تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

تحرك أميركي لتهدئة جبهة اليمن للتفرغ لإيران

الحوثيون يستخدمون طائرات مسيرة إيرانية الصنع في هجمات على أهدافي في السعودية
AvaToday caption
التوصل إلى حل سياسي تقبله كل الأطراف اليمنية المتصارعة يعني التفرغ لمواجهة التهديدات الإيرانية وأنشطتها
posted onSeptember 5, 2019
noتعليق

أعلن مساعد وزير الخارجية الأميركي للشرق الأدنى ديفيد شينكر خلال زيارة للسعودية الخميس أنّ واشنطن تجري محادثات مع المتمردين الحوثيين بهدف إيجاد حل "مقبول من الطرفين" للنزاع اليمني، وهي المرة الأولى التي يكشف فيها مسؤول أميركي وجود اتصالات بين واشنطن والانقلابيين.

ويأتي الكشف عن هذه الاتصالات في الوقت الذي يكثف فيه الحوثيون هجماتهم بصواريخ وطائرات مسيرة إيرانية الصنع على أهداف في المملكة التي تقود التحالف العربي كما ارتفع منسوب التوتر بين واشنطن وطهران في المنطقة.

ويحتمل هذا التطور أكثر من تفسير في خضم التوتر القائم ومن ذلك أن واشنطن تسعى لتهدئة الجبهة اليمنية واحتواء خطر وكلاء إيران فيها وتقليل جبهات المواجهة.

والتوصل إلى حل سياسي تقبله كل الأطراف اليمنية المتصارعة يعني التفرغ لمواجهة التهديدات الإيرانية وأنشطتها في المضائق المائية التي تمر عبرها معظم إمدادات النفط العالمية والتجارة البحرية.

وتنظر واشنطن للحوثيين على أنهم ذراع إيران في اليمن وأن الوضع الراهن يحتم احتواء أنشطتهم الإرهابية في باب المندب وضد السعودية التي شوّشت على جهود مواجهة التهديدات الإيرانية في الخليج.

وقال شينكر في تصريح للصحافيين في مدينة الخرج جنوب الرياض "تركيزنا منصب على إنهاء الحرب في اليمن ونحن نجري محادثات مع الحوثيين لمحاولة إيجاد حل للنزاع متفاوض عليه يكون مقبولا من الطرفين".

وأضاف متحدّثا في قاعدة عسكرية "نحن نعمل مع المبعوث الدولي مارتن غريفيث ونقيم اتصالات مع شركائنا السعوديين".

وتعزز تصريحات المسؤول الأميركي ما سبق أن ذكرته صحيفة 'وول ستريت جورنال' الأميركية الأسبوع الماضي والتي قالت إن الولايات المتحدة بصدد الإعداد لمحادثات مباشرة مع المتمردين لمحاولة وضع حد للحرب التي تسببت بأكبر أزمة إنسانية في العالم، بحسب الأمم المتحدة.

ولم يحدّد شينكر مكان المحادثات مع الحوثيين وإن كانت مباشرة أم لا، إلا أنه من المؤكد أن دخول واشنطن على خط الأزمة قد يعطي زخما للجهود الدبلوماسية الدولية والعربية الأخرى لإنهاء الصراع اليمني.

في صنعاء، رفض المتمردون تأكيد إجراء محادثات مع إدارة ترامب، لكنهم اعتبروا في المقابل الإعلان الأميركي "نصرا" لهم.

وقال حميد عاصم المسؤول في الجناح السياسي للمتمردين "لا نؤكد ولا ننفي لكننا نقول أن صدورنا مفتوحة للجميع ما عدا الكيان الصهيوني"، في إشارة إلى إسرائيل.

وتابع "أن تقول الولايات المتحدة إنها في حوار معنا، فنحن نعتبره نصرا عظيما وهو دليل على أنّنا على حق".

والمفاوضات بين المتمردين الحوثيين والحكومة اليمنية متوقفة منذ اتفاق ستوكهولم حول الانسحاب من الحديدة وموانئها في ديسمبر/كانون الأول 2018.

وتعثر تنفيذ الاتفاق على ضوء انتهاكات حوثية لوقف إطلاق النار والانسحاب الفعلي من الموانئ ومن المدينة. وعقّدت الممارسات الحوثية جهود المبعوث الأممي لليمين الذي يدفع راهن على اتفاق الحديدة لكسر جمود الأزمة وتمهيد الطريق لمفاوضات أوسع وأوضح تنهي الصراع.

وفي ظل إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، أجرى مسؤولون أميركيون اتصالات مقتضبة مع الحوثيين في يونيو/حزيران 2015، بعد ثلاثة أشهر من بدء العملية العسكرية للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، بهدف إقناعهم بالمشاركة في محادثات سلام ترعاها الأمم المتحدة في جنيف.

لكن مؤتمر جنيف على غرار جولات مفاوضات أخرى، لم ينجح في وضع حد للنزاع اليمني. ويشهد اليمن، أفقر دول شبه الجزيرة العربية، أكبر أزمة إنسانية في العالم حيث يواجه ملايين من سكانه خطر المجاعة، بينما تسبّبت الحرب بتدمير اقتصاده وقطاعات حيوية فيه بينها الصحة.

وتتزامن تصريحات الدبلوماسي الأميركي مع حوار تستضيفه مدينة جدّة السعودية بين وفدي الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي لتهدئة التوتر في جنوب اليمن.

وقد حث المبعوث الأممي لليمن مارتن غريفيث الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي على تسوية الخلافات بينهما بالطرق السلمية في إطار الحوار دعت إليه السعودية.

وقال غريفيث في تغريدة على حسابه بتويتر اليوم الخميس، "‏أدعم المحادثات التي تجري في جدة تحت رعاية السعودية"، داعيا المجلس الانتقالي الجنوبي والحكومة اليمنية على "اغتنام" هذه الفرصة لتسوية الخلافات بالطرق السلمية.

والثلاثاء أشار محققو الأمم المتحدة حول اليمن في تقرير إلى "جرائم حرب" محتملة مع انتهاكات فظيعة لحقوق الإنسان بما في ذلك أعمال قتل وتعذيب وعنف جنسي في هذا البلد.

وقال المحققون الذين عينهم مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في عام 2017، إنهم "حددوا، حيثما أمكن، أفرادا قد يكونون مسؤولين عن ارتكاب جرائم دولية" وقدموا قائمة سرية بالأسماء إلى مفوضة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة ميشيل باشليه.

وتابع المحققون أنّه في حال أكدت محكمة مستقلة ومختصة العديد من الانتهاكات التي تم توصيفها، فإنها "قد تؤدي إلى تحميل أفراد مسؤولية ارتكاب جرائم حرب".

ويأتي التحرك الأميركي لإنهاء الصراع اليمني بعيد إعلان دولة الإمارات الشريك في التحالف العربي الذي يقاتل الحوثيين، الانتقال من من "استراتيجية القوة العسكرية" إلى خطّة "السلام أوّلا" في هذا البلد.

وكتب وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش في مقال رأي في صحيفة واشنطن بوست الأميركية "لم يكن هناك نصر سهل ولن يكون هناك سلام سهل"، لكنه أكّد "الوقت الآن هو لمضاعفة التركيز على العملية السياسية".