د. محمد الموسوي
هل تبقى حياة الشعوب في إيران والعراق ولبنان واليمن وسوريا رهينة لحكم من ضلوا السبيل ويُضلون ويُفسدون في الأرض، ويسفكون الدماء وينهبون رزق العباد بغير الحق؟
كبير هو وجه الشبه بين ما تقوم عليه مراكز القوى في العراق إن لم يكن نسخة طبق الأصل لما هو قائم في إيران من حيث التركيبة البشرية والذهنية والعقيدة وحتى السلوك الشخصي ونمطية العمل السياسي التي يغلب عليها الشعارات الجوفاء وينخدع بها الكثيرين من المغرر بهم وينجرفون معها كغثاء السيل، ولا يفيق منهم وينصرف بعيدا عنهم إلا من كان حليب رضاعته كريماً فيستدرك نفسه وينجو بها بعيداً إذ لا يمكن لهذا النوع أن يعمل أو يكون في محك مباشر مع قطعان الدهماء هذه التي لا يستمر معها إلا من كان طينتها أو أكرهه الزمان وسوء الحال على العمل معهم، والحال في العراق ولبنان واليمن وسوريا هو نسخة مما جرى ويجري في إيران.
بشعار الإدعاء والمذهبية الجوفاء والعصبية والعنصرية المقيتة وبدعم من الغرب تسلق الملالي على ثورة الشعب الإيراني وسرقوا سلطة الشعب وحموا مسيرة الطغيان مسيرة سلفهم من الزوال فكشروا عن أنيابهم وأكملوا المسيرة بالجهل والظلم والكبت والدم والقتل والخروج عن حدود الله، وقتلوا من أبناء وبنات الشعب الإيراني إلى اليوم مئات الآلاف في الشوارع وكذلك من السجناء المحكومين بالسجن باطلاً داخل السجون "حكموهم بالسجن باطلاً ثم عادوا فقتلوهم تحت مسمى الإعدادم بالباطل أيضاً" وقد كان بعض السجناء قد أتم محكوميته وعلى وشك الخروج.. (لكنه خرج إلى مثواه الأخير) ومعظم من أعدموهم جماعياً في السجون نساءاً ورجالاً وأكثرهم كانوا من خيرة أبناء الشيعة المثقفين دفنوهم جماعياً على نحو مُهين وكأنهم ليسوا بشراً، لا يُعرف لهم قبراً.
والعراق الذي كان المُخطط له أن يكون ديمقراطياً أصبح ثيوقراطياً شمولياً رجعياً والحال فيه نفس الحال في إيران وهي المدرسة وكيف للطالب البليد الفاشل العبد أن يخرج عن طوع معلميه الذين يحملون نفس صفاته لكنهم استعبدوه وسلبوه رأيه وإرادته وجعلوا منه نكرة تتمنى الرضى ممن بات يراهم بأنهم أعلى منه قدراً وقيمة، ولو لم يكن إمعة نكرة لما رأى فيهم ذلك وهم نكراتٌ أفرغ من الطبل الأجوف، وبنوا كيانه على التسلق والخداع والإدعاء تم استخدام شعار الدين ممن لا يكادون يفقهون حديثاً ودعمهم مجمع الكهنة بالنجف ودعمهم الغرب الذي همش كل تيار حر وكل رؤية ديمقراطية وطنية حرة وفرضوا على العراق دستوراً موبوءاً عارياً عن الأهلية التي تليق بدولة مثل العراق لكنه أي الدستور كان لائقا بمخططات الملالي كهنة طهران وبمخططات الغرب أيضاً.
