تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

الحوثي على خطى الخميني ينسف الدولة

عبدالملك الحوثي
AvaToday caption
خلال السنوات الماضية، عمل عبدالملك الحوثي على تشكيل بعض مؤسسات الدولة في صنعاء بشكل جزئي، وبدأ بالمؤسسات التي تعزز السلطة الدينية مثل هيئة الزكاة وقطاع الإرشاد والأوقاف والمعونات الإغاثية
posted onSeptember 27, 2023
noتعليق

أعلن زعيم الحوثين عبدالملك بدر الدين الحوثي عن مرحلة "التغيير الجذري" في مناطق سيطرة جماعته، وتؤكد المصادر أن الحوثي يقتفي أثر المرشد الأعلى الإيراني في خطوته لهذا التغيير الذي يتزامن مع احتجاجات كبيرة في صنعاء.

وزعم الحوثي في خطابه عشية ذكرى المولد النبوي الشريف الذي يتزامن مع ثورة 26 سبتمبر، أن التغييرات الجذرية في مؤسسات الدولة ستؤسس لمرحلة جديدة، في تحسين دورها لخدمة الشعب. وأضاف، أن "التغيير الجذري كان يجب أن يتم بعد ثورة 21 سبتمبر لكننا انشغلنا بالقتال.

وأشارت المصادر أن "مرحلة التغيير الجذري الحوثية" مستمدة من مرحلة "الدفاع المقدس والتغيير الجذري" التي أعلنها المرشد روح الله الخميني بعد الثورة الإيرانية واستمرت لنحو عشر سنوات؛ أعاد فيها تشكيل الدولة والمجتمع في إيران وأنشأ مؤسسات تحمي سلطته الدينية.

وأضافت المصادر استنادا لكواليس اجتماعات الحوثيين أن التغيير الجذري يستهدف أيضا إزاحة شركائهم في حزب المؤتمر، بشكل تام من التشكيلة الحكومية المرتقبة، إضافة إلى توجه نحو إلغاء النظام الجمهوري ومكتسبات ثورة 26 سبتمبر إلى جانب وتسريح الآلاف من الموظفين والجنود والضباط.

وجرى الحديث عن إقدام الحوثيين على محاصرة عدد من قيادات حزب المؤتمر الشعبي العام عشية قرارات الحوثي، ومن بين المنازل المحاصرة منزل زعيم المؤتمر في صنعاء الشيخ صادق أمين أبو راس ورئيس الوزراء في حكومة الحوثيين عبدالعزيز بن حبتور.

وأوضحت المصادر أن نقاشات مكثفة تدور في كواليس "الميليشيات الحوثية" حول "التغيير الجذري" تتضمن تسمية عبدالملك الحوثي مرشدا وقائدا أعلى للثورة الحوثية، وتشكيل كيان مساند له يشبه "مصلحة تشخيص النظام في إيران"، بدلا عن المجلس السياسي الأعلى، الذي يقوده المشاط.

ومن المحتمل أن يتصدر اسم محمد علي الحوثي كأبرز المرشحين لتولي رئاسة "مصلحة تشخيص النظام"، وتشكيل "مجلس أعلى لحماية الثورة"، يشرف على تعيين وانتخاب أعضاء مجلسي الشورى والنواب اللذين يعين عبدالملك الحوثي بترشيح من "مصلحة تشخيص النظام ومجلس حماية الثورة ثلث أعضائهما.

وأضافت المصادر أن التغيير الجذري في مرحلته الأولى، قد يدشن بإعادة الهيكل التنظيمي العام للدولة، الذي يشمل الجهاز الإداري الحكومي؛ كدمج وزارات وإلغاء هيئات ومؤسسات حكومية، وأتمتة الإجراءات والمعاملات في المؤسسات. وإلغاء كافة الأجهزة الرقابية، واستحداث كيان بديل، يخضع بشكل مباشر للقيادة العليا للمليشيات.

وكان حزب المؤتمر الشعبي العام قد أعلن الأحد، رفضه أي تغييرات تتناقض مع ثورة 26 سبتمبر.

وقال الحزب في بيان له، بمناسبة الذكرى الحادية والستين لثورة السادس والعشرين من سبتمبر "إن أي تحول أو تغيير يجب أن يرتبط وينطلق ويستمد مشروعه وقيمه ومبادئه من الأهداف الستة لثورة 26 سبتمبر وقيمها ومُثُلها الوطنية".

وأضاف إن تلك قيم وأهداف 26 سبتمبر "كانت وستظل شعاع النور والتنوير الذي يجب أن نهتدي به في كل مراحل التحولات التي تمر بها اليمن واليمنيون".

وهنأ الحزب الشعب اليمني بذكرى الثورة المجيدة، متجاهلا كليًا في بيانه ذكرى سقوط صنعاء والجمهورية بيد الحوثي في 21 سبتمبر، وقال "إن المؤتمر ولد من رحم ثورة 26 سبتمبر".

