تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

التواجد الأمريكي في العراق أمام خيارين

قناص أمريكي
AvaToday caption
تم تقديم مشروع قانون في البرلمان، وفي صورة نادرة، قد يكون هناك إجماع عليه من قبل أكبر كتلتين في المجلس، الأولى بقيادة مقتدى الصدر الذي يسعى ليكون صانع استقلال العراق، والثانية المقربة من إيران
posted onFebruary 7, 2019
noتعليق

يضع العراقيون على الطاولة مجددا لائحة الأولويات لتحديد المهمة المقبلة، وعليه تقف فصائل شيعية عراقية مقربة من إيران في موقع المنتظر لانسحاب أميركي تام ونهائي، وفي جعبتها سلاحان: قانون برلماني، أو المواجهة.

منذ ما قبل حرب الخليج الأولى، كان التذبذب عنوانا في العلاقة بين العراق والولايات المتحدة.

فمن حرب ضروس وحصار خانق مع بداية التسعينيات، فغزو لإسقاط نظام صدام حسين، وانسحاب في نهاية العام 2011، عاد الأميركيون في العام 2014 إلى العراق كشركاء في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية الذي استوطن حينها في ما يقارب ثلث مساحة البلاد.

بعد دحر الجهاديين، عادت القوات الأميركية لتصبح "قوة احتلال" غير مرغوب بها في العراق. وفي حال عارضت تلك القوات الرحيل، عندئذ "يحق للشعب العراقي مواجهتها بأي شكل من أنواع المواجهة"، بحسب ما يقول لوكالة فرانس برس المتحدث الرسمي لكتائب حزب الله العراقية محمد محيي.

وإذا ما قررت واشنطن الذهاب بعيدا، يؤكد الأمين العام لـ"عصائب أهل الحق" الشيخ قيس الخزعلي لفرانس برس "نحن حاضرون".

ولكن قبل الوصول إلى تلك المرحلة، في بلد قتل فيه 4500 جندي أميركي بين العامين 2003 و2011 خصوصا في مواجهات مع فصائل شيعية، يؤكد محيي أن على البرلمان أن يقول كلمته في بادئ الأمر.

وبالفعل، فقد تم تقديم مشروع قانون في البرلمان، وفي صورة نادرة، قد يكون هناك إجماع عليه من قبل أكبر كتلتين في المجلس، الأولى بقيادة مقتدى الصدر الذي يسعى ليكون صانع استقلال العراق، والثانية المقربة من إيران والتي تضم قدامي مقاتلي الفصائل التي أسهمت بدحر تنظيم الدولة الإسلامية.

يشير الخبير في السياسة العراقية الباحث في معهد "تشاتام هاوس" ريناد منصور إلى أن "التنافس في البرلمان منذ ثلاث سنوات، هو بين القوى الشيعية".

ويضيف أن هؤلاء "لا يمكنهم الاتفاق على وزير، ولكنهم يلتقون عند نقطة واحدة، وهي أن التجربة الأميركية في العراق كانت سيئة".

المفارقة هنا، هي أن من أعاد بث الروح في هذا المقترح الذي يرمي إلى جدولة الانسحاب الأميركي من العراق، هو الرئيس دونالد ترامب نفسه.

قبل أيام عدة، أعلن ترامب في مقابلة مع شبكة "سي بي أس" الأميركية أنه يريد إبقاء قواته في قاعدة عين الأسد في محافظة الأنبار بغرب العراق لـ"مراقبة إيران" المجاورة، وهو ما أثار استياء العديد من القوى في العراق.

لكن النفور العراقي ليس وليد اليوم، بل كان برز قبل أكثر من شهر، حين زار ترامب جنوده في العراق بشكل سري ومفاجئ، أربك المشهد السياسي في بغداد، خصوصا وأن زيارته كانت بعيد إعلانه سحب قواته من سوريا.

ما زاد الطين بلة، أن الرئيس الأميركي أكد خلال تلك الزيارة إنه لا ينوي "إطلاقاً" سحب قواته من العراق، بل يرى "على العكس" إمكانية لاستخدام هذا البلد "قاعدة في حال اضطررنا للتدخل في سوريا".

ولهذا، فإن الدبلوماسيين والعسكريين الأميركيين في العراق "قلقون جدا" ويعملون حاليا على "تقليص أضرار" تلك التصريحات، بحسب منصور.

وذلك لأن ترامب "كشف عن الوجه الحقيقي للتواجد العسكري الأميركي، وهو ليس لغرض مساعدة العراق وإنما كمنصة للاعتداء على دول الجوار"، بحسب الخزعلي.

ويضيف الشيخ المعمم صاحب النفوذ القوي في العراق أن "ترامب حتى الآن لم يفهم، لم يدرك جيدا، لم يستوعب الدرس أن هذا البلد العراق، بلد قوي الآن".

ويشدد على أنه "لو أراد ترامب، التاجر، أن يذهب بعيدا في هذا القرار، فعليه أن يعلم علم اليقين أن تكلفة هذا القرار ستكون باهظة جدا".

سيكون القانون في البرلمان "الخطوة الأولى" كما يوضح محيي، لكنه يلفت إلى أن "الولايات المتحدة ستتحدى هذه الإرادة الشعبية من جديد"، وبالتالي فإن حزبه سينتقل إلى "المرحلة الثانية"، وهي مواجهة "قوات احتلال".

ويستطرد بالقول "اليوم فصائل المقاومة وكتائب حزب الله لديها من الإمكانات والقدرات والخبرات التي حصلت عليها في مواجهة عصابات داعش، ما يمكنها من مواجهة أي قوة عسكرية ربما تهدد أمن العراق وسيادته".

وفي كل الأحوال، يرى محيي أن "على القوات الأميركية أن تغادر العراق وأن تجنب البلد وشعبه إراقة دماء وأزمات جديدة، وتجنب أيضا الجنود الأميركيين أن يذهبوا بتوابيت من خشب مرة أخرى إلى الولايات المتحدة".

في هذا السياق، يؤكد منصور أن هذه الموجة الآن ستسمح للقوى الشيعية في "إيجاد تهديد خارجي تتوحد ضده، بدلا من الانقسام حول مشاكلها الداخلية".