بازبدە بۆ ناوەڕۆکی سەرەکی

العِمامَة.. التي هددَ بها البَطاط

واثق البطاط
AvaToday caption
فقد سبق وسُئل البطاط: إذا نشبت حرب بين العراق وإيران مع مَن ستكون؟ أجاب بلا تردد «مع إيران»! وتبريره لأنها «دولة الإسلام»! ليس موقف البطاط منفرداً، إنما موقف جماعي للإسلام السِّياسي كافة
posted onJune 5, 2019
noبۆچوون

رشيد الخيّون

هدد صاحب العِمامة السَّوداء، واثق البَطاط، والمعُرف أنه قائد «جيش المختار»، ضابط الشّرطة، بالصَّوت والصَّورة، بما يُعد وثيقة تهديد بالقتل، والتي ربَّما لم يقرأ المعمم البطاط الحديث النَّبوي: «إياكم والمثلة ولو بالكلب العقور» (الفخري، الآداب السُلطانية)، وهو حديث مشهور في أحاديث الشيعة والسُّنة، ذُكر كثيراً في حادثة اغتيال علي بن أبي طالب (40هـ). أقول ذلك كي لا يتعذر البطاط بأنه غير معني بالحديث، وهو حسب تهديده يعتمر عمامة النّبوة والإمامة معاً.

يُقدم البَطاط نفسه قائداً لـ«جيش المختار»(نسبة للمختار الثقفي)، ومعلوم ما لاسم الميليشيا من علاقة بالثَّأر، ومِن هذا الموقع يمكن أن يؤخذ التهديد على محمل الجد، أو لأنه صاحب عِمامة فيؤخذ تهديده فتوى قتل وتمثيل معاً، توضع بأيدي الغوغاء مِن منزوعي العقول والأفئدة، يعتقدون أن ما يصدر مِن أصحاب العَمائم، السُّود على وجه الخصوص، ملزمين بتنفيذه، شأنهم شأن الانتحاريين يقتلون أنفسهم وغيرهم استجابة لفتوى، فكيف بالمجتمعين حول أعواد منابر زملاء واثق البطاط، كلّ هذه السنين.

جاء في تهديد البطاط (15 أبريل 2019) للضابط ولكلّ مِن يتجرأ على التعرض بالتفتيش لصاحب عِمامة، لأنها عِمامة النُّبوة والإمامة: «والله العظيم، ونبيه الكريم، نخلع عيونك، ونسوي رأسك نفاضة جكاير (سجائر)، ونسحلك أنت والمجموعة التي معك، وعوائلكم، نعتبر تعرضكم لعِمامة رسول الله تعرض للنبوة والإمامة، وتعرض للقيادة...»! والقيادة عند البطاط هي لـ«الولي الفقيه»! فقد سبق وسُئل البطاط: إذا نشبت حرب بين العراق وإيران مع مَن ستكون؟ أجاب بلا تردد «مع إيران»! وتبريره لأنها «دولة الإسلام»! ليس موقف البطاط منفرداً، إنما موقف جماعي للإسلام السِّياسي كافة.

كانت ولاية الفقيه، عند مرشد الثورة الخميني (ت1989)، والرَّجل ليس له فضل بوجودها، إنما أول ما قيلت في الزَّمن الصَّفوي مِن قِبل شريك الشَّاه الصفوي في الحكم، الشيخ علي عبدالعال الكركي العاملي (ت940هـ) عندما نَظر لنيابة الإمام الفقيه، وكان هو النَّائب (كتاب الأكوش «التيه الفقهي»)، وجاءت عن وراثة الفقيه لعلم النَّبوة والإمامة، بشكل أكثر وضوحاً، عند أحمد النَّراقي (ت 1245هـ) في العهد القاجاري (النراقي، عوائد الأيام). لكن يعود للخميني فضل تطبيقها في العصر الحديث، والأكثر الفضل لمُقترح تطبيقها حسين منتظري (ت2009)، بشخص الخميني. هذا ما يخص وراثة السياسة، لكن ما شأن وراثة العِمامة، ومحاولة قود النّاس بها، على أنها عِمامة رسول الله؟!