وخلال السنوات الماضية، عمل عبدالملك الحوثي على تشكيل بعض مؤسسات الدولة في صنعاء بشكل جزئي، وبدأ بالمؤسسات التي تعزز السلطة الدينية مثل هيئة الزكاة وقطاع الإرشاد والأوقاف والمعونات الإغاثية، ليعيد من خلالها ذراع الإمامة المالي إلى يده بعيدا عن الوزارات التي تؤطر تلك المؤسسات وترتبط بالتسلسل الهرمي والأفقي ببقية مؤسسات الدولة التنفيذية والرقابية، وباتت تلك المؤسسات المستحدثة مرتبطة بمكتب السيد القائد "الإمام".

لكن يبدو أن هذا الدور لم يعد كافيا للحوثي الذي يريد أن سلطة أكبر مشابهة للمرشد الأعلى، لكنه بالمقابل يصطدم برفض الشارع اليمني، وقد شهدت صنعاء تظاهرات حاشدة جاب فيها الآلاف من الناس الشوارع حاملين الأعلام الوطنية للتنديد بالقمع والانتهاكات التي يرتكبها الحوثيون.

وقام محتجون بإضرام النار في صور عبدالملك الحوثي للتعبير عن رفضهم لمشروعه الإمامي المستبد.وتجاوبًا مع الموجة الشعبية الغاضبة من الممارسات الحوثية، انتشرت اللافتات والشعارات المنددة بالحوثيين في شوارع صنعاء، ومطالبين بإعادة الأمان والاستقرار إلى البلاد ومرديين شعارات "يرحل الحوثي"

ويحتفي اليمنيون، منذ أيام، بشكل واسع وطرق متعددة بالذكرى الـ61 لثورة 26 سبتمبر 1962 والتي أطاحت بحكم الأئمة في شمال اليمن.

وتعرضت هذه الاحتجاجات لاعتداءات من قبل عناصر مسلحة تابعة للحوثيين. فشهدت صنعاء اشتباكات بين عناصر الميليشيا والمتظاهرين بالحجارة والرصاص.

ولاقت هذه الاحتجاجات استجابة وتأييدًا وارتياحا واسع من قبل العديد من الشرائح في اليمن انعكست على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تسبب الحوثي بأزمات عدة أدخلت البلد في دوامة من الحروب بدأت بحرب 2015 على عدن، ونهب أموال المركزي اليمني وتدمير العملة والقتل وسفك الدماء والعمليات الإرهابية في المحافظات الأخرى.

وتسبب الاعتداء الذي شنه الحوثيون الاثنين الماضي بواسطة طائرات مسيّرة واستهدف مواقعه في جنوب السعودية، بمقتل جندي بحريني ثالث.

وكان الجيش البحريني أعلن الاثنين مقتل ضابط وجندي وسقوط عدد من الجرحى، في هجوم شنه الحوثيين.

ونعت "القيادة العامة لقوة دفاع البحرين" في بيان لها الوكيل أول آدم سالم نصيب الذي "استشهد الأربعاء، متأثراً بجروحه الخطيرة نتيجة الهجوم العدائي الحوثي الغادر وذلك خلال تأدية الشهيد لواجبه الوطني المقدس ضمن قوات تحالف دعم الشرعية في اليمن".

والبحرين، المجاورة للسعودية، عضو في التحالف العسكري الذي تقوده الرياض منذ عام 2015 دعماً للحكومة اليمنية ضدّ المتمرّدين الحوثيين المدعومين من إيران.

واستنكرت السعودية والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والأمم المتحدة الهجوم الذي نسبته واشنطن ولندن والمنامة فقط إلى الحوثيين. ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم كما لم يصدر عن الحوثيين أي تعليق.

ويشكل هجوم المسيرة تصعيدا كبيرا بعد أكثر من عام من الهدوء النسبي في اليمن في ظل زخم شهدته جهود السلام. وقد يقوض الهجوم المحادثات بين المسؤولين السعوديين والحوثيين الذين عقدوا للتو جولة جديدة من المفاوضات حول اتفاق محتمل لإنهاء الصراع.

وقد تكثّف محادثات السلام بين الرياض والحوثيين التي وصفها الطرفان بأنها "جدية وإيجابية"، عقب زيارة علنية قام بها وفد حوثي إلى السعودية هذا الشهر واستمرّت خمسة أيام.

وفي نيسان/ابريل، أنعشت زيارة وفد سعودي إلى صنعاء، إلى جانب التقارب الأخير بين الرياض وطهران، الآمال بالتوصل إلى حلّ سياسي للنزاع الدامي في أفقر دولة في شبه الجزيرة العربية.

وتراجعت حدة القتال في اليمن بشكل ملحوظ بعد وقف إطلاق النار الذي توسّطت فيه الأمم المتحدة ودخل حيّز التنفيذ في نيسان/أبريل 2022. ولا تزال هذه الهدنة سارية إلى حد كبير حتى بعد انتهاء مفاعيلها في تشرين الأول/اكتوبر 2022.

واليمن غارق في حرب على السلطة بين الحوثيين والحكومة منذ منتصف العام 2014، تسبّبت بمقتل وإصابة مئات الآلاف، وبأسوأ أزمة إنسانية في العالم بحسب تقديرات الأمم المتحدة.