تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

طهران تحاول إفشار الحوار الأميركي العراقي

القوات الأميركية
AvaToday caption
أن البرلمان العراقي كان قد أقر قانونا في مطلع العام الماضي يلزم الحكومة بإلغاء طلب المساعدة من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش واخراج القوات الأجنبية من أراضي البلاد
posted onApril 9, 2021
noتعليق

عدة رسائل تضمنها إعلان بغداد وواشنطن توصلهما لتفاهم بشأن "إعادة نشر القوات الأميركية القتالية" الموجودة في العراق، أهم تلك الرسائل موجه للفصائل المسلحة الموالية لطهران، وفقا لمراقبين.

وكانت بغداد وواشنطن أصدرتا، الأربعاء، بيانا مشتركا عقب اختتام الجولة الثالثة من حوارهما الاستراتيجي، أكدتا فيه على أن "مهمة قوات التحالف تحولت إلى التدريب والمشورة، ما يتيح تاليا إعادة نشر أي قوة مقاتلة لا تزال في العراق".

لم يحدد البيان مدة زمنية لعملية جدولة إعادة نشر القوات الأميركية، البالغ عددها 2500 جندي، لكنه أشار إلى أن ذلك سيناقش في "محادثات مقبلة".

ورغم تصريحات المسؤولين العراقيين التي أوحت بأن اتفاق جرى لسحب القوات الأميركية من العراق،  أشار مسؤولون أميركيون إلى أن الجانب العراقي لم يطلب رسميا مغادرة القوات الأميركية.

وأكد مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى بالإنابة، جوي هود، في مقابلة خاصة مع "الحرة" أن الحكومة العراقية لم تطلب خلال الحوار الاستراتيجي، الذي عقد الأربعاء، بين الولايات المتحدة والعراق، مغادرة القوات الأميركية من العراق.

وجاء الاجتماع ومخرجاته في وقت تتعرض فيه القوات الأميركية في العراق بشكل شبه يومي لهجمات صاروخية تنقف وراءها فصائل شيعية مسلحة مرتبطة بإيران، تطالب منذ عدة أشهر برحيل الجنود الأميركيين من العراق.

هل فعلا أن العراق لم يعد بحاجة لدعم القوات الأميركية؟

يقول الخبير الأمني العراقي أحمد الشريفي إن "الانسحاب الأميركي من  العراق قد يخلق حالة من التصدع في الموقف الوطني، ويؤدي لانقسام سياسي واجتماعي قد يقود لصراع ينتهي بتقسيم البلاد".

واستقى الشريفي رؤيته هذه من المواقف المتباينة التي أعلنتها القوى والمكونات العراقية الرئيسة. فالشيعة منقسمون بين قوى مقربة من طهران تطالب برحيل الأميركيين وأخرى تدعو للتريث.

في المقابل يتفق الكورد على أهمية استمرار الوجود الأميركي في البلاد، وهو رأي غالبية القوى السنية أيضا.

ويرى الشريفي في حديث صحفي أن "الانسحاب اليوم يصب بالدرجة الأساس في صالح دولتين إقليمتين هما إيران وتركيا، فيما سيكون العراق الخاسر الأكبر".

ويضيف الشريفي أن "تركيا تحتل أكثر من 20 موقعا داخل العراق رغما عن أنف المؤسسة العسكرية العراقية، فيما تحتل إيران القرار السياسي في البلاد وتبتز العراقيين أمنيا وسياسيا وعسكريا واقتصاديا عبر حلفائها في العملية السياسية".

ويؤكد الشريفي، وهو ضابط طيار سابق، أن "العراق أمام تحديات تفوق قدراته العسكرية، فنحن لانزال بأمس الحاجة للدعم اللوجستي الأميركي لمواجهة تهديدات داعش وغيرها من التنظيمات المسلحة".

ويشير، كذلك، إلى "أهمية امتلاك العراق لجيش مكافئ لدول الجوار، قبل الحديث عن الاستغناء عن المساعدة العسكرية الأميركية".

بالتالي، يرى الشريفي أن "العراق بحاجة لعقود من الزمن من أجل الوصول لذلك، لأن جيشه فقير من الناحية التقنية.. نمتلك عدد فقط ولانمتلك التقنية وهذا لايكفي في الحروب الحديثة التي لاتعتمد على الجهد البشري".

