شهدت العاصمة اللبنانية، بعد ظهر أمس الجمعة، بدعوة من حزب "التحرير" الإسلامي، مظاهرة باتجاه "قصر الصنوبر"، حيث تقع السفارة الفرنسية في بيروت، للتنديد بالرسوم الكاريكاتورية للنبي محمد، التي أيّدها الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في معرض استنكاره لحادثة قتل المدرس صمويل باتي، وكان اللافت بالتحرك الشعارات التي رفعها المشاركون، وأثارت الجدل في الشارع اللبناني.
رايات سوداء وبيضاء كتبت عليها عبارات دينية، رفعت في العاصمة التي استفاقت على أزمة سير خانقة، نتيجة الحافلات التي نقلت أشخاصاً من الشمال اللبناني وتحديداً من مدينة طرابلس إلى بيروت، ما أثار التساؤل حول هذا الحزب، ومن يقف ورائه لاسيما أنّه يدعي لـ"الخلافة الإسلامية".
وهتف المتظاهرون بشعارت دينية، كما تعرضت القوى الأمنية أمام السفارة الفرنسية للرشق بالعصي والحجارة، ما دفعها للرد بإطلاق قنابل مسيّلة للدموع.
وكشفت مصادر مطلعة، أنّ "حزب التحرير الذي تأسس في القدس وكان محظوراً في دول عربية عدّة، بدأ نشاطه في لبنان بالسرّ، وتحت اسم "رابطة الوعي الثقافية"، التي كانت توزع مجلة دورية على سكان طرابلس، ومن ثم عمدت إلى صياغة بيانات تنشر باليد بين الدائرة الضيقة للمؤيدين".
وأشارت إلى أنّ "وزير الداخلية عام 2006، أحمد فتفت، أعطى حزب التحرير العلم والخبر، علماً أنّ الأخير لا يعترف بالدولة اللبنانية، ويعتبرها ولاية تابعة للخلافة الإسلامية، التي ستعود وتحكم العالم الإسلامي، ولم تتوقف عند حدود الدولة العثمانية".
وذكرت أنّ "للحزب خطاب منفرد وبعيد عن الشارع اللبناني، وله أنشطته الخاصة ومكاتبه قليلة نسبياً، ولكن جميعها تتمركز في محافظة الشمال، وتحديداً بمدينة طرابلس".
ووفقاً للمصادر نفسها، شهدت علاقات حزب التحرير مع الحكومات العربية مواقف متبيانة، ففي الوقت الذي تحظره ليبيا والعراق ومصر، يمارس نشاطه الرسمي في لبنان والسودان وتونس، ويتواجد في دول إسلامية عدّة بينها إندونيسيا وماليزا، بينما تحظره بنغلاديش.
أما في أوروبا، فتم وضعه تحت المراقبة من قبل السلطات البريطانية، وحظره فعلياً في ألمانيا، بينما يتواجد بشكل بارز في هولندا، والدانمارك.
بدوره، أوضح المتحدث الإعلامي باسم "التحرير - ولاية لبنان"(كما يعرّف عن نفسه)، الشيخ محمد إبراهيم، أنّ حزبه هو "إسلامي دعوي فكري، موجود في معظم بلاد العالم، وينظم تظاهرات مليونية في باكستان، الهند، بنغلادش، وليس بالجديد"، مضيفاً أنّه "تأسس في الأردن على يد القاضي الشيخ تقي الدين النبهاني عام 1953، ويسعى لقيام دولة إسلامية واحدة تقوم على القرآن والسنة النبوية".
وشدد على أنّ "النصوص الشرعية وعدتنا بعودة الخلافة الإسلامية، الأقوى في العالم، لا أحد ينهب نفطنا ولا يسلب ديارنا".
من جهته، شدد العضو المنتسب للحزب، الشيخ أحمد الشمالي، أنّنا "حزب سياسي ندعو لإقامة الخلافة الإسلامية، واستئناف الحياة الإسلامية من جديد، وهذا لا يعني داعش أو نصرة، وجودنا قبل كل هذه التنظيمات".
ونفى أنّ "يكون للحزب أي تبعية مع أحد سياسياً، وبأنه مستقل لأن كافة الدول الموجودة اليوم قطرية نتيجة الاستعمار"، معتبراً أنّ لبنان "كيان هزيل لا يصلح لأن يكون الدولة، والأصل أن يعود جزء من بلاد الشام في ظل دولة إسلامية".
وشدد على أنّ "الإسلام السياسي لم يصل إلى الحكم، بل المسلمين من الإخوان والسلفيين الذي وصلوا إلى الحكم بدون عقيدة إسلامية"، لافتاً إلى أنّ "بحوزة الحزب دستور كامل شامل فيه كل الجوانب الاجتماعية، الاقتصادية، والتعليمية".
في المقابل، أثارت المشهد في الشارع اللبناني جدلاً كبيراً على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ اعتبر البعض أنّ الوضع الاقتصادي والسياسي في لبنان لا يحتمل أي مداعاة للغرب.
ورفض مستخدمو موقع "تويتر"، ما وصفوه بمشهدية "أقرب داعش وجبهة النصرة"، متسائلين عن الجهات الداعمة له، معتبرين أنه نموذج آخر عن حزب الله، بنسخة سنية.