نقلت وكالة فارس التابعة للحرس الثوري عن مصدر وصفته بالمطلع: "فتح عدد من الأفراد مجهولي الهوية النار على عناصر الأمن في مدينة إيذه"، وذكرت أن الهجوم أدى الى مقتل 4 وجرح 6 أشخاص في مدينة ايذه غربي إيران.
واتهم ناشطون الأمن الإيراني بإطلاق الرصاص صوب المتظاهرين.
يأتي ذلك في الوقت الذي عمت فيه الإضرابات عشرات المدن الإيرانية، مصحوبة بمواجهات مسلحة بين الأمن الإيراني والمحتجين في ايذه ومهاباد وسنندج وكامياران.
ومن جانبهِ نفت فرنسا اليوم الأربعاء، 16 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، مزاعم وزارة الداخلية الإيرانية بأنها ألقت القبض على ضباط مخابرات فرنسيين وسط احتجاجات في البلاد، وطالبت بالإفراج عن جميع مواطنيها المحتجزين في هناك.
وقالت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان أرسل إلى "رويترز"، "تنفي فرنسا نفياً قاطعاً التصريحات الكاذبة لوزير الداخلية الإيراني في شأن مواطنينا الذين اعتقلوا خلال الآونة الأخيرة بهذا البلد، وتذكر بأنها تعتبر كل هذه الاعتقالات تعسفية".
كما أشار وزير الخارجية الفرنسي إلى أن حكومته "على علم باحتجاز سبعة مواطنين فرنسيين بشكل تعسفي في إيران".
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ندد في وقت سابق اليوم الأربعاء، بـ"عداء إيران المتنامي" تجاه فرنسا المتمثل "بالاحتجاز غير المقبول لرهائن"، داعياً طهران "للعودة إلى الهدوء وروح التعاون".
وخلال مؤتمر صحافي في ختام قمة مجموعة العشرين في إندونيسيا، حض الرئيس الفرنسي إيران أيضاً على "احترام الاستقرار الإقليمي"، مشيراً إلى "عمليات القصف في الأيام الأخيرة على الأراضي العراقية".
وأكد ماكرون أن "فرنسا لطالما احترمت القادة والشعب الإيرانيين، لطالما اعتمدنا نهج الحوار والاحترام، أعتقد أن الخيارات التي اتُخذت خلال الأشهر الأخيرة من جانب إيران لا تذهب في هذا الاتجاه، إذاً أدعو للعودة إلى الهدوء واحترام استقرار الإقليم، واحترام أيضاً المواطنين الفرنسيين".
وأشاد ماكرون بـ"شجاعة وشرعية ثورة النساء والشباب الإيراني"، في خضم احتجاجات تهزّ إيران منذ قرابة شهرين وبعد استقباله ناشطات إيرانيات معارضات الأسبوع الماضي في الإليزيه، وهو ما ندّدت به طهران.
واعتبر ماكرون أن هؤلاء النساء والشباب "يدافعون عن قيمنا، مبادئنا العالمية، وعندما أقول مبادئنا، أتحدث ليس فقط عن فرنسا، إنما هذه المبادئ عالمية، هي أيضاً مبادئ ميثاق الأمم المتحدة: المساواة بين النساء والرجال وكرامة كل إنسان".
حض الرئيس الفرنسي إيران أيضاً على "احترام الاستقرار الإقليمي"
وجاء رد ماكرون ووزارة الخارجية الفرنسية على ما أعلنه وزير الداخلية الإيراني أحمد وحيدي للتلفزيون الرسمي اليوم الأربعاء أن السلطات اعتقلت عدداً من عملاء المخابرات الفرنسية فيما يتعلق بالاحتجاجات في البلاد.
وقال وحيدي "تم اعتقال أشخاص من جنسيات أخرى في أعمال الشغب، لعب بعضهم دوراً كبيراً. كانت هناك عناصر من وكالة المخابرات الفرنسية وسيتم التعامل معهم وفقا للقانون".
وتشهد إيران منذ 16 سبتمبر (أيلول) احتجاجات إثر وفاة أميني (22 سنة) بعد ثلاثة أيام من توقيفها من قبل شرطة الأخلاق لعدم التزامها القواعد الصارمة للباس في الجمهورية الإسلامية.
وقضى العشرات، بينهم عناصر من قوات الأمن، على هامش الاحتجاجات التي تخللها رفع شعارات مناهضة للسلطات واعتبر مسؤولون جزءاً كبيراً منها "أعمال شغب". كما وجّه القضاء تهما مختلفة لما لا يقلّ عن ألفَي موقوف.
وفي سياق التطورات الحالية، أصدر القضاء الإيراني حكماً ثانياً بالإعدام بحق شخص على خلفية ارتكابه "أعمال شغب" على هامش الاحتجاجات التي تشهدها البلاد منذ شهرين في أعقاب وفاة الشابة مهسا أميني، وفق ما أفاد موقع إخباري تابع للسلطة القضائية.
وأظهرت الصور التي تداولها النشطاء على شبكات التواصل الاجتماعي إضرابات عامة في العديد من كبرى الأسواق في إيران وتنظيم تجمعات أطلق خلالها المحتجون شعارات جريئة واستهدفت رأس النظام علي خامنئي.
قُتل ثلاثة أشخاص حتى الآن برصاص قوات الأمن الحكومية
ومن المدن التي شهدت إضرابات طهران ورشت وأصفهان وتبريز وشاهين شهر وخرم أباد وبابل وكرمانشاه وبهبهان وصومعة سرا وبروجرد وبوكان وقزوين وبندر عباس والأحواز.
