تحاول المرجعية الشيعية في العراق إنقاذ البلاد من ان تتحول الى ساحة للصراع بين الولايات المتحدة وإيران وذلك عقب اغتيال الأرهابي المطلوب لدى أمريكا، قاسم سليماني والهجوم الصاروخي على قاعدتي عين الأسد واربيل.
وندد آية الله علي السيستاني المرجعية الدينية العليا لشيعة العراق الجمعة بالهجمات التي تبادلتها واشنطن وطهران على أرض العراق وحذر من تدهور الأمن في البلد والمنطقة على نحو أشمل نتيجة المواجهة بين عاصمتين.
وقال السيستاني إن "هذه الهجمات تنتهك سيادة العراق وإنه لا ينبغي السماح للقوى الخارجية بتحديد مصير البلد".
وأدلى السيستاني بتصريحاته في خطبة الجمعة التي ألقاها عبر ممثل له في مدينة كربلاء احمد الصافي.
وقال الصافي ان "ما وقع في الايام الاخيرة هي اعتداءات خطيرة واعتداءات متكررة للسيادة العراقية مع ضعف من السلطات في مواجهة تلك الانتهاكات وكفى الشعب ماعاناه من شدائد طوال عقود من الزمن"
وأضاف "في أوقات المحن والشدائد تمسّ الحاجة الى التعاون والتكاتف، ولا يتحقق ذلك الاّ مع استعداد جميع الأطراف للتخلي ولو عن جزء من مصالحهم الذاتية وترجيح المصالح العامة عليها".
وتابع إن "ّالتعامل بأسلوب المغالبة من قبل الأطراف المختلفة التي يملك كل منها جانباً من القوة والنفوذ والامكانات ومحاولة كل منهم فرض رؤيته على الباقين سيؤدي الى استحكام الأزمة واستعصائها على الحل, وبالتالي ربما يخرج الجميع منها خاسرون، وتكون الخسارة الأكبر من نصيب البلد وعامة الناس الذين ليس لهم دخل في الصراعات الداخلية والخارجية الجارية ولا يعنيهم أمرها بمقدار ما يهمهم أمن بلدهم واستقراره والمحافظة على استقلاله وسيادته وتوفير حياة حرة كريمة لهم ولأولادهم.
وأشار"انّ ما وقع في الأيام الاخيرة من اعتداءات خطيرة وانتهاكات متكررة للسيادة العراقية مع ضعف ظاهر للسلطات المعنية في حماية البلد وأهله من تلك الاعتداءات والانتهاكات هو جزء من تداعيات الأزمة الراهنة، والمطلوب من الجميع أن يفكروا ملياً فيما يمكن أن تؤول اليه الأوضاع اذا لم يتم وضع حد لها بسبب الاصرار على بعض المواقف ورفض التزحزح عنها، انّ من المتوقع أن يؤدّي ذلك الى تفاقم المشاكل في مختلف جوانبها الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، وأن يفسح المجال للآخرين بمزيد من التدخل في شؤون البلد وانتهاز الفرصة لتحقيق مطامعهم فيه".
وأضاف إن"ّشعور الجميع بالمسؤولية الوطنية وترجمة هذا الشعور الى مواقف مؤثرة في وضع حل للأزمة الحالية بالاستجابة لمتطلبات الاصلاح وفق الخارطة التي تكرر الحديث بشأنها يشكّل المخرج الصحيح من هذه الازمة لو اريد إنهاؤها بنتيجة مقبولة، بعد كل التضحيات الجسيمة التي قدمها ابناء هذا البلد في مختلف الجبهات والساحات".
وتابع "فلترتق الأطراف المعنية الى مستوى المسؤولية الوطنية ولا يضيعوا فرصة التوصل الى رؤية جامعة لمستقبل هذا الشعب".
ويتخوف العراقيون من ان تدفع بلادهم ثمن الصراع الايراني الأميركي خاصة وان المواجهات حدثت على الارض العراقية.
وتعتمد ايران على ميليشيات حليفة لاستهداف المصالح الاميركية وتثبيت نفوذها في البلاد وفي المنطقة.
وكانت كتل نيابية موالية لايران في البرلمان العراقي صوتت على قرار يقضي باخراج القوات الاجنبية بما فيها الاميركية من العراق.
ودعا رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر الذي يقود كتلة سائرون في البرلمان، مجلس النواب إلى إنهاء الاتفاقية الأمنية مع الولايات المتحدة على الفور والإغلاق الفوري للسفارة الأميركية التي وصفها بسفارة "الشر الأميركية" إضافة إلى جميع القواعد الأميركية بالبلاد.
وكانت الخارجية العراقية عبرت الأربعاء في بيان عن رفضها تحويل العراق إلى ساحة حرب لتصفية الحسابات، مشيرة إلى أنها ستستدعي السفير الإيراني للاحتجاج على الضربات الصاروخية.
لكن البيان يتناقض مع إعلان رئاسة الحكومة العراقية بأن إيران أبلغتها بالهجمات على قاعدتي عين الأسد في الأنبار وقاعد اربيل في كوردستان حيث تتواجد فيهما قوات أميركية، قبل التنفيذ بقليل.
وقالت الخارجية العراقية حينها إنها ستبلغ السفير الإيراني رفض بغداد لاعتداءات طهران، مؤكدة أنها لن تسمح بأن يكون العراق ممرا لتنفيذ اعتداءات أو مقرا للإضرار بدول الجوار.
وشددت على أن العراق بلد مستقل وأن أمنه الداخلي يحظى بالأولوية، رافضة الاعتداءات الإيرانية معتبرة إياها خرقا للسيادة.
وأعرب الرئيس العراقي برهم صالح الأربعاء خلال استقباله السفير البريطاني ستيفن هيكي عن استنكاره للقصف الصاروخي الإيراني الذي طال مواقع عسكرية تضم جنودا أميركيين على الأراضي العراقية فجرا، ردا على تصفية قائد فيلق القدس الجنرال الإيراني قاسم سليماني في بغداد.
وقال صالح في بيان إن رئاسة الجمهورية "تجدد رفضها الخرق المتكرر للسيادة الوطنية وتحويل العراق إلى ساحة حرب للأطراف المتنازعة".
وأدان رئيس مجلس النواب (البرلمان) العراقي محمد الحلبوسي أيضا القصف الصاروخي الإيراني للقاعدتين في العراق، معتبرا أنه "انتهاك لسيادة" البلاد.