, 2020
nocomment

حتى اللحظة، لا أحد يعرف على وجه اليقين كيف أن اغتيال إسرائيل لأكبر عالم نووي إيراني محسن فخري زادة، سيشكل آفاق العلاقات الأميركية مع طهران في عهد الرئيس المنتخب جو بايدن وما إذا كان “النظام الخبيث”، كما وصفه لورنس ج. هاس، وهو زميل في مجلس السياسة الخارجية الأميركية، سيسعى للتسوية أم أن النظام المتحدي سيضاعف مساعيه النووية وأذى المنطقة.

وعلى أساس أن المشكلة الرئيسية حاليا في المنطقة المضطربة، والتي لم تهدأ منذ أكثر من سبعة عقود، فقد باتت إيران هي محور اهتمام الجميع، وخاصة القوى الأكبر على مستوى العالم، بيد أن التهاون معها أحيانا من قبل الإدارات الأميركية التي رأت أن الحل الأمثل هو احتواؤها دبلوماسيا، ما جعلها تتمرد على القيود بمساعدة حلفاء لها، وحتى وإن كانت تدار في الخفاء.

لكن اليوم يبدو أن بايدن عليه مواجهة حقائق الواقع التاريخية والتي لطالما انتهجها النظام الإيراني حتى يطور برنامجه النووي، وهنا تكمن التحديات في عدة نقاط شرحها هاس في تحليل نشره موقع “ذا ناشيونال إنترست” الأميركي باستفاضة وهي بمثابة الطريقة التي يمكن أن يتبعها الرئيس القادم في البيت الأبيض لمحاصرة طهران.

فهم أعمق للمشكلة

كان الرئيس الأميركي الجديد قد أكد مرارا وتكرارا أنه يخطط لإعادة الولايات المتحدة إلى الاتفاقية النووية العالمية لعام 2015 مع إيران - إذا وافقت الأخيرة على عكس المسار والالتزام بقيودها- والسعي للمزيد من المحادثات مع طهران لتعزيز الاتفاقية. والتصدي لأنشطة إيران الأخرى المزعزعة للاستقرار.

ويعتقد هاس مؤلف كتاب “هاري وآرثر: ترومان وفاندنبرغ والشراكة التي خلقت العالم الحر” أن ما يقوله بايدن في العلن أمر جيد، وذلك بالنظر إلى ما ركز عليه في حملته الانتخابية، فقط من أجل أن يكون مختلفا عن منافسه الجمهوري دونالد ترامب.

ولكن بينما يستعد بايدن لإطلاق أحدث تغيير في نهج الولايات المتحدة المتقلب رأسا على عقب للنظام الإيراني، يحتاج هو وفريقه القادم إلى رؤية طهران واللاعبين الرئيسيين الآخرين في المنطقة والديناميكيات المتطورة في ما بينهم من خلال العيون، وليس النظارات الوردية من الآمال الغربية.

وبالتالي، فإن بايدن عليه أن يترك الفكرة القديمة حول إيران حينما كان نائبا لأوباما، ويبدأ في شحذ جهوده مع فريق إدارته من أجل التركيز على أربع حقائق أساسية ستواجهها وهي تسعى إلى إعادة تشكيل العلاقات الأميركية الإيرانية.

ويرى هاس أن النظام الإيراني كما كان دائما لا يزال “قوة خبيثة” بطبيعتها في الداخل والخارج، فهو نظام مولود من ثورة أيديولوجية في حركته، ومهيمن في تطلعاته، وحاقد في سلوكه وهذه الدولة الشيعية، تسعى إلى زعزعة استقرار الحكومات السنية في المنطقة.

وليس هذا فحسب، بل وترعى الجماعات الإرهابية، التي تهدد البلدان الأوروبية والولايات المتحدة، وتسعى للحصول على أسلحة نووية وباليستية، وغيرها من الأسلحة لترهيب أو استخدام خصومها.

ولدى واشنطن وطهران قيم ومصالح مختلفة، ولن يؤدي أي قدر من الاسترضاء الدبلوماسي أو الرشوة الاقتصادية من الولايات المتحدة إلى تحويل النظام الراديكالي في طهران إلى شيء ليس كذلك.

ويكاد يجزم المحلل هاس أن الولايات المتحدة لن تحقق أكثر من سلام بارد مع إيران، وبالتأكيد ليس هناك أفضل من السلام البارد لانفراج بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، وعليها أن تسعى لتحقيق أهدافها وفقا لذلك. أما النقطة الثانية، فتتمثل في الصفقة النووية، التي تبدو غير كافية في شكلها الحالي، مما يثير التساؤل حول كيفية تعامل بايدن معها.

وإذا كانت خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015، كما هو معروف رسميا، قد تم تصميمها لإغلاق جميع السبل الإيرانية أمام قنبلة نووية، فإنها تفعل ذلك -في أحسن الأحوال- بشكل مؤقت فقط، وذلك لأن جميع القيود المفروضة على الأنشطة النووية الإيرانية ستنتهي على مدار عقد تقريبا.

