تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

تظاهرات غاضبة تهز طهران

الاحتجاجات
AvaToday caption
بين أشرطة الفيديو المتداولة إقدام متظاهرين على تشويه أو إحراق صور للمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، في تصرفات نادراً ما تسجل في إيران
posted onSeptember 24, 2022
noتعليق

ذكرت وسائل إعلام رسمية إيرانية أن الرئيس إبراهيم رئيسي قال اليوم السبت إن على إيران "التعامل بحزم مع أولئك الذين يعتدون على أمن البلاد وسلامها".

جاءت تصريحات رئيسي في مكالمة هاتفية قدم خلالها التعازي لأسرة أحد أفراد الأمن قُتل طعنا الأسبوع الماضي، مع توجيه أصابع الاتهام لمتظاهرين غاضبين من وفاة شابة خلال احتجاز الشرطة لها.

إلى ذلك، أظهرت مقاطع فيديو نشرها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي خروج عدد كبير من المحتجين في مدينة "أشنوية" أو مايسمى بالكوردية "شنو" ذات الغالبية الكوردية في غرب إيران وخروج أجزاء من المدينة عن سيطرة السلطات.

وجاب المحتجون شوارع المدينة ولم تظهر أي صور لعناصر الأمن في المدينة. وقال مرصد حقوق الإنسان في كوردستان "سقطت أجزاء كبيرة من المدينة بيد المحتجين".

وعلى رغم لجوء الأمن الإيراني إلى العنف ومقتل العشرات من المحتجين فقد شهدت العاصمة الإيرانية تظاهرات احتجاجية واسعة، ليل الجمعة 23 سبتمبر (أيلول)، رافقتها شعارات جريئة استهدفت رأس النظام المرشد الأعلى علي خامنئي.

ومع بدء الليل أخذت الاحتجاجات منحى تصاعدياً بمشاركة مئات من المحتجين في الشوارع والأحياء المختلفة. ونشر النشطاء مقاطع فيديو تظهر إطلاق الرصاص الحي صوب المحتجين.

 وأظهرت مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي تحققت منها وكالة الصحافة الفرنسية رجلاً يرتدي زياً عسكرياً يطلق النار على متظاهرين لم يحدد عددهم حتى الآن، في منطقة شهر ري في جنوب العاصمة الإيرانية.

وتظهر لقطات أخرى محتجين يركضون أمام فندق بارك رويال في شمال طهران، في شارع شهد فوضى وإشعال حرائق. وسمع دوي ما لا يقل عن ثماني طلقات لم يحدد مصدرها.

وأفادت منظمة "هيومن رايتس إيران" التي مقرها في النرويج الجمعة بمقتل ما لا يقل عن 50 شخصاً في الاحتجاجات. وكانت وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية تحدثت، في وقت متأخر الجمعة نقلاً عن التلفزيون الرسمي، أن "عدد الأشخاص الذين قتلوا في أعمال الشغب الأخيرة بالبلاد ارتفع إلى 35".

وفي وقت سابق أورد مركز حقوق الإنسان في إيران، الذي يتخذ من نيويورك مقراً، أن عدد قتلى الاحتجاجات ارتفع إلى 36، مشيراً إلى تواصل الاحتجاجات في مدن عدة.

وفيما تدخل الاحتجاجات يومها السابع تشهد العشرات من المدن الإيرانية الأخرى تظاهرات ضد النظام.

وأوقفت الشرطة عدداً غير محدد من المحتجين، واعتقلت ناشطين بارزين في المجتمع المدني، مجيد توكلي وحسين روناغي، وصحافية لعبت دوراً أساسياً في كشف قضية أميني، وتدعى نيلوفار حامدي، وفق ما أفادت منظمات غير حكومية ومنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي الجمعة.

واعتقل مجيد توكلي الذي سجن مراراً في إيران خلال السنوات الأخيرة، بما فيها بعد موجة التظاهرات رداً على انتخابات عام 2009، ليلاً من منزله، وفق ما كتب شقيقه عبر "تويتر".

كما وصل عناصر أمن إلى منزل حسين روناغي خلال إدلائه بتصريح لقناة "إيران إنترناشيونال". وبدا روناغي قلقاً في مقطع فيديو نشر على الإنترنت، لكنه أصر على المضي في المقابلة. وذكر في الفيديو أن روناغي الذي يكتب مساهمات في صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية ويشارك في حملات من أجل حرية التعبير، تمكن من الهرب عبر موقف سيارات في المبنى الذي يقطنه، ونشر لاحقاً رسالة عبر الفيديو من مكان لم يحدد.

وأوردت صحيفة "الشرق" اليومية على حسابها على "تيليغرام" أن الصحافية نيلوفار حامدي التي تعمل لديها في طهران أوقف أيضاً. وكانت حامدي أسهمت في تسليط الضوء على قضية مهسا أميني، بعد زيارتها المستشفى الذي كانت ترقد فيه غائبة عن الوعي.

