تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

سيناريوهات قاتمة تنتظر الكورد في روجافا

قوات سوريا الديمقراطية
AvaToday caption
تزامنا مع تهديده بشن هجوم بري ضد الكورد، قال أردوغان في نوفمبر، إن احتمال لقائه الأسد "ممكن". وجدد الشهر الماضي الإشارة إلى إمكان حصول اللقاء بعد اجتماعات على مستوى وزيري الدفاع والخارجية
posted onJanuary 2, 2023
noتعليق

تبدو الخيارات المتاحة أمام الكورد الذين تصدّوا بشراسة خلال سنوات النزاع السوري لتنظيم الدولة الإسلامية صعبة، في ظل وجود مصالح مشتركة بين دمشق وتركيا وروسيا لإنهاء نفوذهم وإضعاف داعمتهم واشنطن التي اكتفت خلال الأسابيع الماضية بالتحذير من مغبة التصعيد.

ويقول الباحث الفرنسي المتخصّص في الشأن السوري فابريس بالانش في تعليق على اللقاء بين وزيري الدفاع التركي والسوري برعاية موسكو إن "الهدف المباشر للدول الثلاث هو القضاء على قوات سوريا الديمقراطية".

وتريد أنقرة وفق بالانش "القضاء على التهديد الكوردي" قرب حدودها، بينما تسعى روسيا إلى "تصفية حليف للولايات المتحدة في سوريا، أي قوات سوريا الديمقراطية وبالتالي تقوية حليفها بشار الأسد".

أما دمشق فتريد "استعادة الأراضي وخصوصا ثروتها النفطية" من الكورد في شمال شرق البلاد والذين تحمل عليهم علاقتهم مع واشنطن وتنتظر من تركيا "القضاء على الجهاديين في إدلب" في إشارة إلى هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا) التي تسيطر مع فصائل أخرى على نحو نصف مساحة محافظة إدلب (شمال غرب) ومحيطها.

وفي حال رفض الكورد تلبية مطلب أنقرة المتجدد بالانسحاب لمسافة ثلاثين كيلومترا عن الحدود، فإن اللقاء الثلاثي سيشكل محركا "لغزو تركي".

ويوضح بالانش "الهجوم التركي ليس إلا مسألة وقت. يحتاج أردوغان إلى انتصار ضد الكورد في سوريا في إطار حملته الانتخابية".

وإثر قطيعة استمرت منذ اندلاع النزاع في سوريا عام 2011، جمعت موسكو الأربعاء وزيري الدفاع التركي والسوري، في خطوة سبقتها مؤشرات على تقارب بين البلدين الخصمين من شأنه وفق محللين، أن يضع القوات الكوردية أمام خيارات أحلاها مرّ.

ويطرح في خضم التطورات الأخيرة سؤال ملح يتعلق بأبرز المعلومات المتوفرة عن اللقاء وماذا عن تداعياته المتوقعة على الإدارة الذاتية الكوردية المدعومة أميركيا والتي تلوّح أنقرة منذ فترة بشن هجوم برّي ضد مناطق سيطرتها في الشمال السوري؟

وقبل اندلاع النزاع عام 2011، كانت تركيا حليفا اقتصاديا وسياسيا أساسيا لسوريا. وجمعت الرئيس التركي رجب طيب أردوغان علاقة صداقة بالرئيس السوري بشار الأسد، إلا أنّ علاقتهما انقلبت رأسا على عقب مع بدء الاحتجاجات السلمية ضد النظام وقمع دمشق التظاهرات بالقوة.

وبعدما أغلقت تركيا سفارتها في دمشق في مارس 2012، كرّر أردوغان وصف الأسد بـ "المجرم"، بينما وصف الأخير نظيره التركي بأنه "لص" وداعم لـ"الإرهابيين".

وقدمت تركيا دعما للمعارضة السياسية واستضافت أبرز مكوناتها في اسطنبول، قبل أن تبدأ دعم الفصائل المعارضة المسلحة وتؤوي قرابة أربعة ملايين لاجئ على أراضيها.

