تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

رصاص حي لإخماد انتفاضة السجناء في إيران

أزدياد تمرد في السجون الإيرانية
AvaToday caption
النسبة لطهران، فإن السجون الإيرانية لا تضمّ أي "سجين سياسي". وتتهم الجمهورية الإسلامية الدول الغربية بالخلط بين هذه التسمية وحالة الأشخاص المُدانين بجرائم ضد الأمن القومي
posted onApril 23, 2020
noتعليق

تعيش السجون المكتظة في إيران حالة من التململ وصلت حدّ التمرد ومحاولات فرار متكررة وأعمال شغب تقمعها السلطات بعنف وراء الأسوار العالية للمعتقلات المثيرة للجدل وذلك بسبب مخاوف السجناء من تفشي فيروس كوروناحيث يعاني هؤلاء من غياب الرعاية الطبية ومن انعدام النظافة.

وحذّرت منظمات حقوقية من أن وضع المعتقلين في إيران وبينهم سجناء سياسيون "مقلق للغاية"، في وقت يدور فيه جدلٌ حول عدد الوفيات الدقيق جراء كورونا المستجدّ في إيران الدولة الأكثر تضررا في الشرق الأوسط.

ويحذّر مدافعون عن حقوق الإنسان وداعمون للمساجين السياسيين من واقع أن الوباء العالمي وصل فعليا إلى السجون الإيرانية.

وتؤكد كاتيا رو من مكتب منظمة العفو الدولية في فرنسا أن "الوضع بالنسبة لسجناء الرأي في إيران مقلق للغاية". وقدّرت أن عدد هؤلاء يصل إلى "المئات".

وتواجه إيران صعوبات في احتواء الفيروس وتعدّ رسميا 5297 وفاة و84802 إصابة. وتعتبر السلطات الصحية وخبراء في الجمهورية الإسلامية وفي الخارج، أن هذه الأعداد أقل بكثير مما هي فعليا متحدثة عن عدد وفيات أكبر بأربع أو خمس مرات.

ويقدّر المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية (معارضة في المنفى) عدد الوفيات في إيران جراء الفيروس بـ28 ألفا.

وتقول كاتيا رو إن المعتقلين السياسيين "مسجونون أصلا بشكل غير عادل، فوسط هذا الوباء من المهمّ جدا أن يتمّ الإفراج عنهم من دون شروط" منددة بسجون "حيث ظروف الاعتقال سيئة من ناحية الصحة والنظافة الصحية ومن دون تهوئة ولا وصول إلى نقاط توزيع المياه".

وأضافت "لا تسمح السلطات بالوصول إلى خدمات الرعاية المناسبة. ليس هناك فحوص ولا وضع في الحجر الصحي للأشخاص المحتمل أن يكونوا مصابين".

وبالنسبة لطهران، فإن السجون الإيرانية لا تضمّ أي "سجين سياسي". وتتهم الجمهورية الإسلامية الدول الغربية بالخلط بين هذه التسمية وحالة الأشخاص المُدانين بجرائم ضد الأمن القومي.

ومنذ مارس/اذار، استفاد حوالي مئة ألف سجين في إيران من إذن بالخروج تم تمديده حتى العشرين من مايو/ايار بهدف الحدّ من تفشي المرض، إلا أن قرار الإفراج المؤقت لم يشمل المئات من سجناء الرأي والمعارضين للنظام.

وأُفرج مؤقتا عن معتقلين يحملون جوازات سفر أجنبية على غرار الإيرانية البريطانية نازانين زغاري راتكليف التي أوقفت عام 2016 وحُكم عليها بالسجن خمس سنوات بتهمة التحريض على "الفتنة". وتمّ تمديد إذنها بالخروج حتى العشرين من مايو/ايار، لكن لا يزال قيد الاعتقال حملة جنسيتين آخرون تعتبرهم الأسرة الدولية من المعتقلين السياسيين.

ويرى هادي قائمي المدير التنفيذي لمركز حقوق الإنسان في إيران ومقرّه نيويورك، أنه "لن تتم السيطرة على الوباء في وقت قريب في إيران"، مضيفا "الأماكن مثل السجون - وهي أصلا منافية للتباعد الاجتماعي - ستكون معرضة جدا" لتفشي الوباء، موضحا أن السجون الإيرانية "مكتظة للغاية".

ويشير متحدث باسم المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية شاهين جوبادي إلى أن "وضع هؤلاء المساجين هو قنبلة إنسانية موقوتة".وبعد أن انتابهم الذعر، هرب عشرات المعتقلين أثناء عمليات فرار جماعية في الأسابيع الأخيرة.

