عبدالجليل السعيد
من المؤكد أن النفوذ الروسي في سوريا كبيرٌ جداً، إلى درجة تستدعي من بوتين زيارة دمشق على عجل بعد مقتل قاسم سليماني بعد أيام، وبدون أدنى شك لا تحظى الميليشيات التابعة لإيران في سوريا بترحيب من كبار القادة العسكريين الروس الذين يتهمون إيران بدور تخريبي دائم في هذا البلد المنكوب.
وبعد زيارة بوتين الأخيرة لسوريا وتحديداً لدمشق، وضعت وزارة الدفاع الروسية خارطة طريق جديدة ميدانياً في دمشق العاصمة وريفها، تهدف هذه الخارطة إلى عزل الميليشيات المنتشرة في ربوع سوريا عن أماكن كثيرة، وشرع الروس في السيطرة على أماكن حساسة بالقرب من العاصمة السورية كحي السيدة زينب الذي تعيث فيها العصابات الإيرانية واللبنانية والأفغانية والعراقية فساداً لا يخطر على بال منذ سنوات عديدة.
كما نالت ميليشيا حزب الله حصة الأسد من غضب سيد الكرملين الذي أعطى أمراً مباشراً للشرطة العسكرية الروسية المنتشرة في سوريا بإغلاق منافذ حدودية غير شرعية بين سوريا ولبنان، يستعملها عناصر حزب الله يومياً في التهريب والسرقة ونقل السلاح الخفيف والمتوسط والثقيل والاتجار بالبشر، وتحدثت صحف كثيرة مقربة من الميليشيا عن هذا التطور الدراماتيكي المتسارع للأحداث.
ويواجه خليفة سليماني على رأس ميليشيا القدس الإيرانية تحديات كبيرة في سوريا، تتمثل بعدم قدرته على زيارتها بشكل معلن هذه الأيام، وعدم تعاون جنرالات قاعدة حميميم الروسية العسكرية معه، وإلقاء القبض أحياناً على متزعمي ميليشيات محلية يدينون بالولاء المطلق للولي الفقيه، سيما وأن طهران تحاول اللعب مجدداً بورقة زعماء القبائل والعشائر السورية التي يؤيد بعضها مشروع إيران المدمر.
ويدرك الكثير من المتتبعين لتطورات المشهد السوري أن موسكو تضع اللمسات الأخيرة على خطة إعلان الطلاق الرسمي بين حكومتي دمشق وطهران من خلال استراتيجية إعلامية توازي المسار السياسي والميداني لتلتقي أيضاً مع أخبار يومية تتحدث عن تسبب إيران بأزمة معيشية خانقة للسكان السوريين الذين يخضعون لسلطة حكومة الأسد في مناطق كثيرة.
ومن المؤكد أن الجانب الروسي خيب آمال خامنئي في سوريا في أكثر من مناسبة، ومناخ العلاقات بين البلدين لا يرتقي لمستوى التحالف الحقيقي إذا صح التعبير، فروسيا تؤكد على الدوام أن أجندتها في سوريا ليست متماهية مع أجندة إيران الطائفية، وهناك بونٌ شاسع بين المصالح السياسية والاقتصادية لكلا الفريقين داخل هذا البلد العربي الممزق.
