تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

إيران تستخدم فزاعة " حراس الدين" ضد العراق

ميليشيات الحشد الشعبي
AvaToday caption
فصائل مسلحة تابعة لهيئة الحشد الشعبي، وليست تابعة لها، تسيطر على العديد من المناطق في محافظات نينوى وصلاح الدين وديالى وكركوك والأنبار
posted onJanuary 19, 2019
noتعليق

كثفت أطراف عراقية مقربة من إيران من إطلاق تسريبات بشأن ظهور تنظيمات إرهابية جديدة، في مناطق شمال غرب وغرب البلاد، في خطوة يقول خبراء أمنيون إن الهدف منها خلق مناخ من التخويف من ظهور داعش جديد، ما يشرّع لبقاء ميليشيا الحشد الشعبي في مناطق سنية وكردية ويعيق مطالب سكان تلك المناطق بسحبها.

وتأتي هذه التسريبات المكثفة، بعد تزايد الجدل بشأن ظهور تنظيم جديد يحمل اسم “حراس الدين”، في محافظة صلاح الدين، شمال غرب العراق. ويدعي مروجو هذه المعلومات أن عناصر هذا التنظيم هم بعض من بقايا جبهة النصرة، الذين انتقلوا من سوريا إلى العراق، خلال الشهور الماضية، على دفعات، وتمركزوا في محافظة صلاح الدين.

وجاءت الإشارات المتزايدة، إلى “حراس الدين” أخيرا في أعقاب اهتمام مماثل، قبل شهور، بتنظيم آخر، يدعى “الرايات البيض”، أو “أصحاب الرايات البيضاء”، قيل إنه ظهر في المناطق الوعرة بين كركوك وصلاح الدين.

واستند أصحاب هذه الإشارات إلى سلسلة من الاختراقات الأمنية، الصيف الماضي، في مثلث جبلي وعر يقع بين محافظات صلاح الدين وكركوك وديالى. لكن المصادر الاستخبارية تقول إن الاختراقات التي شهدها المثلث المذكور، على الأغلب من صنيعة تنظيم داعش، وليس من تنظيم جديد.

وأبلغ ضابط في استخبارات وزارة الداخلية العراقية، ” بأن “مثلث مرتفعات حمرين الوعر، هو معقل حالي لنحو 700 من عناصر داعش، نجحوا في الفرار من القتال خلال عمليات التحرير، في كل من الموصل وتلعفر في محافظة نينوى، والحويجة في محافظة كركوك”. وأضاف أن “هذا التقدير، يستند إلى جهد ميداني تتشارك فيه كل من بغداد وواشنطن”.

ويقول إن “العمل الاستخباري الميداني المشترك بين العراق والولايات المتحدة، لا يدعم فرضية ظهور أي تنظيم إرهابي جديد”، مشيرا إلى أن “الأجهزة الأمنية العراقية تلاحق الآن ما يعرف بالخلايا النائمة لداعش، وتحبط خططا محدودة للتنظيم، بغرض تنفيذ هجمات، لكنها لم ترصد تحركات مجموعات إرهابية جديدة”.

وتابع أنه “لم يسبق أن ألقي القبض على شخص واعترف بأنه ينتمي إلى جماعة الرايات أو حراس الدين”، في مقابل “إلقاء القبض على العشرات من المطلوبين في المثلث الوعر، اعترفوا بانتمائهم إلى داعش”.

وفسر سياسي عراقي، ينحدر من محافظة صلاح الدين، أسباب إصرار بعض الأطراف العراقية على الحديث عن ظهور تنظيمات متشددة جديدة، بأنه محاولة لمنح مجموعات مسلحة شرعية الانتشار العسكري، في بعض المناطق، حتى بعد انتهاء الحرب على داعش.

وقال في تصريح ، “إن فصائل مسلحة تابعة لهيئة الحشد الشعبي، وليست تابعة لها، تسيطر على العديد من المناطق في محافظات نينوى وصلاح الدين وديالى وكركوك والأنبار، التي يغلب السنة على سكانها. وتبرر هذه الفصائل انتشارها هناك بحماية أقليات شيعية أو التصدي لتهديدات أمنية”.

ومنذ إعلان القضاء على تنظيم داعش، يسجل الملف الأمني العراقي استقرارا متزايدا، ما يطرح أسئلة بشأن مصير عشرات الآلاف من المتطوعين في فصائل الحشد الشعبي، وما إذا كانوا سيستمرون في الخدمة.

ويقول السياسي العراقي إن “اختلاق أسماء تنظيمات إرهابية جديدة، هو وسيلة فعالة لتجديد تفويض الفصائل العراقية الموالية لإيران في المناطق السنية”. ويعتقد أن “هناك من يضخم كل حدث أمني يقع في العراق حاليا، وربطه بمؤامرات خارجية وهمية  لزعزعة استقرار البلاد”. ويؤدي “اختلاق” تنظيمات مسلحة جديدة، وظيفة أخرى في العراق، إذ يمكن أن يستخدم غطاء لتبرير فشل الحكومة في تقديم الخدمات.

ويقول سكان محليون في المناطق المحررة من تنظيم داعش، إن المسؤولين المحليين يتذرعون بوجود تهديدات أمنية تعيق عمل مؤسسات الحكومة في مجال الخدمات، وتمنع الشركات الأجنبية من المجيء.

ويعتقد مراقب سياسي عراقي أن ليس من باب الصدفة أن تلتقي الحكومة العراقية والحشد الشعبي عند الحاجة إلى بث الأخبار السيئة في ما يتعلق بالأوضاع الأمنية في المحافظات ذات الأغلبية السنية، مشيرا إلى أن الحكومة عاجزة عن وضع خطة لإعادة الإعمار فيما انتشار ميليشيات الحشد يمنع الدول التي أبدت استعدادها للقيام بتلك المهمة من إرسال الشركات القادرة على تنفيذ خطط الإعمار إلى تلك المناطق.

وأشار المراقب إلى أن الحكومة لا ترغب في إعادة انتشار ميليشيات الحشد في المحافظات ذات الأغلبية الشيعية لما يمكن أن يحدثه ذلك من فوضى أمنية في تلك المحافظات. أما الميليشيات فإنها لا ترغب في الاعتراف بأن مهمتها انتهت وعليها أن تسرح مقاتليها وتعيدهم إلى الحياة المدنية، الأمر الذي تعارضه إيران وهي الطرف المسيطر عقائديا وعسكريا على تلك الميليشيات.

ولم يستبعد في ظل تعثر خطط الإعمار والموقف السلبي الذي تتخذه الحكومة من مسألة استمرار الميليشيات في السيطرة على مدن وقرى عديدة ومنع سكانها المهجرين من العودة إليها، أن يعيد الشباب في تلك المدن تنظيم أنفسهم عسكريا استعدادا لدورة عنف جديدة ما دامت الحكومة غير راغبة في فرض سيادتها أو غير قادرة على القيام بذلك.

وقال المراقب “ما لم تُطو صفحة الحرب عن طريق الإعمار والقضاء على كل مظاهر العزل والتمييز والتهميش التي أدت إلى ظهور داعش فإن تنظيمات إرهابية قد تكون أشد فتكا من داعش ستظهر وسيكون من الصعب على الحكومة القضاء عليها في ظل انهماك الولايات المتحدة في المواجهة مع إيران”.