ومنذ استلام العصابات الموالية لطهران السلطة في العراق قتلوا وشردوا ملايين البشر وغيبوا آلاف البشر الذين لا يزالون في عداد المفقودين إلى اليوم، واستغرب أنا ومن يشاركني الرأي كيف أصبح تعداد سكان العراق 40 مليون نسمة على الرغم من هذا القتل والتشريد وتراجع الرغبة في الإنجاب وكذلك القدرة على الإنجاب.. لكنه إعادة التوطين لملايين من غير العراقيين ممن ساهموا عسكريا كمرتزقة في صفوف حرس الملالي في المعارك التي دارت في العراق وسوريا تحت مسمى محاربة الإرهاب "الإرهاب الذي صنعوه وسوقوه على المنطقة كأزمة مفتعلة ستأتي بالثمار المطلوبة وكان الهدف القضاء على كل القوى المعادية لمشروع الملالي في العراق وقد فعلوا ونجحوا في ذلك" وأتذكر عدم إيمان قطعان ودواب القاعدة وداعش بفلسطين والقدس وتركيزهم على قتل المسلم فتعود بي الذاكرة إلى الوراء لما حدث من قتل وتنكيل للمسلمين في كوسوفو والبوسنة والهيرسك وإيران لكن الفارق في الموضوع أن داعش والقاعدة والملالي يدعون جميعاً الإسلام؛ والإسلامُ بريئٌ من أفعالهم وسلوكهم، ثم تأتي أحداث غزة الكارثية التي هي أبشع مما حدث في المجازر التي ارتكبها الصرب ويخرج أحد الجنود العراقيين المقربين جدا من الملالي في لقاءٍ أشبه بحوار الطرشان السكارى يحدثونه فيه عن القدس وغزة فيقول ليس للملالي حدوداً مع فلسطين، ثم يضيف ويقول بتعظيم وتفخيم وتأكيد انتظروا المفاجأة التي ستحدث من اليمن ليس باتجاه فلسطين وإنما باتجاه السعودية.. يحدثونه عن فلسطين فيقول لهم انتظروا صواريخ اليمن نحو السعودية... ويضيف بلغة سوقية عدائية فجة وكأنما مُكلفٌ بها "راح يكعدوكم عالرينغات" أي سينكلون بكم؟ أين السعودية وأين فلسطين؛ تلك هي مدرستهم نفس الفكر الداعشي وفكر القاعدة ولا عجب في ذلك فداعش صناعة الملالي وقوى الإستعمار والقاعدة كانت حليفة للملالي.
ثقافة الشعارات والاستعراض في مدرسة الملالي
كعادتهم لا يمتلكون حقائق ولا ثوابت ما هي إلا شعارات فضفاضة تماماً كبيرة عليهم ولا تتماشى مع تكوينهم لكنها تمكنت من التغرير بالكثيرين وخداعهم ولبت مطالب الكثير من المتردية والنطيحة الذين لا مكان لهم سوى مع هذه الكائنات التي باتت تملك سلطة اليوم، وأصبحت تلك المتردية وتلك النطيحة وما دونها اليوم رقماً في السلطة وفي أوساط البعض ويبقون في نظر البعض الآخر هم تلك المتردية وتلك النطيحة وإن علوا.
يخرج أحدهم وهو قيادي ذو شأن بين تلك الكائنات فيقول متى يسمحوا لنا بإستخدام القدرات الجبارة لنحطم وندمر ونمحو ونبيد ونحرر؛ ولا أعلم من يمنعه وما يمنعه.. وقد رفع كبيره الذي علمهم السحر من قبل شعاراً أكبر من رأسه شعار (طريق تحرير القدس يمر عبر كربلاء) وهو ما دفعه إلى شن حرب شعواء على العراق وتدمير خيرة شباب البلدين والقضاء على الاقتصاد فيهما، وها هي كربلاء في أيديهم وبأمرتهم منذ عشرون عاماً ولا تزال القدس مُحتلة؛ الحقيقة التي يجب أن يعرفها هذا وذاك من المخدوعين وغيرهم هي أن هؤلاء ومن على شاكلتهم ليسوا إلا كما قال الرصافي (كلابٌ للأجانب وعلى بني جلدتهم أسودُ) فكيف يكونوا على استعداد لإستخدام القوة التي لديهم كما يدعون، وهل سيسمح لهم من ولاهم الأمر في إيران والعراق باستخدام تلك القوة المزعومة.. كل ما استطاعوا فعله هو تحريك قواهم بالنيابة في العراق للقيام بمظاهرة استعراضية هزيلة على الأردنية العراقية وإطلاق بعض المفرقعات التي تعود الأمريكان على سماعها تحييدها فهم يعرفون ما سيحدث مسبقاً وعلى أتم الاستعداد لتحييده.. هؤلاء هم وليسوا أكثر من ذلك؛ ولقد وجهوا جنودهم في حماس لتنفيذ عملية طوفان الأقصى الإيرانية وتركوا الأبرياء من أطفال ونساء يدفعون ثمن حماقاتهم وحماقات وإرهاب المُحتل الصهيوني، ولم يبدر منهم سوى مفرقعات تصريحات هنا وهناك، ومع ذلك فقد برأتهم أمريكا والغرب وهذا دليل توافق أمريكي مع الملالي بشأن أمور دُبِرت بالليل.