ويقول بايدن إنه سيعيد الانضمام إلى خطة العمل الشاملة المشتركة، التي تركها ترامب في 2018، ويسعى أيضا إلى اتفاق أقوى وأطول، لكن السؤال يتعلق بالتوقيت، فإذا عاد إلى الصفقة على أمل التفاوض لاحقا على خطة العمل الشاملة المشتركة، فقد يواجه طهران عنيدا قانعا باستغلال الثغرات الكبيرة في الصفقة الحالية أو انتظار انتهاء قيودها أو كليهما.

وربما، بدلا من الانضمام مجددا إلى خطة العمل الشاملة المشتركة الحالية، ينبغي على الرئيس القادم أن يسعى فورا إلى اتفاقية جديدة مع نظام يريد تخفيف العقوبات الأميركية التي تعيق اقتصاده المنهار.

والأكيد أن كل المؤشرات تصب نحو بقاء الشرق الأوسط في دائرة التوترات والصراعات لأن التطورات الأخيرة، بما فيها التطبيع العربي مع إسرائيل، تجعل من المنطقة ساحة لتصفية الحسابات السياسية والعسكرية والاستخباراتية والاقتصادية وغيرها.

ماذا عن المنطقة

منذ انسحاب الولايات المتحدة من خطة الاتفاق النووي، تصاعدت التوترات بين الولايات المتحدة وإيران، وبينما انتهجت إدارة ترامب استراتيجية “الضغط الأقصى” لجلب إيران إلى طاولة المفاوضات، بدأت طهران في انتهاك قيود خطة العمل الشاملة المشتركة على برنامجها النووي.

وصنفت واشنطن في أبريل من العام الماضي الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية، وهي المرة الأولى التي صنفت فيها الولايات المتحدة جزءا من حكومة أخرى على هذا النحو. وبعد شهر منذ ذلك التاريخ أشارت معلومات استخباراتية إلى أن إيران وميليشياتها كانتا تستعدان لمهاجمة القوات الأميركية في العراق وسوريا وعليه نشرت واشنطن قاذفات B-52 بي-52 ذات القدرة النووية، ومجموعة حاملة طائرات هجومية، وبطاريات صواريخ باتريوت إضافية في الشرق الأوسط.

وهذه مجرد أمثلة للتوترات بين البلدين، وهنا يلفت هاس في تحليل إحدى نقاطه الأربع الأنظار إلى أن إسرائيل في حالة حرب مع إيران، ولن يغير ذلك أي اتفاق نووي جديد أو تقارب بين الولايات المتحدة وإيران. ويقول إن حرب إسرائيل مع إيران أكثر سخونة من الحرب الباردة من الطراز الأميركي-السوفييتي، لكنها ليست ساخنة مثل حريق واسع النطاق.

وتهدد إيران بتدمير إسرائيل، وتسعى وراء الأسلحة للقيام بذلك، وتسليح حلفائها الإرهابيين بأسلحة متطورة بشكل متزايد، وتسعى إلى وجود عسكري أقرب إلى حدود إسرائيل من خلال ترسيخها في سوريا. في المقابل، إسرائيل تسعى لعرقلة مساعي إيران النووية باغتيال علمائها وتخريب منشآتها، وتقصف المنشآت العسكرية التي تبنيها إيران في سوريا وقوافل الأسلحة التي تنظمها.

وقد أثار بايدن غضب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من خلال تعهده بالانضمام إلى خطة العمل الشاملة المشتركة، لكن إذا لم تستطع القدس أن تخبر واشنطن كيف تعالج قضية التطلعات النووية الإيرانية، فلا ينبغي لواشنطن أن تخبر إسرائيل كيف تحمي نفسها من دولة تسعى إلى تدميرها.

أما العامل الرابع الذي يجب أن يتفطن إليه بايدن ويضعه ضمن حسابات سياساته الخارجية المستقبلية هو أن قدرة إسرائيل على مهاجمة برنامج إيران النووي من داخل البلاد هي أحد الأصول التي يمكن للولايات المتحدة استغلالها على النحو الأمثل.

وقد لا يتفق بايدن ونتنياهو أبدا على خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي)، لكن العلاقات الأميركية-الإسرائيلية، التي تمر اليوم بمرحلة فتور، لا تحتاج إلى العودة إلى الأيام الباردة عندما اشتبك الرئيس أوباما، الذي قاد اتفاق 2015 المثير للجدل، ونتنياهو علانية.

وفي الحقيقة، بحسب المحلل هاس، أن قدرة إسرائيل على ضرب البرنامج النووي الإيراني يمكن أن تخدم مصالح كل من الولايات المتحدة وإسرائيل في الوقت نفسه.

ومع ضعف اقتصاده بشدة بسبب العقوبات الأميركية، مما أدى إلى تأجيج المعارضة المحلية المتزايدة التي يمكن أن تهدد سيطرة طهران على السلطة، قد يكون النظام الإيراني -هذا احتمال وارد- على استعداد للنظر ليس فقط في قيود متجددة ولكن أقوى على مساعيه المتعلقة بالطاقة النووية. وقد تكون واشنطن الذكية قادرة على استخدام التهديد بالمزيد من الإجراءات الإسرائيلية لدفع طهران إلى اتفاق ببنود أقوى من سابقتها