تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

الحشد الشعبي بدأ يتحول لحرس ثوري إيراني آخر

الحشد الشعبي
AvaToday caption
ولا توجد أي ضمانات يمكن أن تكبح تجاوزات ميليشيات الحشد وكان ذلك واضحا خلال ثورة تشرين 2019 التي تعرض فيها المتظاهرون المناوؤون للنفوذ الإيراني للخطف والتعذيب والاغتيال
posted onJune 15, 2023
noتعليق

يُشير الاحتفاء الرسمي الكبير بالذكرى التاسعة لتأسيس الحشد الشعبي في العراق واختزال معظم الانتصارات على تنظيم الدولة الإسلامية في جهوده دون أن تحظى القوات العراقية المسلحة بالثناء ذاته واعتبار رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، أنه قوة توازن واستقرار، إلى أن الحشد بدأ يتحول إلى نسخة من الحرس الثوري الإيراني بتشكيلته العقائدية والعسكرية واستقلاليته المالية وحتى القضائية وإلى قوة تبدو رديفة للجيش أكثر منها قوة جرى إدماجها في القوات النظامية.

لكن يشير قرار نقل الحشد إلى معسكرات خارج المدن في الوقت ذاته، إلى أن المديح والثناء على دور هذه الميليشيات الموالية لإيران، ربما محاولة لكبح جماحها وحصر دورها في مهام محددة خشية تغولها وهي التي تحولت في الحرب على تنظيم داعش إلى قوة مدججة بالسلاح تحظى بالغطاء السياسي وبدعم من إيران.

وتأسس الحشد الشعبي بناء على فتوى "الجهاد الكفائي" التي أصدرها المرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني في 2014 لمواجهة زحف تنظيم الدولة الإسلامية على مساحات واسعة من العراق وبعد الانتكاسات التي مني بها الجيش بقيادة نوري المالكي في تلك الفترة.

واعتبر السوداني اليوم الأربعاء في كلمة خلال حفل أقيم بمناسبة صدور فتوى الجهاد الكفائي وتأسيس الحشد، أن "التحديات الأمنية التي كان يواجهها العراق في السابق باتت من الماضي"، مشددا على أن الحشد أصبح قوة اطمئنان واستقرار في البلاد.

وقال إن "الفتوى العظيمة التي أطلقها آية الله علي السيستاني للجهاد لولاها لكان العراق والمنطقة بأسرها تعيش تحت حكم أسوأ عصابات الإرهاب وأكثرها بشاعة وانحلال وكان هذا السلوك الإجرامي واضحا عند هذا التنظيم حيث استباح المدن وسبى النساء، وقتل الشيوخ والأطفال وما هذا إلا دليل على خسة نفوس هؤلاء القتلة الخارجين عن الدين وكل الأعراف والتقاليد".

وتابع أنه "حين انطلقت الفتوى هب العراقيون جميعا ليكونوا جنودا مضحين ومدافعين عن وطنهم فكان أبناء الشعب بكل مكوناتهم وأطيافهم يتزاحمون بالمعسكرات والمدن لينقذوا أخواتهم وإخوانهم في المناطق التي احتلها الإرهاب وتحقق النصر بتلك الوحدة الوطنية التي كان مخطط داعش يفتتها ويمزقها".

ورأى أن التحديات الأمنية التي واجهها العراق أصبحت اليوم من الماضي، مضيفا أن "دور تشكيلات الحشد الشعبي لم يقتصر على تحرير الأرض، بل ساند الجيش لحفظ مؤسسات الدولة والنظام السياسي".

وفي إشارة واضحة على تعظيم قوة الحشد ومكانته، قال السوداني المدعوم من قوى الإطار التنسيقي والمنتمي إليه وهو تحالف للأحزاب الشيعية باستثناء التيار الصدري، إن "الحشد أصبح واحدا من بين أهمِّ التشكيلات الأمنية التي تعتمد عليها الدولةُ والحكومة لمواجهة الأخطار المستقبلية"، مشددا على أنه "لا يمكن الاستغناء اليوم عن الحشد الشعبي أو التفريط به على المستوى الأمني، فقد أصبح جزء أساسيا من حالة الاطمئنان في الشارع العراقي".

وأعلن السوداني أن الحشد بات يمتلك الشرعية الدستورية كاملة بعد صدور القانون الخاص به وأنه يخضع لإشراف القائد العام للقوات المسلحة شأنه في ذلك شأن بقية الأمنية.