ورغم أن تركيا شنّت منذ 2016 ثلاثة هجمات ضد المقاتلين الكورد، مكّنتها من السيطرة على أراض سورية حدودية واسعة، إلا أنها لم تدخل في مواجهة مباشرة مع دمشق إلا بشكل محدود عام 2020، سرعان ما انتهت بوساطة روسية.

وبعد سنوات القطيعة، برزت مؤشرات تقارب تدريجيا على هامش قمة إقليمية عام 2021، أجرى خلالها وزيرا خارجية البلدين محادثة مقتضبة غير رسمية. وفي أغسطس، دعا وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إلى مصالحة بين النظام والمعارضة في سوريا. وأقرّت أنقرة ودمشق بتواصل على مستوى أجهزة الاستخبارات.

وتزامنا مع تهديده بشن هجوم بري ضد الكورد، قال أردوغان في نوفمبر، إن احتمال لقائه الأسد "ممكن". وجدد الشهر الماضي الإشارة إلى إمكان حصول اللقاء بعد اجتماعات على مستوى وزيري الدفاع والخارجية.

وتلعب روسيا، وفق محللين، دورا أساسيا لتحقيق التقارب بين حليفيها اللذين يجمعهما "خصم" مشترك يتمثل بالمقاتلين الكورد.

وأعلنت موسكو أن المحادثات بين وزراء الدفاع الروسي سيرغي شويغو والتركي خلوصي أكار والسوري علي محمود عباس تطرّقت إلى "سبل حل الأزمة السورية وقضية اللاجئين"، وكذلك "الجهود المشتركة لمكافحة الجماعات المتطرفة"، من دون تسميتها.

وأشادت الدول الثلاث بـ"الإيجابية" خلال اللقاء. وشددت موسكو ودمشق على ضرورة "مواصلة الحوار" لإرساء الاستقرار في سوريا.

ويقول مدير مركز دمشق للدراسات الإستراتيجية الدكتور بسام أبو عبدالله إن الاجتماع "رفع مستوى اللقاءات بين البلدين من مستوى أمني إلى مستوى وزاري"، مشددا على ضرورة "محاولة الأطراف العاقلة في دمشق وأنقرة تهيئة الرأي العام لمزيد من اللقاءات على مستويات أعلى" في المرحلة المقبلة.

وأشار إلى ارتباط الاجتماع بـ"تطورات تتعلّق بالعملية العسكرية التركية التي كانت مقررة في الشمال، وعملت موسكو على وقفها"، معتبرا أنّ "انتقال الاجتماعات إلى وزراء الدفاع يعني أن هناك عمل ميداني عسكري لا بدّ من تنسيقه بشكل دقيق بين الأطراف الثلاثة".

وجاء الاجتماع بعد أسابيع من شنّ تركيا في 20 نوفمبر سلسلة ضربات جوية ومدفعية استهدفت بشكل رئيسي القوات الكوردية، وتلويح أردوغان بشن هجوم بري لإبعادها عن حدوده.

وتصنّف أنقرة وحدات حماية الشعب الكوردية، العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية، منظمة "إرهابية" وتعتبرها امتدادا لحزب العمال الكردستاني الذي يخوض تمردا ضدها منذ عقود.

وفشلت جولات محادثات متقطعة قادتها الحكومة السورية مع الإدارة الذاتية الكوردية التي تسيطر على مناطق واسعة في شمال وشرق سوريا، تضمّ أبرز حقول النفط ومساحات زراعية واسعة، تريد دمشق استعادتها عاجلاً أم آجلا.

ويقول الباحث في معهد "نيولاينز" نيك هيراس "يتعرض أردوغان لضغوط سياسية لشنّ عملية عسكرية في سوريا وإعادة أكبر عدد ممكن من السوريين من تركيا" إلى بلدهم قبل موعد الانتخابات التركية في يونيو، مضيفا "إذا منح الأسد أردوغان الضوء الأخضر لشنّ عمليات جوية ضد الكورد، فإن حرب ستتبعها قريبا".

وكان أكار أفاد الأسبوع الماضي بوجود تواصل مع موسكو لـ"فتح المجال الجوي" السوري أمام المقاتلات التركية.