تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

الهجرة تهدد النخب العلمية في إيران

متجر في طهران
AvaToday caption
هذه موارد بشرية أُنفقت المليارات على مسيرتها التعليمية غير أن أفرادها لا يجدون وظائف بعد تخرجهم من الجامعات وسيضطرون إلى العمل في قطاعات غير مرتبطة بمجال دراستهم
posted onJune 2, 2023
noتعليق

مع استمرار الأزمة الاقتصادية في إيران، حذر حجة الله أكبر أبادي، وهو من الشخصيات البارزة في النظام الإيراني، في مقال افتتاحي نشرته صحيفة "ابتكار" في عددها الصادر 15 مايو/أيار الماضي، من مغبة تصاعد ظاهرة هجرة الأدمغة والنخب العلمية من البلاد.

وقال "إن الإحصاءات مثيرة للقلق إلى درجة كبيرة، بدءا من هجرة النخب العلمية مرورا بنصف مليون كرسي شاغر في جامعات البلاد".

وتابع: "كان الشباب في فترة الثمانينات يفعلون أقصى ما في وسعهم للانضمام إلى الجامعة ولم يستطع عدد كبير منهم دخول الجامعات لأن الجامعات كانت تقبل عددا محدودا من الطلبة".

وتساءل: "ماذا حصل خلال العقود الأربعة الأخيرة وأدى إلى تخلي الشباب عن الرغبة في الدراسة الجامعية؟ والأسوأ من ذلك أن النخب العلمية تفكر في الهجرة ليس فقط لأسباب تتعلق بمزايا الحصول على المنح الدراسية أو غيرها من التسهيلات بل إن الأسباب السياسية والاقتصادية والاجتماعية لها الأثر الأكبر على دفعهم إلى مغادرة البلاد".

ورأى أن "رغبات الشباب تغيرت وبات الكثير منهم يفضلون الدخول إلى سوق العمل وورش تنمية المهارات بدلا من الدراسة في الجامعات. وهنا يجب أن نوجه الانتقاد إلى المسؤولين ونسألهم لماذا تجاهلوا متابعة هذا الأمر وكشف أسبابه بالرغم من التحذيرات الصادرة عن الخبراء خلال الأعوام الماضية؟".

وأشار إلى أنه "وفقا للتصريحات الأخيرة الصادرة عن المتحدث باسم لجنة شؤون التعليم في البرلمان لا توجد آذان مصغية من المسؤولين لمتابعة مشاكل الشباب والحؤول دون هجرة النخب العلمية!". وقال إن ذلك "يُبرز مخاوف كبيرة من أن المسؤولين لا يحركون ساكنا لتحسين الوضع إلا بعد فوات الأوان وبعد أن تتعرض البلاد لفراغ كبير من حيث القوى البشرية المتخصصة والخبيرة".

ونقل عن نائب رئيس مؤسسة النخب الوطنية قوله إن "37 في المئة من الحاصلين على الدرجات العليا في اختبار الدخول للجامعات يغادرون البلاد بعد انتهاء دراساتهم الجامعية. هذه موارد بشرية أُنفقت المليارات على مسيرتها التعليمية غير أن أفرادها لا يجدون وظائف بعد تخرجهم من الجامعات وسيضطرون إلى العمل في قطاعات غير مرتبطة بمجال دراستهم وتخصصهم الجامعي من أجل أن يكون لديهم دخل وحتى قد يتجهون إلى البيع في الشوارع والتجول مما يؤدي إلى حالة من الإحباط بين الفئة المتعلمة المثقفة ويسيرون في طريق الهجرة بحثا عن حياة أفضل وظروف معيشية ملائمة لأنهم لا يجدون أي مستقبل لهم في البلاد".

ولفت الانتباه إلى أن "الدول الأخرى تترصد لاستقطاب النخب العلمية الإيرانية من خلال إعطاء التسهيلات اللازمة لها"؛ مشددا على أن "هذه المشكلة تحتاج إلى متابعة ورصد فوري لمنع المزيد من الخسائر. بعد التعرف على الأسباب الحقيقية التي تدفع النخب العلمية لمغادرة البلاد فيجب اتخاذ تدابير بناءة وليس سلبية (لأن الخطوات السلبية لم تحل المشكلة حتى الآن) من أجل ضمان عدم هجرة النخب الشبابية وبقائهم في الوطن لخدمة البلاد".

وأوضح أن ذلك "يشكل الحصول على الوظيفة والسكن المناسبين والتمتع ببنى تحتية لازمة لتحقيق الحد الأدنى من المتطلبات التي تجب تلبيتها. ويجب أيضا الاهتمام بتولي النخب المناصب الإدارية العليا في البلاد وهذه مشكلة ستؤدي إلى أضرار بالغة في حال تجاهلها".

واعتبر أن "نجاح هذه الخطوة يعتمد على القيمة التي يحظى بها أصحاب التخصص واستقرار نظام الكفاءات في المنظومة الإدارية في إيران. وهذا أمر لم يحظ بالاهتمام للأسف خلال السنوات الأخيرة وتراجعت نسبة القوى المتخصصة التي تتصدى للمناصب الإدارية العليا وبالتالي تراجعت المؤشرات الإدارية وتم إقصاء كثير من النخب العلمية إلى خارج المسؤوليات الإدارية العليا ودفعهم إلى مغادرة البلاد غصبا".

وذكّر أن "للهجرة آثارا نفسية مدمرة كما أن هجرة أي مواطن من البلاد تعادل سحب 120 ألف دولار من الدورة الاقتصادية. وبغض النظر عن هذه الخسارة الجسيمة فإن الخسارة الرئيسة هي انحسار رأس المال الفكري في البلاد. كما أن استمرار هذه الموجة من هجرة النخب ومنهم المتخصصون في قطاعات الطب والتمريض والهندسة بسبب الظروف الاقتصادية والاجتماعية يؤدي إلى بروز تحديات عديدة على غرار نقص القوى العاملة المتخصصة".

وقال إن آخر "التقارير من المكون الطبي في البلاد تفيد بأن رغبة الأطباء الأخصائيين في مغادرة البلاد أصبحت أكثر من الأطباء العموميين. هذا وتشير الإحصائيات إلى أن حجم هجرة الأطباء بعد تفشي فيروس كورونا وقيود السفر المرتبطة به تضاعف وهذا ما يستوجب الاهتمام، خاصة بعد أن حذرت المنظومة الطبية في البلاد من تزايد مستوى هجرة الأطباء مما يهدد بحصول نقص في الأطباء الأخصائيين في المستقبل القريب.

وختم أكبر أبادي بالتشديد على أهمية "تذكير المسؤولين بخطورة الموقف، متسائلا: ألم يحن الوقت للتفكير جديا ولمحاولة البحث عن حلول تمنع استمرار هجرة النخب؟! ألم يحن الوقت لتوفير ظروف ملائمة تحد من هجرة النخبة بناء على تأمين المصالح الوطنية؟".