تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

مصير ملفات "الاغتيالات المتسلسلة".. قضائيًا

جانب من قلعة حزب الديمقراطي في مدينة كويسنجق
AvaToday caption
القضاء على مئات الأشخاص تم بناء على طلب وزارة الاستخبارات
posted onDecember 1, 2018
noتعليق

موسى برزين

بعد مرور عشرين عامًا على "الاغتيالات المتسلسلة" عام 1998، لا تزال كثير من الأسئلة- التي لم يتم الرد عليها- في أذهان الناس. أهم هذه الأسئلة تدور حول مدى موثوقية التعامل مع هذا الملف؟ وهل عوقب الآمرون والمرتكبون بعدالة؟ وهل تم كشف جميع خفايا الجريمة؟

وعلى الرغم من عدم وجود معلومات كاملة حول "الاغتيالات المتسلسلة"، فإن المعلومات المتاحة تكشف أن بعض المسؤولين الأمنيين والسياسيين الكبار في التسعينيات قرروا تصفية بعض المثقفين المنتقديين للتيار الرئيسي الحاكم.

وفي هذا الصدد، بُذلت جهود کي يؤخذ أمر القتل بوصفه فتوى شرعية ثم يتم تنفيذه. لذلك، يمكن الجزم بأن هناك ثلاث مجموعات متورطة في هذه القضية: المجموعة الأولى الذين أعطوا الفتوى الدينية، المجموعة الثانية الآمرون الإداريون، والمجموعة الثالثة المنفذون.

تشير المعلومات المتوفرة إلى أن بعض المفتين لم يكن لديهم أي مناصب حكومية، لكن الآمرين والمنفذين كانوا يعملون في الأجهزة الأمنية.

وقد لعبت وزارة الاستخبارات- بوصفها جهازًا حكوميًا- دورًا رئيسيًا في هذه العمليات، واعترفت بهذه الاغتيالات، ولكنها تزعم أنها لم تکن ممنهجة بل تلقائية، رغم أن تلقائية أو عدم تلقائية هذه السلسلة من الاغتيالات ليس له أي تأثير على معاقبة مرتكبيها من الناحية القانونية، فوفقًا للقوانين الإيرانية، عندما تحدث أي جريمة، فإن السلطة القضائية، بوصفها سلطة مرجعية رئيسية، مطالبة بإجراء تحقيقات کاملة ومستقلة لکشف جميع جوانب الجريمة. لكننا رأينا في ملفات الاغتيالات المتسلسلة، أنه لم يتم إجراء أي تحقيق مع أعضاء المجموعة الأولى (أي المفتين)، الذين يملكون تأثيرًا کبيرًا على نظام الحكم، كما لم يتم وضعهم في موضع الاتهام أو المشتبه بهم، رغم أن المنفذين وبعض الآمرين تحدثوا عن فتاوى دينية.

أما عناصر المجموعة الثانية فقد تم التحقيق معهم بشكل غير كامل وانتقائي، ولم يتم الکشف عن الآمرين الرئيسيين.

ومن بين المنفذين، تمت محاكمة عدد منهم بشکل سري وغير شفاف، ومن دون حضور المحامين وعائلات الضحايا، وحُكم عليهم بالقصاص أو بالسجن. وفي النهاية، لم تتم معاقبة هؤلاء الأشخاص أيضًا.

ومن ناحية أخرى، فإن التعامل مع هذه القضية المهمة كان غير واضح تمامًا وسريًا تقريبًا، وکانت خفايا وفاة سعيد إمامي، أحد المتهمين الرئيسيين في القضية، غامضة وغير واضحة. فقد كان الإبلاغ عن هذا الملف يتم بحذر للغاية وبشكل ناقص وسري قدر الإمکان.

بناءً على ما سبق، فمن الواضح أن السلطة القضائية، والأجهزة المختصة الأخرى، ليس لديها رغبة في التعامل بشكل عادل مع الملف واكتشاف المنفذين والآمرين ومحاكمتهم.

تجدر الإشارة إلى أن الاغتيالات المتسلسلة تختلف عن الجرائم والاغتيالات الأخرى، اختلافًا جوهريًا، لأن عمليات القتل هذه كانت بدافع سياسي، من قبل الحكومة. لذلك، تتطلب العدالة- بالإضافة إلى معاقبة المتورطين- أن يتم استئصال نظام الاغتيال في الأجهزة الأمنية، حيث إن بعض المتهمين في هذه القضية قالوا إن تنفيذ التصفية الجسدية كان من العمليات الروتينية، وإنهم نفذوا الأوامر فقط، وفوجئوا بأنهم واجهوا هذه المرة مشکلة.

ووفقًا لتصريحات السيدة شيرين عبادي، وهي محامية لعائلة فروهر، فقد ذكر المتهمون مرارًا أن القضاء على مئات الأشخاص تم بناء على طلب وزارة الاستخبارات، وأن المنفذين تمت مكافأتهم على القيام بذلك. لذا، يمكن استنتاج أن قتل معارضي النظام کان ممنهجًا ومستمرًا.

وتشير هذه التصريحات السابقة إلى أن القضاء لَمْ يسع أبدًا إلى الكشف عن جرائم قتل أخرى، ولم يحاول النظام القضاء على الاغتيال في منهج عمل الأجهزة الأمنية. كما أن جميع الآمرين والمنفذين لهذه الاغتيالات المتسلسلة لا يزالون أحرارًا، ومن الواضح أن القضاء فقد استقلاله في هذه القضية وعمل كمؤسسة أمنية. وکان هذا الاستنتاج من أهم الخلاصات القانونية في هذه القضية.

لقد أثبتت المؤسسة القضائية أنها اصطفت سياسيًا مع السلطة، بدلاً من السعي إلى تحقيق العدالة، ولم تکتف المؤسسة القضائية بذلك، بل اختارت واحدًا كان اسمه في الاغتيالات المتسلسلة، وهو محسن إيجه إي، ليكون متحدثًا باسمها..

والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: كيف يمكن ضمان مصداقية وهيبة مثل هذا القضاء؟

باحث حقوقي