لكن هذا الحديث يتناقض مع الأحداث السابقة فقد تمردت ميليشيات الحشد في السابق على رئيس الحكومة السابق مصطفى الكاظمي واقتحمت عناصر من ميليشيات مسلحة تابعة للحشد المنطقة الخضراء وحاصرت مقر الحكومة للضغط على الكاظمي للافراج عن عناصر من حزب الله العراقي اعتقلتهم قوة لمكافحة الإرهاب بتهمة اطلاق صواريخ على القواعد الأميركية.

وداس عناصر تلك الميليشيات صور الكاظمي بالأقدام ولاحقا أفرجت هيئة قضائية تابعة للحشد عن عناصر حزب الله الذين احتفلوا وسط بغداد رافعين شعارات مناوئة للحكومة وهاتفين بعبارات مسيئة لرئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة حينها.

ولا توجد أي ضمانات يمكن أن تكبح تجاوزات ميليشيات الحشد وكان ذلك واضحا خلال ثورة تشرين 2019 التي تعرض فيها المتظاهرون المناوؤون للنفوذ الإيراني للخطف والتعذيب والاغتيال فضلا عن استخدام القوة المميتة (الرصاص الحي) ضد المحتجين ما أسفر حينها عن سقوط ما يزيد عن 600 قتيل.

وفي محاولة لكسب ود الحشد قال السوداني إن حكومته ستعمل على "وضع قانون يضمنُ لأبناء الحشد تقاعدا كريما مثل إخوتهم في باقي القوات الأمنية"، مضيفا "خبرة قواتنا الأمنية وما وصلنا إليه من الإمكانيات على مستوى العدة والعدد، تمكننا من حفظ بلدنا وأمنه".

وفي خطوة من شأنها أن تعزز نفوذ الحشد، أعلن السوداني كذلك أن "الحكومة تعمل على إنشاء معسكرات ومقارّ وقواعد خاصة بالحشد الشعبي خارج المدن، تحقيقا للهدف القتالي الذي أُنشئ من أجله".

وأيد الرئيس العراقي عبداللطيف جمال رشيد الأربعاء، مواقف رئيس الحكومة، داعيا إلى "توفير الدعم والتسليح لقوات الحشد الشعبي".

وقال مستشاره عبدالله العلياوي في كلمة ألقاها بالنيابة عنه خلال الحفل المركزي السنوي بمناسبة الذكرى التاسعة لتأسيس الحشد "إذ نبارك للحشد الشعبي ذكرى تأسيسه، ندعو إلى توفير الدعم والتسليح والتجهيز والاعتناء بجرحاه ورعاية أسر الشهداء منهم".

وتابع "على كل مؤسسات الدولة تخليد ذكرى شهداء الحشد الشعبي وفي مقدمتهم أبومهدي المهندس (نائب رئيس هيئة الحشد)، فضلا عن استبعاد كل من يسيء إلى سمعة هذه المؤسسة".

وشدد رئيس هيئة الحشد فالح الفياض من جهته على أن "مبدأ الحشد الأولى كسر حاجز الهزيمة وخلق حالة الاندفاع والتحدي بعد احتلال تنظيم داعش مناطق ومدن بالعراق وقد تمكن من ذلك ولا أبخس دور القوات العراقية التي كانت متماسكة في ذاك الوقت، التي استطاعت أن تكسر حاجز الإحباط واليأس".

وقال إن "الحشد الشعبي لن يسمح بإنشاء دكتاتورية جديدة على غرار النظام السابق في البلاد"، معلنا أن "الحشد جزء من الدولة العراقية ولن يدخل بالعمل السياسي"، لكن هذا الإعلان يتناقض أيضا مع الواقع في المشهد السياسي العراقي المعقد، إذا أوضحت وقائع سابقة أن الحشد يتدخل في السياسية مستندا لقوته العسكرية أكثر من استناده لتكوينه العقائدي.

وكانت الأزمة السياسية التي شهدها العراق في الأشهر الماضية بين التيار الصدري وقوى الإطار التنسيقي أوضح علامة على تدخل الحشد في السياسة بتأييده الإطار التنسيقي وكذلك بتدخله إلى جانب القوات العراقية في فض اعتصام أنصار التيار الصدري بالرصاص في واقعة قتل فيها 30 من الصدريين.  

أكد الفياض الأربعاء على أن "الحشد سيكون مؤسسة مرتبطة بالدولة، لكن يجب الحفاظ على الروح الجهادية للحشد"، معتبرا أنه نجح في "كسر معادلة الوضع السياسي والاجتماعي السيئ الذي كان يسود في تلك الفترة وقاتل مع الشرطة والجيش وقوات البيشمركة في تحرير الموصل"