نشرت صحيفة "ذا ايكونوميست" The Economist تقريرا عن هيمنة طهران على الساحة السياسية والأمنية في العراق وسعي حكومة مصطفى الكاظمي لإيقاف هذا التوغل الذي باتت تندد بوجوده أصوات شعبية عراقية وتطالب باستعادة سيادة الدولة.
تقرير الصحيفة يناقش، من خلال مقابلة مع ضابط عراقي، كيف أصبح التدخل الإيراني في العراق أكثر شراسة في محاولة لاستعادة سيطرته على الساحتين السياسية والشعبية.
وبحسب الضابط العراقي، فإن إيران تسعى للاستيلاء على سيادة العراق، والصور التي تخلد ذكرى مقتل قاسم سليماني، قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني، الذي قُتل في غارة جوية أميركية في شهر يناير من العام الماضي، والمعلقة في الشوارع العراقية، هي انعكاس لما وصل إليه التدخل الإيراني العراق.
التقرير يذكّر أيضا بسياسة ليّ الذراع التي تستخدمها إيران مع السياسيين الشيعة في العراق لفرض نفوذها، وتحويل صورة أمثال سليماني من محتلّين إلى أبطال.
لكن القمع العنيف الذي لجأت إليه الميليشيات المدعومة من إيران لفض الاحتجاجات المناهضة للحكومة منذ 2019 فضحت التدخل الإيراني في البلاد.
ومع تقلد رئيس الوزراء العراقي الكاظمي المشهد السياسي الذي جاء نتيجة لتبدل الآراء حول إيران وفرض سياسة جديدة مع طهران، لم تعد القرارات السياسية محصورة في البيت الشيعي.
فقد بدأت حكومة الكاظمي باستعادة سيطرة الدولة العراقية على بعض المعابر الحدودية وإزالتها ووضعها في أيدي الأمن العراقي. كما طلب الكاظمي من حلف الناتو إرسال 3500 جندي جديد، ما دفع إيران لتشعر بأن توغلها في العراق بات مهددا.
لكن إذا أصبح الكاظمي أكثر عدوانية فقد يستدعي ذلك رد فعل أقوى من إيران التي تزود بغداد وغيرها من المدن العراقية الكبرى بالكهرباء والغاز. وإذا قطعت الإمدادات خلال الصيف فلا شك أن الاضطرابات ستتبعها.
ويقول تقرير "ذا إيكونومست" إن العراقيين باتوا أكثر ثقة بالحكومة ويدعمون جهودها للحد من النفوذ الإيراني، لكن المعضلة أن الحكومة الحالية تضم وزراء من الفصائل الموالية لإيران الذين يحاولون زيادة عدد رجال الميليشيات الموالية لإيران.
ويقول الضابط العراقي إن لديه مخاوف أكبر ويقول إنه إذا مزق الكاظمي صور سليماني فقد تستخدم إيران وكلاءها للاستيلاء على المحافظات العراقية الجنوبية (الشيعية بشكل أساسي).
ويعتقد مستشارو الكاظمي أن معظم العراقيين يدعمون جهوده للحد من نفوذ إيران. لكن في الانتخابات الأخيرة، كما يقولون، بقيت الجماهير المحبطة في منازلها بينما خرج الناخبون المؤيدون للأحزاب الموالية لإيران.
ومن المقرر إجراء انتخابات أخرى في أكتوبر وإذا قام رجال الكاظمي بعمل أفضل في حشد الناخبين - وإذا أرسلت الأمم المتحدة مراقبين لمحاولة ضمان انتخابات نزيهة (وهي خطوة تفكر فيها) - فقد يتغير المشهد السياسي بطريقة تجعل وظيفته أسهل.
وفي غضون ذلك، دعا إلى حوار وطني قد يشمل حتى مجموعات خاضعة للعقوبات الأميركية. ويبدو أنه قد خلص إلى أن الحديث أفضل من اختيار المعارك التي قد يخسرها.