أخطر ما جاء في تهديد البَطاط عبارة: «نسوي رأسك منفضة جكاير(سجائر)، لا ندري هل استعارها مِن الشَّاعر العراقي عبدالوهاب البياتي (ت1999) عندما كتب في ظل الخلافات الحزبية (1959)، تمشياً مع ما تطرب له الغوغاء:«سنجعل من جماجمهم منافض للسجائر»، أم أنها جاءت توارد خواطر؟!

تحكي الرّوايات أن عمامة النُّبوة السَّوداء، كان اسمها السَّحاب (اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي)، أُهديت إلى علي بن أبي طالب، فلما وضعها على رأسه، أُخذ يُقال: جاء عليّ بالسَّحاب، وتحولت إلى فرقة دينية جعلتها كُتب الملل والنّحل بعنوان«السَّحابية»، أي القائلة بركوب علي السَّحاب، «الرَّعد صوته، والبرق سوطه» (العسكري، ابن سبأ وأساطير أُخرى). هكذا يتصور البطاط قدسية العِمامة التي على رأسه، لها صوت الرَّعد وسوط كالبرق!

ربَّما هذا وغيره، دفع رضا شاه (ت1944) أن يجعل قانوناً لاعتمار العِمامة، لا يعتمرها الخطباء إلا في المساجد، أو مَن كان لديه إجازة اجتهاد مِن النَّجف أو طهران (الخطيب محمد حسن الكشميري، جولة في دهاليز الظَّلمة)، وهذا القانون، على ما يبدو، كان لصالح العِمامة، بينما اعتبره أصحاب العِمائم قانوناً جائراً. أقول: لو كانت العمائم تتصرف تصرف قائد «ميليشيا المختار» كيف يكون القانون المذكور جائراً؟ّ!

هذا ما يشهد به آية الله محمد رضا الجلالي، النجفي الأصل والمولد والثقافة، الذي ترك العراق وعاد إليه ثم تركه، فلما سأله الخطيب الكشميري: لماذا لا يقيم فيه بعد النّظام السابق؟! فقال:«اكتشفتُ أن العِراق تخلص مِن قبضة صَدام، ليسقط في قبضة أكثر مِن صَدام واحد، يرتدون عمائم سُوداً وبيضاً، فرأيت أن أبقى غريباً» (الكشميري، نفسه). لأن اعتمار العِمامة يبدأ حال دخول الحوزة الدِّينية، وتبقى على رأس معتمرها طول حياته، على اعتبار أنها عِمامة النُّبوة والإمامة، ومَن اعتمرها بعد 2003 كان عبر دورة شهرين أو ثلاثة في حوزات أوروبا أو السيدة زينب، مِن غير القادمين بها مِن قُم، وأقاموا حوزات خاصة بهم بالمدن والأرياف العراقية.

إن الحديث عن العِمامة، بحد ذاته، طويل، لما فيها مِن تقاليد وألوان وأنواع كـ«الصامتة» وأم «الذؤابة» و«المحنكة» و«الطَّابقية» وغيرها، مُيزت حسب المذاهب والأديان والوظائف أيضاً، وأفضل مَن فصلها جمال الدِّين المعروف بابن المُبرد (ت909هـ) في «دفع الملامة في استخراج أحكام العِمامة»، ولمنزلتها قديماً، جاء في الّرواية:«لأن العرب تقول: فلان معمم، يريدون أن كلَّ جناية يجنيها الجاني من تلك القبيلة والعشيرة فهي معصوبة برأسه» (الميداني، مجمع الأمثال). فهل العِمامة التي يُهدد بها البَطاط ويستحوذ بها على بسطاء النَّاس، قدر هذه المسؤولية، كي يقول: إن عِمامته عِمامة النُّبوة والإمامة؟! وهو يريد جعل رؤوس العراقيين «منافض سجائر»؟! قالها ولم يسأله مدعي عام، ولا سلطة قضائية! فتصورا حراجة الحال.