واعتبر جوبادي أن "المساجين ليسوا بحاجة إلى أن نشرح لهم الوضع المأسوي الذي يواجهونه. معتقلون توفوا جراء كورونا المستجدّ وآخرون نقلوا إلى المستشفى. هؤلاء المساجين يدركون أنه عندما سيدخل الفيروس إلى سجنهم سيصبحون من دون وسائل دفاع، لذلك لجؤوا إلى هذه الخطوات اليائسة" من أعمال شغب وعمليات فرار.

في تقرير نُشر في التاسع من ابريل/نيسان، اعتبرت منظمة العفو الدولية أن "عشرات آلاف المعتقلين في ما لا يقلّ عن ثمانية سجون" قاموا بتحركات احتجاجية، مضيفة "في سجون عدة، أطلقت قوات الأمن رصاصا حيا واستخدمت الغاز المسيل للدموع" لقمعهم "ما أدى إلى مقتل 36 سجينا وجرح المئات، وفق مصادر جديرة بالثقة".

وتؤكد كاتيا رو من المنظمة أن هذا "التحرك الاحتجاجي في السجون هو أحد أكبر التحركات في السنوات الأخيرة وهذا يعكس القلق الكبير لدى المعتقلين".

وأوضح هادي قائمي أنه "لم يرَ أبدا قبل اليوم مساجين تجرؤوا على الفرار أو التمرد بهذا الشكل"، متهما السلطات باستخدام هذا الوباء كأداة "تعذيب" السجناء السياسيين، حيث "تبقيهم (السلطات) في وضع خطر وفي ظل معاناة نفسية. إنهم أهداف سهلة".

وأعلن القضاء الإيراني الثلاثاء أنه أفرج بشكل مؤقت عن أكثر من ألف معتقل أجنبي. وقال المتحدث باسم السلطة القضائية الإيرانية غلام حسين اسماعيلي "ما فعلته إيران عبر ضمان صحة السجناء ومنحهم أذون خروج هو خطوة مهمة" مقارنة بما فعلته دول أخرى.

والأسبوع الماضي، دعت مجموعة خبراء في حقوق الإنسان إيران إلى توسيع لائحة المعتقلين الذين سيستفيدون من إذن خروج لتشمل "سجناء الرأي وحاملي جنسيتين والأجانب".

وتقول هذه المجموعة إن مئات المساجين يواجهون "خطرا كبيرا بالتقاط عدوى كوفيد-19 بسبب كبر سنّهم ومشاكل صحية".

ولا تعترف الجمهورية الإسلامية بازدواجية الجنسية وتتهم حكومات أجنبية بالتدخّل في ما تعتبره ملفات متعلقة بقضاياها الداخلية.

وبين مزدوجي الجنسية الذين لا يزالون قيد الاعتقال الباحثة الفرنسية الإيرانية فاريبا عادلخاه التي أوقفت في يونيو/حزيران 2019 في طهران. ولطالما أكدت براءتها وهي المتهمة بـ"التواطؤ للمساس بالأمن القومي". وقد عانت من مضاعفات إضراب عن الطعام دام 49 يوما. ورغم تفشي الوباء، مثلت الأحد أمام القضاء الإيراني في جلسة جديدة من محاكمتها في طهران.

وأوضح جان فرانسوا بايار الأستاذ في معهد الدراسات العليا الدولية والتنمية في جنيف والعضو في لجنة دعم عادلخاه، أن "المخاوف لدى اللجنة (بشأن صحة عادلخاه) فعلية نظرا إلى خطورة الوضع الصحي. فاريبا موجودة في زنزانة مع عدة أشخاص آخرين".

غير أنه أشار إلى أن عدد السجينات "انخفض: يبدو أن عددهنّ في سجن النساء تراجع من 42 إلى 18"، مضيفا "بقدر ما نعلم، فإن الحارسات يحمين السجينات فهناك أقنعة واقية ومواد معقمة".

ولم يغيّر الوباء العالمي سمعة إيران لناحية أنها إحدى الدول التي تعدم أكبر عدد من سجنائها في العالم. إذ أن أحد المعتقلين الأكراد يدعى مصطفى سالمي الذي فرّ أثناء تمرد في مارس/اذار، أُوقف مجددا وأُعدم بعد بضعة أيام في سجن سقز (شمال)، وفق ما أفادت وسائل إعلام محلية نقلا عن مصادر قضائية.