تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

سفراء إيران في العراق رسائل عسكرية لواشنطن

فيلق القدس الإيراني
AvaToday caption
رسالة إيران من تعيين أعضاء "فيلق القدس" كسفراء لها في بغداد، من دون خلفيات دبلوماسية، ليست موجهة إلى العراقيين فقط، بل إلى الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة. والرسالة أن العراق ساحة للصراع المستمر ونفوذ طهران الذي يتغلغل في الشأن العراقي
posted onApril 19, 2022
noتعليق

عيّنت إيران أخيراً سفيراً في بغداد ينتمي للحرس الثوري، الأمر الذي يحمل دلالات عدة تتعلق بمحورية العراق في الاستراتيجية الإقليمية الإيرانية، ومحددات سياسة طهران تجاه بغداد، فضلاً عن استمرار دور الحرس الثوري في رسم السياسة الخارجية الإيرانية وتنفيذها.

في 10 أبريل (نيسان) الحالي، أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية تعيين محمد كاظم آل صادق سفيراً لطهران في بغداد خلفاً لإيرج مسجدي الذي شغل المنصب منذ أبريل 2017. واللافت أن السفير الجديد مرتبط بـ"فيلق القدس" التابع للحرس الثوري، الذي ينفذ مهمات خارج إيران، على غرار جميع السفراء في العراق منذ عام 2003 بعد سقوط صدام حسين، بدءاً من أول سفير لها حسن كاظمي قمي، ثم حسن دنيفر، وإيرج مسجدي والآن محمد صادق.

وتؤكد خلفية سفراء طهران لدى بغداد أن الملف العراقي بيد "فيلق القدس" وليس وزارة الخارجية الذي سبق وانتقد جواد ظريف دوره وتدخله في السياسة الخارجية على حساب الوزارة.

أهمية العراق لإيران

منذ الثورة الإسلامية، كان العراق ولا يزال الساحة المركزية للسياسة الخارجية الإيرانية لأسباب عدة، أبرزها أن طهران تضع أنظارها على العراق كهدف أول لتصدير الثورة بسبب الغالبية الشيعة، وكذلك استراتيجية التنافس بين البلدين، حيث سعى كلاهما للهيمنة في منطقة الخليج، ما صعّد الصراع الأيديولوجي بين النظام الشيعي الإسلامي والنظام البعثي السابق، الذي دعا إلى القومية العربية العلمانية.

تعد الحدود العراقية هي أطول حدود برية لإيران (1450 كيلومتراً)، ما سبّب عدداً من الخلافات التي لم تحل بين البلدين في ما يتعلق بالحدود. صممت إيران على تعزيز نفوذها في العراق، من أجل منع أي تهديد منه في المستقبل، في الوقت ذاته، كان من المهم بالنسبة إلى طهران الحفاظ على وحدة أراضي العراق خوفاً من انفصال الكورد، ما يؤثر في الأقلية الكوردية لديها. وأصبح العراق تحت سيطرة الشيعة لاعباً مهماً في ترسيخ الكتلة الشيعية الإقليمية والمناهضة لأميركا.

ومنذ اندلاع الحرب الأهلية السورية عام 2011، سعت إيران إلى تحويل العراق إلى جزء من جسر بري شيعي يمتد من حدودها الغربية إلى لبنان، وهكذا ستكون قادرة على نقل الإمدادات مباشرة إلى "حزب الله"، وعلى وجه الخصوص ترسيخ مكانتها المهيمنة في المنطقة.

تعزيز المصالح الإيرانية في العراق

منذ العام 2003، عملت إيران في العراق على ثلاثة مستويات مترابطة لترسيخ نفوذها: على صعيد الدولة: أقنعت طهران قادة بغداد بتوقيع لائحة اتفاقيات التعاون في المجالات الأمنية والاقتصادية. وبدأت تمويل مشاريع إعادة الإعمار في المدن العراقية وساعدت في بناء محطات توليد الكهرباء والمدارس. في المقابل، دعم العراق السياسة الإيرانية في لبنان وسوريا، بل وساعدها في الالتفاف على العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.

على مستوى الأحزاب: أثناء حكم صدام حسين، منحت إيران حق اللجوء والمساعدة لمنظمات معارضة عراقية، كان أبرزها المجلس الاعلى للثورة الإسلامية بقيادة محمد بكر الحكيم وحزب الدعوة. وكثفت طهران نشاطها بعد عام 2003، ومارست ضغطاً شديداً على أحزاب شيعية مختلفة، لتشكيل كتلة موحدة في العراق على الرغم من الانقسامات في ما بينها، حفاظاً على الهيمنة الشيعية.

وعلى المستوى العسكري الاستراتيجي، سلّحت طهران ودربت الميليشيات الشيعية التي عملت تحت رعاية الأحزاب المختلفة، إضافة إلى ذلك، لم تحصر جهودها في المكون الشيعي فقط، بل نشطت مع الأحزاب والحركات العربية السنية والكوردية أيضاً.

إن رسالة إيران من تعيين أعضاء "فيلق القدس" كسفراء لها في بغداد، من دون خلفيات دبلوماسية، ليست موجهة إلى العراقيين فقط، بل إلى الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة. والرسالة أن العراق ساحة للصراع المستمر ونفوذ طهران الذي يتغلغل في الشأن العراقي.

تنظر إيران إلى العراق على أنه ساحة معركة ضد أعدائها، لا سيما الولايات المتحدة. فمنذ عام 2003، موّلت وأنشأت الجماعات التي تعارض الوجود الأميركي ومصالح واشنطن في العراق، ولطالما كانت هذه الجماعات بمثابة أوراق ضغط تستخدمها طهران في مفاوضاتها مع واشنطن، وتوظيفها لخدمة ملفاتها الأخرى، ولا أدلّ على ذلك مما نشر أخيراً في الصحف العالمية من تلقّي روسيا ذخائر عسكرية من العراق لدعم حربها في أوكرانيا بمساعدة شبكات تهريب الأسلحة الإيرانية، بحيث جرى إرسال قذائف "آر بي جي" وصواريخ مضادة للدبابات، إضافة إلى أنظمة إطلاق صواريخ برازيلية التصميم، إلى روسيا من العراق، إذ نُقلت عبر المعبر الحدودي بين إيران والعراق، ثم عبر البحر إلى روسيا، بما يعكس توظيفاً للساحة العراقية للملفات الخاصة بإيران.