يشار إلى أن البرلمان العراقي كان قد أقر قانونا في مطلع العام الماضي يلزم الحكومة بإلغاء طلب المساعدة من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش واخراج القوات الأجنبية من أراضي البلاد.

وجاء قرار البرلمان العراقي بمثابة رد على مقتل قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس الحشد الشعبي في العراق أبو مهدي المهندس بغارة أميركية في بغداد في يناير 2020.

رئيس قسم العراق في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى بلال وهاب يقول إن "هناك ضغوطا إيرانية ومن جانب الميليشيات المواليه لها من أجل إنهاء الوجود الأميركي الضئيل في العراق".

ويضيف وهاب في تصريح "للحرة" أن "بغداد وواشنطن حاولتا تجنب الحديث عن هذا الملف من خلال التركيز في حوارهما الاستراتيجي على الملفات الاقتصادية والصحية والبيئية التي تهم المواطن العراقي أكثر من ملف 2500 جندي موجود في العراق ويساعدون القوات الأمنية على محاربة فلول تنظيم داعش".

ويؤكد ووهاب أن طلب إنهاء الوجود الأميركي في العراق هو طلب إيراني يصل للأميركيين بلهجة عراقية".

وتطالب الفصائل المسلحة الموالية لإيران والسياسيين الذين يمثلونها بإخراج 2500 جندي أميركي موجودين في العراق، جاؤوا لدعمه في حربه ضد تنظيم داعش.

ويرى عسكريون أميركيون وعراقيون، أنه مع تراجع خطر داعش في العراق إلى مجرد خلايا سرية في الجبال والصحاري، بات مصدر التهديد الفصائل الموالية لإيران، مشيرين إلى الهجمات المتكررة بصواريخ أو عبوات ناسفة تستهدف مواكب دعم لوجستي للتحالف الدولي، وإلى تبني هذه الفصائل أحيانا هجمات خارج الأراضي العراقية.

ويرى المحلل السياسي مناف الموسوي أن "توافق بغداد وواشنطن على سحب القوات القتالية يعني أن الولايات المتحدة تريد أن تعطي لرئيس الحكومة مصطفى الكاظمي الفرصة وإنجاح مساعيه ودعم حكومته".

ويضيف في حديث لموقع "الحرة" أن "هذا الدعم سيساعد الكاظمي في ملف التعامل مع الفصائل المسلحة وعدم منحها الحجة للاستمرار في التلويح باستخدام السلاح".

ويتابع الموسوي أن "هذا الأمر سيمنح القوات الأمنية القدرة على فرض هيبة الدولة واستخدام القوة بوجه من يقوم بتنفيذ العمليات المسلحة مستقبلا".

ويشير الموسوي إلى أن "الاتفاق بين بغداد وواشنطن على سحب القوات القتالية سيحرج الفصائل الموالية لطهران، التي تتخذ من هذا التواجد ذريعة للاستمرار في عملياتها".

وقد تعمد تلك الفصائل، بحسب الموسوي، لعرقلة الاتفاق وافشاله من أجل كسب الشرعية لتواجدها على الأرض.

وعلى الرغم من إقراره بأن أي انسحاب للقوات الأميركية قد يصب في صالح إيران، إلا أن الموسوي أشار إلى أن ملف الانسحاب يبقى شأنا داخليا عراقيا، وربما يصب في صالح العراق أيضا.

ويقول الموسوي إن الانسحاب قد يعود بالفائدة على العراق من خلال تحويل الجهد الأميركي من عسكري إلى اقتصادي وتنموي وثقافي، على أن يترافق مع تعاون أمني مستقبلي من خلال عقود تسليح متطورة.

وكانت ميليشيات وفصائل مسلحة عراقية أصدرت بيانا هاجم الكاظمي وحمل تهديدا مباشرا للحكومة العراقية، ولجنة الحوار الاستراتيجي مع الولايات المتحدة.

وتحمل الجهة التي أصدرت البيان اسم "الهيئة التنسيقية لفصائل المقاومة العراقية"، وطالبت بأن "يكون إخراج القوات الأميركية والقوات الأجنبية جميعها من الأراضي العراقية" على رأس قائمة التفاوض بين الجانبين.

ويتناغم هذا الموقف مع مواقف إيرانية معلنة دعا فيها مسؤولون إيرانيون، بينهم المرشد الإيراني علي خامنئي، الولايات المتحدة إلى سحب قواتها من  العراق.