قال موقع "ديلي بيست" الإخباري إن الحكومة العراقية تقترب من إبرام صفقة "سيئة للغاية" مع سلسلة متاجر هوبي لوبي ومتحف الإنجيل في الولايات المتحدة، تتنازل بموجبها عن حقها في مقاضاتهما بسبب سرقة آثار عراقية، الأمر الذي تنفيه بغداد وتقول إن اي اتفاق مستقبلي، فيما لو تم، يجب أن يضمن حقوق العراقيين.
يقول الموقع إنه حصل على نسخة مسربة لمسودة الاتفاق، تظهر أن هوبي لوبي ومتحف الإنجيل تعهدا بدفع 15 مليون دولار أميركي للمساعدة في تعزيز الموارد المؤسسية والتقنية والبشرية لقدرات قطاع الآثار في العراق، مقابل عدم رفع دعاوى قضائية ضدهما أو ضد أي شخص تبرع لهما.
وينص الاتفاق الذي تصفه الديلي بيست بالمشبوه أيضا، وفقا لديلي بيست، على قيام هوبي لوبي والمتحف بإعادة آلاف القطع الأثرية العراقية المنهوبة التي اشتروها قبل عدة سنوات.
لكن الغريب في هذا كله، أن القطع المسروقة ليست بحوزة هوبي لوبي ومتحف الإنجيل، بل بحوزة السلطات الأميركية التي صادرتها قبل تسعة أعوام، أثناء دخولها للولايات المتحدة، وبالتالي لا يوجد أي مبرر لعقد هذه الصفقة، وفقا للموقع.
في عام 2011، تم الاستيلاء على شحنة تتراوح بين 200 إلى 300 لوح طيني صغير متجهة إلى مجمع هوبي لوبي في مدينة أوكلاهوما، من قبل وكلاء الجمارك الأميركية في مدينة ممفيس.
كانت الألواح جزءا من عملية شراء كبيرة لـ 10 آلاف من الألواح المسمارية التي يعود تاريخها لآلاف السنين، ومن أشهرها لوح "حلم كلكامش"، وتعود معظمها للحضارات السومرية والبابلية والآشورية في العراق.
وكانت هوبي لوبي اشترت "حلم كلكامش" في عام 2014 من دار مزادات دولية بمبلغ 1.6 مليون دولار، لكن السلطات الفيدرالية الأميركية تمكنت من ضبطها في سبتمبر الماضي، وأعلنت أنها تعتزم إعادتها، إلى العراق.
الصفقة المقترحة مع الحكومة العراقية تتضمن أيضا تحمل هوبي لوبي ومتحف الانجيل تكاليف إعادة القطع الأثرية إلى العراق، مقابل موافقة وزارة الثقافة والسياحة والآثار العراقية على إعارتهما بعض القطع الأثرية لمدة تصل إلى خمس سنوات، من أجل عرضها وإجراء بحوث عليها.
وتقول المؤرخة والاستاذ في مجال جرائم الآثار إيرن طومسون إن "الصفقة" المقترحة هي محاولة للتنمر على العراق للتنازل عن حقوقه القانونية مقابل دفع مبلغ، حتى لو ذهب إلى العراق، فهو لا يتناسب بأي حال من الأحوال مع خسائره".
وتعبر طومسون عن قلقها في أن هذا سيشكل "سابقة مروعة، لأن المتاجرين بالآثار سيعتقدون أنه في حال ألقي القبض عليهم، فيمكنهم الإفلات من العقوبة من خلال الوعود بدفع تعويضات للبلدان بحجة مساعدتهم في الحفاظ على الآثار".
وتعليقا على هذه المعلومات، قال السفير العراقي في واشنطن فريد ياسين لموقع "الحرة" إن هوبي لوبي ومتحف الإنجيل أرسلوا لنا مشروع اتفاق يحاولون من خلاله عقد صفقة مع الحكومة العراقية، لكننا لم نوافق أو نبرم أي اتفاق بعد في هذا المجال".
وأضاف ياسين أن "هناك تحفظات كثيرة من قانونيين وخبراء آثار تتعلق بالبنود التي أرسلت من قبل هوبي لوبي ومتحف الإنجيل".
ولم يستبعد السفير العراقي عقد اتفاق مستقبلي مع هوبي لوبي ومتحف الإنجيل، "لكن بعد أن نضمن جميع حقوقنا ومصالحنا".
وكان مسؤولون أميركيون أعلنوا في مايو 2018 إعادة 3800 قطعة أثرية الى العراق كانت قد تم تهريبها إلى الولايات المتحدة ونقلها إلى متاجر هوبي لوبي.
وتشمل تلك القطع ألواح مسمارية وأختام إسطوانية وقطع صلصالية. ومعظم الألواح من مدينة أري ساك رك التي ترجع إلى ما بين 2100 قبل الميلاد و1600 قبل الميلاد، بحسب المسؤولين.
وكان مسؤولو الجمارك صادروا صناديق من الألواح المسمارية كانت تحمل ملصقات كتب عليها انها عينات بلاط متوجهة الى متجر "هوبي لوبي".
ووافقت الشركة في 2017 على التخلي عن آلاف القطع الأثرية العراقية القديمة ودفع مبلغ 3 ملايين دولار لتسوية قضية مدنية أقامتها الحكومة الأميركية، وعزت سبب شرائها هذه المواد المستوردة بشكل غير قانوني إلى "عدم معرفتها".
ويؤكد السفير العراقي في واشنطن أن "هوبي لوبي أبلغت العراق أنها مستعدة للتنازل عن جميع القطع الأثرية، التي بحوزتها كبادرة حسن نية من أجل عقد الاتفاق مع العراق".
ويشير إلى أن "المباحثات واللقاءات مستمرة مع هوبي لوبي، لكن لم يتم عقد الاتفاق لغاية الآن".
ومنذ 2008 أعادت الولايات المتحدة أكثر من 1200 قطعة إلى العراق الذي تعرضت ممتلكاته الثقافية إلى النهب بعد الإطاحة بنظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين.
وتصف شركة "هوبي لوبي" نفسها بأنها اكبر شركة خاصة للفنون والقطع الفنية في العالم ويعمل فيها 32 ألف موظف في 47 ولاية.
وستيف غرين، الملياردير المسيحي الإنجيلي، هو مؤسس شركة هوبي لوبي، وهو رئيس مجلس إدارة "متحف الإنجيل" الذي افتتح قبل ثلالثة أعوام في العاصمة الأميركية واشنطن.