تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

إيران لا تمتلك رؤية واضحة للردّ

سيارة أمريكية تشيع جثمان سليماني والمهندس
AvaToday caption
الأميركيين أبلغوا الإيرانيين أن أي رد مبالغ فيه سيعرضهم لغارات لن تتوقف إلا بعد خضوعهم الكامل لشروط وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الاثني عشر
posted onJanuary 5, 2020
noتعليق

إيران لايستطيع

يعمل الإيرانيون على تكييف “الرد القاسي”، الذي يبدو أنه سيتأخر لفترة أطول، مع حالة التنمر في الموقف الأميركي تجاه أيّ أنشطة عدائية لها في العراق، ما يجعل التعاطي مع أيّ هجوم، حتى لو كان محدودا، يكون برد قويّ يساوي بين إيران والميليشيات الحليفة لها في العراق وخارج العراق في ظل حديث إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن امتلاكها بنك معلومات واسعا دقيقا بالنسبة إلى الأهداف التي يمكن أن تستهدفها كرد على موقف إيران.

يأتي هذا في وقت بدأت فيه قيادات من الحرس الثوري تحث على الصبر والتريث بانتظار أن تحدد القيادة شكل الانتقام وموعده.

وقالت مصادر في العاصمة العراقية بغداد إن الأميركيين أبلغوا الإيرانيين أن أي رد مبالغ فيه سيعرضهم لغارات لن تتوقف إلا بعد خضوعهم الكامل لشروط وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الاثني عشر التي أعلنها قبل فترة وإن لا تمييز بين عملية إيرانية أو أخرى يقوم بها أي تنظيم محسوب على إيران.

وكان بومبيو قد طالب إيران بتنفيذ 12 شرطا بينها، ما يتعلق بفتح منشآتها النووية أمام أنظار المفتشين، ووقف نشر الصواريخ الباليستية والتطوير اللاحق للصواريخ القادرة على حمل الأسلحة النووية، بالإضافة إلى سحب جميع القوات، التي تخضع للقيادة الإيرانية، من سوريا.

وعاودت المروحيات الأميركية، السبت، التحليق في أجواء العاصمة العراقية بغداد، وفق مصدر أمني عراقي.

وقال المصدر إن “المروحيات الأميركية ركّزت تحليقها فوق المنطقة الخضراء ومنطقتي الكرادة والدورة، وجسري الطابقين والجادرية”.

والجمعة، حلقت طائرات مقاتلة أميركية وأخرى دون طيار، بكثافة في أجواء العراق، وفق مصدر مطلع في وزارة الدفاع العراقية. وأشار المصدر أن القوات الأميركية في القواعد العسكرية العراقية دخلت حالة الإنذار القصوى، خشية شن هجمات انتقامية لمقتل سليماني والمهندس.

ويعتبر متابعون للتصعيد الأخير بين واشنطن وطهران، أن إدارة ترامب تبدي حزما كبيرا في التصدي لأيّ عمليات يمكن أن تنطلق من العراق أو من إيران، وأنها ستتعامل مع مختلف ردّات الفعل باعتبارها أنشطة إرهابية لا تحتمل سوى الرد العسكري العنيف، وهو ما يثير مخاوف الإيرانيين ويضغط عليهم لتأجيل ردة الفعل، والبحث عن تبريرات لذلك بالحديث عن رسائل أميركية تطلب التهدئة أو الرد المحسوب على مقتل سليماني.

وقال نائب قائد الحرس الثوري الإيراني علي فدوي السبت إن بلاده تلقت رسالة من واشنطن تدعوها إلى أن يكون ردها على الاغتيال "متناسبا".

وأضاف فدوي للتلفزيون الرسمي الإيراني "لجأ (الأميركيون) إلى الطرق الدبلوماسية (…) صباح الجمعة”، و”قالوا إذا أردتم الانتقام، انتقموا بشكل متناسب مع ما فعلناه".

ويرى المتابعون أن هذه التصريحات هدفها امتصاص الغضب الداخلي في إيران وإظهار أن الولايات المتحدة في حالة خوف من الرد “القاسي” لطهران التي تفاوض من موقع قوة، وتمتلك حق الردّ، وهو ردّ قد لا يرى النور مثلما هو الحال في سوريا، حيث ظلت طهران تلوّح بالردّ على الهجمات الإسرائيلية المستمرة ضد الوجود الإيراني دون أن تفعل.

ويرفع الإيرانيون من منسوب التهديدات ضد الوجود الأميركي، مركزين على التعاطف الدولي ضد الاغتيال.

وأعلن محسن رضائي، أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام في إيران، أن بلاده بدأت برصد القواعد العسكرية والبوارج الأميركية في المنطقة.

وحث رضائي، وهو قيادي في الحرس الثوري، الشعب الإيراني على الصبر لأن "عملية اتخاذ الخطوات العسكرية تتسم بأطر وقواعد، وكلما التزمنا بها فستكون صفعتنا أكثر تأثيرا".

كما حذر من أن مقاتلي من وصفهم بـ”المقاومة” في لبنان وسوريا والعراق واليمن وأماكن أخرى لا يريد ذكرها "يستعدون حاليا للقيام بتحرك ما".

ولوّح الجنرال غلام علي أبوحمزة قائد الحرس في إقليم كرمان الجنوبي بإمكانية شن هجمات على سفن في الخليج، في سياق الثأر لمقتل سليماني.

وأشار محللون إلى أن التصريحات المتضاربة بشأن الردّ السريع أو تأجيله، يكشف أن إيران لا تمتلك رؤية واضحة  للردّ، وأن المرشد الأعلى علي خامنئي نفسه يناور بالتهديدات لامتصاص غضب الإيرانيين.