تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

هل نحن أمام حرب مع إيران؟

أسطول الحربي الأمريكي في المياه الخليج
AvaToday caption
إيران احترفت مهنة المخاطرة ولم تجرب أبدا العواقب، والمرات التي خاطرت فيها إيران باشتعال الحروب معها كثيرة، أبرزها وأشهرها وأولها الهجوم الذي نفذه أتباعها على مقر المارينز الأمريكيين في بيروت
posted onMay 11, 2019
noتعليق

عبد الرحمن الراشد

في أربعين سنة مرت كثير من الظروف التي كانت فيها احتمالات الحرب واردة مع النظام الإيراني، لكنها لم تقع، فهل التهديدات حقيقية أم فارغة هذه المرة؟

قبل أن نقرأ الوضع الحالي نحتاج إلى أن نقرأ سلوك طهران الماضي، ولماذا لم تدخل إيران حرباً واحدة قط على الرغم من تبنيها المواجهات؟

لأربعين عاماً، رأينا في طهران عقلانية شريرة، تدفع الأمور إلى حافة الهاوية لكنها لا تقفز منها، اليوم الوضع مختلف كثيراً، الإدارة الأمريكية هي التي تدفع بإيران إلى حافة الهاوية، ووصل الوضع إلى مرحلة خطيرة لم يبلغ مثلها النظام الديني الثوري من قبل منذ وصوله إلى الحكم في السبعينيات، في داخل إيران المظاهرات مستمرة، وإن كانت تتخذ من الاحتجاجات والإضرابات المعيشية ذريعة، إلا أنها موقف سياسي شعبي يتزايد، ومع منع النفط ومنع الصادرات المختلفة يبدو أن خيارات إيران صعبة، وهي التي تقف مجبرة هذه المرة على حافة الهاوية.

إما أن تعاند وتستمر في الرفض، على أمل أن تغير واشنطن موقفها أو تتغير إدارة ترامب، لكن هذا يتطلب منها الانتظار عاماً ونصف العام، وبسببه ستواجه خطر انهيار نظامها من الداخل، أو أن تفاوض وتتنازل وهو ما تعلن أنه ضد مبادئها وكبريائها، وضد مشروعها النووي العسكري التوسعي، أو أن تفتعل معركة عسكرية تعتقد أنها ستكسب فيها وتجبر المعسكر الأمريكي على التنازل لها.

إيران احترفت مهنة المخاطرة ولم تجرب أبدا العواقب، والمرات التي خاطرت فيها إيران باشتعال الحروب معها كثيرة، أبرزها وأشهرها وأولها الهجوم الذي نفذه أتباعها على مقر المارينز الأمريكيين في بيروت 1983، وعمليات الخطف والقتل لعدد من الشخصيات الغربية والعربية في بيروت من قبل وكيلها المولود حديثاً «حزب الله» في الثمانينيات، وكانت هناك مضاعفات لحرب العراق-إيران من عام 81 التي دامت ثماني سنوات، مثل هجومها على ناقلات النفط الكويتية.

ومحاولة إيران الهجوم على السعودية بأربع مقاتلات فانتوم، وأسقط سلاح الجو السعودي طائرتين عام 84، وكذلك عندما أسقطت الدفاعات الأمريكية طائرة مدنية فوق مياه الخليج عام 88، وقيل إنها عن خطأ، في ظروف متوترة.

ثم تفجير مقر المارينز في مدينة الخبر السعودية عام 96، وثبت قطعاً أن إيران وراءه واعتقل معظم الفاعلين تباعاً، وعندما تجرأت إيران على استضافة قيادات من «القاعدة» على أراضيها بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001، ثم تورطها الغامض في عمليات الهجوم على أمريكيين في العراق، ودعمها لما سمي حينها المقاومة العراقية، وكذلك تحديها التهديدات الأمريكية المتكررة بقصفها ضد المفاعلات النووية وتخصيبها اليورانيوم لأغراض عسكرية، ثم عندما ثبتت علاقتها بالإرهاب العالمي وليس الإقليمي فقط، بكونها وراء تفجيرات في أفريقيا وأمريكا اللاتينية، ومنها تفجير معبد يهودي في بوينس آيرس-الأرجنتين، عام 94، وكذلك عندما زاد تحديها وتجرأت على التخطيط لعمليات عنف داخل الولايات المتحدة ضد معارضيها، ومؤامرة اغتيال ضد السفير السعودي، حينها في واشنطن، عادل الجبير. هذا فضلا عن الحروب التي شنتها، أو كانت وراءها في سوريا ولبنان والخليج واليمن.

كلها ظروف خطيرة وضعت إيران من خلالها العالم على حافة المواجهات، وكادت تتسبب في مواجهات عسكرية، لكن طهران لم تقدم قط على أي مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة، والعكس صحيح أيضا، تحاشى الأمريكيون الحرب، اكتفت طهران باستخدام وكلائها للقيام بالمهام القتالية مثل «حزب الله» ومليشيات كثيرة أسستها في العراق، و«الحوثي» في اليمن، مما كان يوحي أن سياسة إيران واضحة جداً بتحاشي الصدام العسكري مع القوة الأمريكية الموجودة في المنطقة في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وتعتبر أن لها مصالح حيوية قد تدخل بسببها الحرب دفاعاً عنها، كما فعلت في 1991 لإخراج صدام حسين من الكويت و2003 عندما غزت العراق.

هذه المرة الحرب أكثر احتمالاً، وللحديث بقية..