على الرغم من أن المظاهرات الإيرانية التي اندلعت العام الماضي خمدت إلى حد كبير في الشوارع بعد أشهر من القمع المتواصل، إلا أن لوحات الفنانيين التشكيليين الإيرانيين لا تزال تنبض بالحركة الاحتجاجية.
وكانت الاحتجاجات الشعبية في الشوارع وقمع السلطات العنيف الذي أعقبها، قد ألهم التشكيليين الإيرانيين مما انعكس ذلك على أعمالهم الفنية، بحسب تقرير لصحيفة "واشنطن بوست".
وقابلت "واشنطن بوست" 3 فنانين تشكيليين إيرانيين تحدثوا عن تأثير الانتفاضة على حرفتهم، إذ وافق جميعهم على التحدث شريطة عدم ذكر أسمائهم الكاملة خوفا من انتقام الحكومة.
وحوّل عماد لوحاته الزيتية إلى مشاهد من الانتفاضة، التي قُتل فيها حوالي 500 شخص على أيدي قوات الأمن واعتُقل أكثر من 20 ألفا، وفقا لجماعات حقوقية.
وقال عماد للصحيفة الأميركية إنه انجذب إلى رسم الشخصيات النسائية؛ لأن "الصفوف الأمامية لهذه الانتفاضة من النساء" بعد أن "تم تجاهلهن" لفترة طويلة في ظل الجمهورية الإسلامية.
وشهدت إيران حركة اجتجاجية منذ وفاة الشابة المنحدرة من أصول كوردية، مهسا أميني، في 16 سبتمبر بعد ثلاثة أيام على اعتقالها من قبل شرطة الآداب التي اتهمتها بمخالفة قواعد اللباس الصارمة المفروضة على النساء.
وأُعدم أربعة أشخاص وحُكم على 20 آخرين بالإعدام من قبل القضاء الإيراني في محاكمات تتعلق بالاحتجاجات، بحسب فرانس برس.
وأضاف عماد أن الحرس الثوري الإسلامي الذي شارك في قمع الاحتجاجات، برز أيضا في لوحاته بسبب "وحشيته على عقولنا وأجسادنا".
وتابع: "لقد أريقت الكثير من الدماء، يحتاج العالم إلى رؤية ذلك وأن يتحرك لاتخاذ إجراءات".
بعد شهور من القمع المتصاعد، خمدت المظاهرات خلال الأسابيع الأخيرة في الشوارع، لكن بعض الإيرانيين يرون أن الحركة انتهت فقط من مرحلتها الأولى وتنتظر شرارة أخرى.
ووجدت الفنانة اليافعة، نغين، التي تنحدر أيضا من أصول كوردية، نفسها منجذبة إلى رسم لوحات تتعلق بالاحتجاجات الشعبية، لا سيما في المناطق الكوردية التي انطلقت منها المظاهرات الأخيرة.
وقالت نيغين: "إيران أرض حُرم فيها شعبها من حقوق الإنسان البسيطة لسنوات عديدة".
وأضافت أن "الحزن الناجم عن القتل والمذابح التي تعرض لها شعبي وخاصة الأطفال، لا يمكن تفسيره بالكلمات"، مضيفة أنها لا تستطيع وصف ذلك سوى في أعمالها الفنية.
وقالت إن الفن "لغة مشتركة. يمكن أن تهب في أجسادنا مثل النسيم وتحمل رسالة الألم".
وتصدت السلطات للاحتجاجات بحملة قمع قالت منظمات حقوقية إن متظاهرين استُهدفوا فيها بشكل مباشر بالذخيرة الحية في مختلف أنحاء البلاد.
من جهته، يرسم فارنود لوحات ليذكر نفسه بما أطلق عليه "النور الداخلي للانتفاضة".
وقال فارنود الذي ينحدر من مدينة رشت الشمالية، إن "الأفكار حول ما يجري في العالم الخارجي لا تترك الشخص بمفرده"، مشيرا إلى أنه يستلهم لوحاته من شعور يصور بالدم والنار.
وأضاف: "أينما نظرنا، هناك أجساد لا حياة لها بعد الآن، ونشعر أن الموت يبتلعنا جميعا".