تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

واشنطن تضع العراق الآن في دائرة اختبار

عبدالمهدي و روحاني في طهران
AvaToday caption
الصرامة الأميركية انعكست في تصريحات للقائم بأعمال السفارة الأميركية في بغداد جوي هود لوّح من خلالها باتخاذ إجراءات ضد العراق، في حال خرق العقوبات المفروضة على إيران
posted onApril 24, 2019
noتعليق

أظهر إعلان الولايات المتحدة عن إنهاء العمل باستثناءات استيراد النفط الإيراني، جدّية واشنطن في المضيّ قُدما بالضغط على إيران وفق المراحل التي سطّرتها سلفا، الأمر الذي يتضمّن إنذارا واضحا للعراق بأنّ مهلة استثنائه من تطبيق العقوبات على طهران التي قامت إرادة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مارس الماضي بتمديدها مدّة تسعين يوما، ليست بلا نهاية وأن التمديد الذي حظي به قد يكون الأخير، ما يعني أنّ حكومة رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي ستكون خلال الصيف أمام موقف بالغ الحرج بإزاء الولايات المتحدة التي يرتبط معها العراق بعلاقات حيوية لا يمكن الاستغناء عنها بسهولة.

وما يزيد من الضغوط المسلّطة على العراق أنه يرتبط في المقابل بعلاقات وثيقة مع إيران، وسيكون بعد اشتداد وطأة العقوبات الأميركية عليها الرئة الاقتصادية الوحيدة لها ابتداء من مايو القادم.

وطالبت الولايات المتحدة، الإثنين، مشتري النفط الإيراني بوقف الواردات بحلول أول مايو أو مواجهة عقوبات، منهية إعفاءات لستة أشهر سمحت بموجبها لأكبر ثمانية مشترين من إيران، ومعظمهم في آسيا، بمواصلة استيراد كميات من الخام الإيراني.

وتعتقد الأوساط السياسية في بغداد أن العراق تحوّل إلى نافذة إيران الوحيدة على العالم، لكنها لن تفتح بسهولة.

ويعتمد العراق على الكهرباء والغاز الإيرانيين كثيرا، ولاسيما خلال الصيف، إذ يشتد الطلب على التيار الكهربائي في ظل ارتفاع درجات الحرارة.

وما تزال أطراف عراقية تعتقد في إمكانية تمديد استثناء العراق من تطبيق العقوبات على إيران. ومن جانبهِ، أعلن زهير الجبوري، رئيس اللجنة الأقتصادية في مجلس محافظة النجف جنوب العراق في تصريح خاص لـشبكة (AVA Today)  "على الولايات المتحدة مراعات خصوصية العراق من العقوبات على إيران".

كاشفاً أنهم " يأملون أن تحصل الحكومة العراقية الى إعفاءً إن كانت وقتية، لحين تصل بغداد لمعالجە أزمتهِ".

وقال الجبوري " هناك تبادل تجاري عالي مستوى بين بغداد وطهران، فلا يمكن الأستغناء عنه بهذه السهولة، على أمريكا أن تراعي وضع المتدهور الأقتصادي للعراق".

لكنّ الصرامة الأميركية انعكست في تصريحات للقائم بأعمال السفارة الأميركية في بغداد جوي هود لوّح من خلالها باتخاذ إجراءات ضد العراق، في حال خرق العقوبات المفروضة على إيران.

وأوضح هود أن “إيران تضغط على العراق لخرق العقوبات الأميركية عليها”، مشيرا إلى أن “العراق قد يعرّض نفسه لإجراءات أميركية في حال عدم التزامه بتطبيق تلك العقوبات”.

وقال هود إن “إيران تغرق السوق العراقية ببضائعها، وتجعل الفلاّحين العراقيين لا يعملون، وتصدر للعراق مواد بـ20 مليار دولار سنويا والعراق لا يرد بالمثل”.

وشدد على أن بلاده أعطت “العراق استثناءات قصيرة الأمد بخصوص استيراد الطاقة من إيران”، قائلا “نريد أن يقوم العراق بإنتاج الطاقة والغاز دون الاستعانة بأي أحد”.

ورد تحالف الفتح البرلماني الجناح السياسي لفصائل ضمن قوات الحشد الشعبي مقرّبة من إيران، بأن القائم بأعمال السفارة الأميركية في بغداد جوي هود “يحاول ابتزاز السلطتين التنفيذية والتشريعية بهدف الحيلولة دون أي تشريع أو قرار من شأنه تقنين الوجود الأميركي في العراق”.

وطالب النائب عن التحالف قصي عباس الخارجية العراقية باستدعاء القائم بالأعمال الأميركي وتسليمه مذكرة احتجاج رسمية.

وعلى صعيد عملي بدأت جهات سياسية عراقية بمناقشة قضية العقوبات على إيران مع دبلوماسيين أميركيين، وقال عمار الحكيم زعيم تيار الحكمة رئيس تحالف الإصلاح والإعمار، الثلاثاء، إثر لقاء مع جوي هود في بغداد “إن العقوبات الاقتصادية سياسة غير مجدية”.

وأشار في بيان إلى ضرورة “ابتعاد العراق عن المحاور الدولية”، مشيرا إلى أنّ “مصلحته الوطنية العليا ومصلحة أبناء شعبه هي البوصلة في علاقاته مع الجميع”.

وكثيرا ما تساءل متابعون للشأن العراقي عن آفاق نجاح سياسة التوازن بين المحاور التي يحاول العراق اتّباعها، في ظلّ المواقف الصعبة التي يواجهها في إدارة علاقاته بأطراف شديدة التضاد في ما بينها ولا ترضى بأنصاف المواقف، معتبرة غالبا أنّ من ليس معها فهو ضدّها.

ويتوقع المحلل السياسي العراقي إحسان الشمري أن تتجه الولايات المتحدة إلى وضع قوائم بأسماء شخصيات سياسية وفصائل وتجار عراقيين مقربين من إيران، على لائحة الإرهاب، مشيرا إلى أن “فرض عقوبات دبلوماسية أميركية على العراق أمر وارد إذا انتهك العقوبات الأميركية على ايران”.

وقال الشمري “أتصوّر أن واشنطن تضع العراق الآن في دائرة اختبار قدرته على إيجاد البدائل، خصوصا في ظل المساحة المتوفرة لديه والرغبة السعودية والأردنية والمصرية في تجهيزه بالطاقة الكهربائية ما يعني قدرته على الاستغناء عن الطاقة الإيرانية”.