حققت الولايات المتحدة وشركاؤها في التحالف الدولي العام الماضي خطوات كبيرة في هزم المنظمات الإرهابية الدولية وإضعافها، حسب ما ذكره التقرير السنوي عن الإرهاب في العالم عام 2019 الذي أصدرته وزارة الخارجية الأميركية، الأربعاء، ومع ذلك مازالت الجهود الدولية غير كافية في ظل إصرار دول مثل إيران على رعاية الإرهاب، وتغذية النزاعات بدعم من وكلائها بالمنطقة أملا في تطبيق كامل لأجندتها التوسعية.
ويقدّم التقرير، الموجّه إلى الكونغرس، قراءة للاتجاهات والأحداث في مجال الإرهاب الدولي على امتداد عام كامل. ويحلل السياسات ذات الصلة ويضع تقييمات التعاون بين الحكومات الأجنبية في مجال مكافحة الإرهاب على أساس كل بلد على حدة.
ويحتوي على معلومات عن الدول الراعية للإرهاب والملاذات الآمنة للجماعات الإرهابية ومتابعة للتحدي الذي يمثله الإرهاب الكيميائي والبيولوجي والإشعاعي والنووي، ينتهي بوضع قائمة تضم المنظمات الأجنبية المصنفة إرهابية، بالإضافة إلى فصل يحدد المتطلبات التشريعية والمصطلحات الرئيسية في التعامل مع قضايا الإرهاب وملفاته.
وأوضح السفير ناثان سيلز منسق مكتب مكافحة الإرهاب الأميركي في تقديمه للتقرير أنه بالإضافة إلى التعاون مع التحالف الدولي لهزْم تنظيم الدولة الإسلامية، في مارس 2019، أتمت الولايات المتحدة القضاء على ما يسمى بـ”الخلافة” في العراق وسوريا. وفي أكتوبر قامت الولايات المتحدة بعملية عسكرية أسفرت عن مقتل أبوبكر البغدادي، زعيم داعش.
وفي ذات السياق، أعلنت الولايات المتحدة، الأربعاء، مضاعفة المكافأة المعروضة في مقابل الحصول على أي معلومات تتيح القبض على الزعيم الجديد لتنظيم الدولة الإسلامية، لتصل بذلك قيمة هذه المكافأة إلى عشرة ملايين دولار.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان إن أمير محمد سعيد عبدالرحمن المولى “ساعد في ارتكاب وتبرير اختطاف أفراد الأقليات الدينية اليزيدية في شمال غرب العراق وذبحهم والمتاجرة بهم”. وكانت واشنطن وضعت الزعيم الجديد للتنظيم في مارس على لائحتها السوداء “للإرهابيين الدوليين”.
وكجزء من حملة الضغط القصوى ضد النظام الإيراني، فرضت الولايات المتحدة وشركاؤها عقوبات جديدة على طهران ومن يعملون بالوكالة لصالحها. وفي أبريل العام الماضي صنفت الولايات المتحدة الحرس الثوري الإيراني، بما في ذلك فيلق القدس، منظمةً إرهابية أجنبية، وهي المرة الأولى التي يطبق فيها مثل هذا التصنيف على كيان تابع لحكومة أخرى. وطوال العام، انضمت دول في أوروبا الغربية وأميركا الجنوبية إلى الولايات المتحدة وصنفت حزب الله الذي تدعمه إيران جماعةً إرهابية.
لكن على الرغم من هذه النجاحات، ما زالت التهديدات الإرهابية الخطيرة موجودة في مختلف أنحاء العالم، وحتى مع فقدان جماعة داعش لزعيمها وأرضها، تكيفت لمواصلة القتال بواسطة العناصر التابعة لها في أنحاء العالم وبتحريض أتباعها على القيام بهجمات. ففي أفريقيا اعترفت جماعة داعش رسميا بعدد من الفروع والشبكات الجديدة في عام 2019، وكانت الجماعات التابعة لداعش نشطة في أنحاء القارة، بما في ذلك منطقة الساحل، وبحيرة تشاد، وشرق أفريقيا. وفي جنوب، وجنوب شرق آسيا، نفذت الجماعات التابعة لداعش هجمات وحرضت غيرها على القيام بذلك أيضا.
على صعيد آخر، أسفرت الهجمات التي تمت بتحريض من داعش في سريلانكا في عيد الفصح عن مقتل أكثر من 350 من الضحايا الأبرياء، بما في ذلك خمسة من المدنيين الأميركيين.
لم يختلف تقييم وزارة الخارجية الأميركية لإيران كدولة داعمة للإرهاب عن تقييم السنوات الماضية، حيث احتلت إيران موضعا مهما على قائمة الدول التي تجاوزت الخطوط الحمراء في ما يتعلق بالتهديد الإرهابي.
