تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

"الجديد" تفتح عددها الـ68 لبيروت الجريحة

مجلة الجديد
AvaToday caption
إضافة إلى هذه الملفات نشرت الجديد حوارين الأول مع الروائية المصرية سلوى بكر، والثاني مع الكاتب الفرنسي الإشكالي رولان جاكار، مصحوبا بنصوص له هي شذرات فكرية ذات أفق شعري ونزوع نقدي صادم
posted onSeptember 3, 2020
noتعليق

صدر أخيرا العدد 68 من مجلة الجديد الثقافية اللندنية، لتتواصل الرحلة الثقافية والفكرية والإبداعية الهامة لهذا المنبر الثقافي في سنته السادسة على التوالي.

وفي افتتاحية العدد كتب رئيس تحرير المجلة الشاعر السوري نوري الجراح نصا بعنوان “شاعر متوسطي يكتب بالعربية.. لماذا يستفقر الشاعر العربي نفسه من غناها الحضاري؟” جعله “نظرة للتفكر” في ما يمثله المتوسط من فضاء ثقافي جامع يتأثر مبدعوه على غرار شعوبهم ببعضهم بعضا كما يتقاسمون تاريخا مشتركا.

وينقسم مقال الجراح إلى شقين، الأول ذاتي وله صلة بحياته كشاعر مهاجر وخياراته الشعرية والفكرية، والثاني له صلة بالجغرافيا والتاريخ والميثولوجيا.

ويوضح الجراح “شاعر متوسطي، إنما لا كما يذهب بعض الأيديولوجيين وأصحاب المشاريع الثقافية المتهافتة بطبعاتها الأوروبية ذات الأهداف قصيرة النظر. ولكن انطلاقا من وعي كونيّ يرى، بعيدا عن كل شوفينية جغرافية، أن المتوسط هو سُرَّةُ العالم بالضرورة، وهو مُنْتِج، وأحيانا موئِلُ السرديات الكبرى التي أنتجتها الإنسانية”.

يحتوي هذا العدد من “الجديد” وهو الثالث لصيف هذا العام، على مقالات فكرية وأدبية ونقدية وحوارات ومراجعات لإصدارات جديدة في الأدب والفكر، إضافة إلى نصوص شعرية وأخرى قصصية، ويوميات لكتاب عرب.

ويضم العدد ثلاثة ملفات؛ الأول يحتوي على يوميات ومقالات واسترجاعات وتأملات في مدينة عربية هي بيروت تحت عنوان “تأبيد الفاجعة”، والثاني ملف شعري وقصائد مختارة لسبعة من الشعراء والشاعرات من تونس تحت عنوان “ألوان تونسية”، أما الملف الثالث فجاء بعنوان “المثقف الأيقوني” ويحتفي بالمفكر الإصلاحي عبدالرحمن الكواكبي بمناسبة مرور 120 عاما على تأليف كتابه الأشهر “طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد”.

وإضافة إلى هذه الملفات نشرت الجديد حوارين الأول مع الروائية المصرية سلوى بكر، والثاني مع الكاتب الفرنسي الإشكالي رولان جاكار، مصحوبا بنصوص له هي شذرات فكرية ذات أفق شعري ونزوع نقدي صادم.

وشارك في الملف الأول عن بيروت 17 ناقدا وشاعرا وروائيا عربيا من لبنان، سوريا، العراق، المغرب، الجزائر، الأردن، واحتوى الملف على شعر ويوميات واسترجاعات، وقراءات في أدوار المدينة في الفكر والأدب والفن، ومكانتها الثقافية والوجدانية بوصفها مدينة لعبت دورا طليعيا في معارك التجديد والحداثة.

لقد احتضنت بيروت في فضاءاتها المتعددة الأصوات العربية الأكثر طليعية في الثقافة العربية، فكانت مطابعها وصحافتها ومؤسساتها الثقافية الحرة مختبرا حقيقيا لكل جديد، وملجأ كريما لكل باحث عن الحرية وهارب من عسف الطغيان من حملة الأقلام في جغرافيات الجوار العربي، وأتى الملف في ظل الفاجعة المذهلة التي حلت بالمدينة مؤخرا وأتت على مرفئها، ونشرت الخراب والموت في المدينة التي وصفت ذات يوم بـ”سويسرا الشرق”.

مع الملف الثاني المنشور تحت عنوان “المثقف الأيقوني” تفتح “الجديد” السؤال عن المسافة الضائعة بين أنوار العقل وظلمات الكهف الممتدة على مسافة 120 سنة هي المسافة الضائعة من روزنامة الأيام العربية، بين ظهور كتاب “طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد” لعبدالرحمن الكواكبي، وبين اللحظة الراهنة بحرائقها وانهياراتها في غير عاصمة من العواصم التي أبدعت الفكر والثقافة والاجتماع والعمران عبر التاريخ المديد.

الملف الثالث في العدد ضم قصائد تونسية، لعدد من الشعراء هم أشرف القرقني وصبري الرحموني وسامية ساسي وسفيان رجب ويوسف خديم الله ولمياء المقدم ورضا العبيدي، ومن خلاله تواصل “الجديد” الاهتمام بتقديم الأصوات الشعرية المختلفة والجديدة الحاضرة اليوم في جنبات القارة الشعرية العربية.

مع هذا العدد تتقدم “الجديد” خطوات في مشروعها النقدي والفكري، مكرسة صفحاتها لكل جديد مبتكر ومغامر وجريء في الأدب والفكر على خارطة ثقافية عربية تمتد مشرقا ومغربا، وإلى ما وراء البحار، حيث تتفتح أزهار الأدب والفكر في المنافي والمهاجر، كما في الأوطان، وتزدهر الكتابة الجديدة، وتتعدد أصواتها، وتجاربها، وتثار الأسئلة الأكثر حرارة وإشكالية بإزاء الذات والآخر في عالم يعيد اليوم تشكيل نفسه ويريد أن يعيد تعريف نفسه في ظل اضطراب متواصل يعصف بالمقولات والأفكار والأيديولوجيات.