لمن الولاء في نظام حكم ولاية الفقيه وذرعه في المنطقة
الولاء في منظومة ولاية الفقيه في العراق وإيران ولبنان ليس لأوطان ولا أديان ولا مذاهب ولا عقائد سليمة وإنما الولاء لشخص ولي الفقيه وما تجود به قريحته من إبداع في مجال الخطابات والشعارات السحرية الرنانة.. وولاء للامتيازات والمنح والمناصب والمال والنفوذ فكبيرهم لم يكن يحلُم في يوما ما بتلك المناصب والمقدرات وقد كان أكبر حُلم لدى أحد كبارهم هو أن يكون مديراً للتربية والتعليم في مدينة صغيرة وفجاة يُصبح كبير حكومة جمعٍ من اللصوص يحكمون بدعم غربي وتحت ظلال الولي الفقيه ومباركة وحشد وتعبئة كهنة النجف، ولما انتهت جميع وسائل الخداع في طهران وبغداد أصبح التسلط على الشعب علناً بالقمع والدم والقتل وشهد العالم كله على ما حدث لثوار تشرين في العراق وللثوار في طهران، ولا أرى مستقبلاً يُبشر بالخير في هذه المنطقة لطالما يحكم نظام الملالي طهران ويزقون ماء الحياة في مرتزقتهم بالمنطقة.
يرفض الغرب الإطاحة بنظام الملالي كنظام شريكٍ لهم بالمنطقة.. كذلك مولوا الملالي في قمعهم للمتظاهرين، وفي مظاهرات سابقة تكتم الإعلام الغربي عليها وهو ما سمح للملالي بقمعها والقضاء عليها والرئيس الإيراني الحالي مُدانٌ في مقتل 1500 متظاهر إيراني وكذلك مُدانٌ في التورط المباشر في لجان الموت التي أعدمت 30 ألف سجينٍ سياسي بتهمة الحِرابة وذلك بفتوى من خميني، ومعظم هؤلاء الشهداء من منظمة مجاهدي خلق أي أن إعدامهم كان لأسبابٍ سياسية وليس بتهمة الحِرابة.. الحِرابة التي لا يمكن إقامة حدودها الشرعية على 30 ألف شخص بهذه البساطة ومنهم نخب أطباء ومهندسين ومعلمين ومحامين وتجار.
إليكم يا عرب: لا أمن ولا سلام ولا استقرار لكم إلا بدعم ثورة الشعب الإيراني وأن يكون لكم دورٌ مباشر وواضح في قيام إيران حرة وديمقراطية وغير نووية تُلبي مطالب جميع مكونات شعبها وتحترم حقوق الجوار.. ولا خيار لكم سوى ذلك ولا يوجد من يمكنه ضمان نظام الملالي تجاهكم فالسلطة في إيران الملالي هي سلطة مراكز قوى وليست سلطة دولة منضبطة.
النصر للشعب الفلسطيني والموت للإرهاب في كل مكان.