وذكر التقرير أن النظام الإيراني ومن يعملون بالوكالة لصالحه واصلوا تخطيط هجمات إرهابية والقيام بها على نطاق عالمي. وفى الماضي، كانت إيران تنفق حوالي 700 مليون دولار سنويا لدعم الجماعات الإرهابية، بما في ذلك حزب الله وحماس، رغم أن قدرتها على تقديم الدعم المالي في عام 2019 أصبحت مقيدة نتيجة العقوبات الأميركية التي أصابتها بالشلل.
وكان النظام الإيراني مرتبطا ارتباطا مباشرا بالتخطيط للإرهاب من خلال الحرس الثوري الإيراني ووزارة المخابرات والأمن، بما في ذلك القيام بمؤامرات في السنوات الأخيرة في شمال وجنوب أميركا، وأوروبا، والشرق الأوسط، وآسيا، وأفريقيا.
كما واصلت إيران السماح لشبكة تسهيل تابعة لتنظيم القاعدة بالعمل في إيران، حيث تقوم بإرسال المال والمقاتلين إلى مناطق الصراع في أفغانستان وسوريا، وما زالت تسمح لعناصر القاعدة بالإقامة في إيران. وقد واصل النظام الإيراني تأجيج العنف، بصورة مباشرة وعن طريق الوكلاء في البحرين والعراق ولبنان وسوريا واليمن.
وأشار التقرير إلى دور عملاء طهران في قتل المعارضين الإيرانيين في الخارج، وقال “كما في السنوات الماضية، واصلت الحكومة الإيرانية دعم المؤامرات الإرهابية لمهاجمة المعارضين الإيرانيين في عدة دول أوروبية”.
بدوره، حذر وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الأربعاء من خطورة إلغاء حظر السلاح المفروض على إيران، مذكرا العالم بعلاقة طهران مع التنظيمات الإرهابية، ومنها تنظيم القاعدة، لافتا إلى أن إيران تواصل السماح لعناصر القاعدة بالإقامة على أراضيها.
في عام 2019، طاردت الولايات المتحدة وشركاؤها تنظيم القاعدة في أنحاء العالم. وواجه التنظيم انتكاسة كبيرة مع مقتل زعيمه المنتظر حمزة بن لادن نجل أسامة بن لادن. ومع ذلك، ظلت الجماعات والقوى المرتبطة به قادرة على التحرك واستمرت في تهديد أفريقيا والشرق الأوسط ومناطق أخرى.
وتعتبر حركة الشباب في القرن الأفريقي، وجماعة أنصار الإسلام والمسلمين في الساحل، وهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة في سوريا سابقا) من ضمن الجماعات الإرهابية الأكثر نشاطا وخطورة. وفي ديسمبر الماضي، قام أحد الأفراد بإطلاق النار على محطة بينساكولا الجوية التابعة للبحرية في فلوريدا، التي كان يتلقى تدريبا فيها، مما أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة ثمانية. وقبل إطلاق النار، كان هذا الشخص قد نسق مع جماعة القاعدة في شبه الجزيرة العربية، التي أعلنت مسؤوليتها عن الهجوم. وفى الوقت الحالي يستغل تنظيم القاعدة انشغال العالم بمكافحة كورونا، والثغرات الأمنية العالمية لتجنيد عناصر جديدة، وجمع الأموال، والتخطيط للقيام بهجمات.
لم تكن ظاهرة “الإرهاب الأبيض” غائبة عن التقرير الأميركي، حيث أشار السفير سيلز إلى أن التهديد الذي يمثله الإرهاب ذو الدوافع العنصرية أو العرقية، خاصة إرهاب الجماعات الداعية إلى تفوق العرق الأبيض، ما زال يعتبر تحديا خطيرا للمجتمع الدولي. واستمرارا لاتجاه بدأ في عام 2015، كانت هناك هجمات إرهابية عديدة ذات دوافع عنصرية أو عرقية في أنحاء العالم، بما في ذلك في كرايست تشيرش بنيوزيلندا، وهالة بألمانيا، وإل باسو بتكساس.
وأكد السفير سيلز في نهاية تقديمه للتقرير على أنه وسط هذا الوضع من التهديد المتنوع والديناميكي، واصلت الولايات المتحدة دورها الدائم منذ وقت طويل كقائدة للعالم في مجال مكافحة الإرهاب، بقيامها بأعمال حاسمة لمحاربة هذه التهديدات وحشد حلفائها وشركائها للمساهمة في محاربة الإرهاب.
وجددت الولايات المتحدة دعوة الدول الأخرى إلى أن تحذو حذوها في ما يتعلق باستعادة مواطنيها من مناطق الصراع، كما ساعدت عددا من الشركاء في القيام بذلك. وأرسلت وزارة الخارجية فرقا فنية إلى الأردن، وكازاخستان، وكوسوفو، وقرغيزستان، والمالديف، وشمال مقدونيا، وترينداد وتوباجو للمساعدة في وضع بروتوكولات وبرامج فعالة لإعادة تأهيل ودمج أفراد عائلات المقاتلين الإرهابيين الأجانب بعد عودتهم إلى بلادهم.