وأتت الموجة الجديدة للاحتجاجات في ذكرى حملة القمع التي شملت العديد من المدن في عام 2019 بعد رفع أسعار الوقود وخلفت المئات من القتلى.
وأصدرت محكمة إيرانية الأحد أول عقوبة قصوى على صلة بالاحتجاجات، إذ قضت بإعدام شخص تمت إدانته بتهم عدة، أبرزها "الحرابة والإفساد في الأرض"، وذلك خلال محاكمة لمتهّمين بالضلوع "في أعمال شغب في محافظة طهران"، وفق موقع "ميزان أونلاين" التابع للقضاء.
إلى ذلك، تم الحكم على خمسة آخرين بالسجن لما بين خمسة وعشرة أعوام.
ومساء الثلاثاء، أوضح "ميزان أونلاين" عن صدور حكم إعدام ثانٍ، وهذه المرة بحق شخص دين بـ"الحرابة" على خلفية "حمل السلاح الأبيض بطريقة أثارت الرعب" في محافظة طهران.
وأضاف أن المدان الذي لم تكشف هويته "أرهب الناس في الشارع من خلال استخدام سلاح أبيض، وأضرم النار في دراجة نارية عائدة لمواطن، وهاجم وجرح شخصاً بسكين".
وأكد "ميزان أونلاين" أن الحكم الجديد، كما تلك التي صدرت الأحد، ابتدائي وقابل للاستئناف.
وسبق للسلطة القضائية أن أعلنت توجيه الاتهام إلى أكثر من ألفي شخص على خلفية الاحتجاجات، علماً بأن عدداً منهم يواجهون تهماً قد تصل عقوبتها للإعدام.
ودعا خبراء لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة إيران يوم الجمعة المنصرم إلى وقف توجيه اتهامات تصل عقوباتها للإعدام بحق أشخاص شاركوا في الاحتجاجات، وحضّوا السلطات على "الإفراج فوراً" عمن تم توقيفهم على هامش هذه التحركات.
وسبق لمسؤولين إيرانيين أن أعلنوا الإفراج عن العديد ممن تم توقيفهم بعدما ثبت عدم ضلوعهم في "الشغب".
ووفق منظمة العفو الدولية التي تتخذ من لندن مقراً، تحتل إيران المرتبة الثانية عالمياً خلف الصين على صعيد تنفيذ أحكام الإعدام، والتي بلغت 314 على الأقل خلال العام 2021.
في السياق ذاته، قُتل ثلاثة متظاهرين على الأقل، الثلاثاء 15 نوفمبر (تشرين الثاني)، برصاص قوات الأمن في محافظة كوردستان الإيرانية، وفق منظمة غير حكومية، في حين شهدت إيران تحركات احتجاجية إحياء لذكرى قتلى سقطوا خلال اضطرابات شهدتها إيران في نوفمبر 2019 على خلفية رفع أسعار الوقود.
وقالت منظمة "هنكاو" الحقوقية غير الحكومية ومقرها أوسلو لوكالة الصحافة الفرنسية "قُتل ثلاثة أشخاص حتى الآن برصاص قوات الأمن الحكومية، اثنان في سنندج وواحد في كامياران"، مضيفة أنها تحاول تأكيد معلومات حول مقتل آخرين.
وترددت في طهران أصداء أصوات أبواق السيارات عندما أغلق متظاهرون دواراً رئيساً في طهران وهتفوا "حرية حرية"، وفق مقاطع مصورة تم التحقق منها.
مع حلول الظلام خرج مزيد من الناس إلى شوارع العاصمة وتجمع بعضهم حول نيران وهتفوا "الموت للديكتاتور"، وفق مرصد "تصوير 1500".
وتدفق متظاهرون إلى شوارع مدن أخرى من بينها بندر عباس وشيراز حيث شوهدت نساء يلوحن بأغطية الرأس. وأطلقت دعوة للإضراب في البلاد.
وأغلقت محال في البازار الكبير في طهران وفي مدن كرمان (جنوب شرق) ومهاباد (شمال غرب) وشيراز ويزد (وسط) وفق تسجيلات فيديو نشرها مرصد "تصوير 1500".
وتأتي احتجاجات الثلاثاء، لإحياء الذكرى الثالثة لبدء تحركات "آبان الدموي" أو نوفمبر الدامي، عندما أدت زيادة مفاجئة في أسعار الوقود إلى احتجاجات دامية.
ولم تُسجل التحركات تراجعاً رغم استخدام النظام الإيراني للقوة المفرطة لمواجهة ما تقول جماعات حقوقية، إنهم متظاهرون سلميون إلى حد كبير وحملة اعتقالات جماعية استهدفت ناشطين وصحافيين ومحامين.
من بين هؤلاء المعارض حسين رونقي الذي أعادته السلطات الإيرانية إلى السجن غداة إدخاله المستشفى حيث تم تأكيد "استقرار" وضعه الصحي، وفق ما أفاد الموقع الإخباري للسلطة القضائية.
والثلاثاء، طالب المفوض السامي لحقوق الإنسان بـ"الإفراج" الفوري عن آلاف الموقوفين بسبب مشاركتهم في التظاهرات مندداً بعقوبات أكثر فأكثر تشدداً، على غرار حكم بالإعدام صدر، أخيراً، بحق ناشط.
وفرض الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، الإثنين، عقوبات على أكثر من 30 من كبار المسؤولين والمؤسسات الإيرانية بسبب حملة القمع. وهددت إيران التي اتهمت الولايات المتحدة وحلفاءها بالوقوف وراء الاضطرابات بالرد.