وكانت المصورة الصحافية يلدا مويري أوقفت هذا الأسبوع خلال تغطيتها احتجاجات في طهران، وفق ما ذكرت لجنة حماية الصحافيين الخميس. واتهم ناشطون السلطات الإيرانية قبل بدء الاحتجاجات بتوقيف سينمائيين معروفين هما محمد راسولوف وجعفر باناهي.

قال إيلون ماسك الرئيس التنفيذي لشركة "سبيس إكس"، الجمعة، إنه سيفعل خدمة "ستارلينك" للإنترنت عبر الأقمار الاصطناعية في استجابة لتغريدة لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بأن الولايات المتحدة تتخذ إجراءات "لتعزيز حرية الإنترنت والتدفق الحر للمعلومات" للإيرانيين.

ولا تزال خدمات الإنترنت والاتصالات شبه مقطوعة عن البلاد منذ يومين. وتحدث موقع "نيتبلوكس" لمراقبة الإنترنت عن "اضطرابات" في الشبكة. وكانت خدمات "واتساب" و"إنستغرام" أوقفت منذ الأربعاء. وذكرت وكالة أنباء "فارس" أن الإجراء اتخذ بسبب "أعمال نفذها مناهضو الثورة ضد الأمن القومي عبر شبكات التواصل الاجتماعي".

وفي هذا الإطار، أعلنت واشنطن الجمعة أنها خففت قيود تصدير التكنولوجيا المفروضة على إيران لتوسيع الوصول إلى خدمات الإنترنت التي قيدتها الحكومة بشدة.

واعتبرت وزارة الخزانة الأميركية أن قطع طهران الإنترنت محاولة "لمنع العالم من مشاهدة حملتها العنيفة ضد المتظاهرين السلميين".

وقال نائب وزير الخزانة والي أدييمو، في بيان، إن الإجراء الجديد سيسمح لشركات التكنولوجيا "بتوسيع نطاق خدمات الإنترنت المتاحة للإيرانيين".

وفي نيويورك، قال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في مؤتمر صحافي شارك به على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، "لا بد من التمييز بين المتظاهرين وأعمال التخريب".

وعطلت السلطات الإيرانية الجامعات الكبرى في البلاد، وطلبت من إداراتها اعتماد التعليم عن بعد.

ودعا المجلس الإسلامي لتنسيق التنمية، المكلف تنظيم التظاهرات الرسمية في إيران، إلى التظاهرات الداعمة للحكومة والحجاب الجمعة، ووصف المحتجين بعد مقتل أميني بـ"المرتزقة الذين أهانوا القرآن الكريم والنبي، وأحرقوا مساجد وعلم إيران المقدس، ودنسوا حجاب النساء والأماكن العامة ومسوا بالأمن العام"، وفق ما نقلت عنه "إرنا".

وحمل الحرس الثوري الإيراني بدوره على المتظاهرين وندد بـ"عملية نفسية وحرب إعلامية مفرطة" بدأت "بذريعة وفاة مواطنة". وأشاد الحرس الثوري بـ"جهود وتضحيات الشرطة"، واصفاً ما يحصل بأنه "مؤامرة جديدة سيكون مصيرها الفشل".

وكان آلاف المتظاهرين قد نزلوا، الجمعة، إلى الشارع في عدد من المدن الإيرانية بناءً على دعوة منظمة حكومية تأييداً لوضع الحجاب، مثلما يجري عادةً كلما تتصاعد التظاهرات الاحتجاجية ضد النظام، وذلك بعد تظاهرات متواصلة منذ سبعة أيام إثر وفاة الشابة مهسا أميني، التي كانت أوقفتها شرطة الأخلاق بسبب "لباسها غير المحتشم".

إلى ذلك، قال الجيش الإيراني، في بيان، إنه "سيتصدى للأعداء" لضمان الأمن والسلام في البلاد وذلك مع تصاعد الاحتجاجات.

كما نقلت وسائل إعلام إيرانية، أن وزير الاستخبارات يحذر "المحرضين" من أن "حلمهم بهدم القيم الدينية" لن يتحقق مطلقاً.

وأعلنت أجهزة الاستخبارات في بيان أن "كل مشاركة في تظاهرات غير قانونية ستعاقب أمام القضاء".

وتخللت الاحتجاجات مواجهات بين متظاهرين وقوات الأمن، وأحرق المتظاهرون آليات للشرطة وألقوا حجارة باتجاهها، وفق أشرطة فيديو تم تداولها عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وردت الشرطة بإطلاق الغاز المسيل للدموع وأوقفت عدداً من الأشخاص، بحسب وسائل إعلام إيرانية. وبين أشرطة الفيديو المتداولة إقدام متظاهرين على تشويه أو إحراق صور للمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، في تصرفات نادراً ما تسجل في إيران.

وقال مركز حقوق الإنسان في إيران "ICHRI" إن الحكومة ردت على المتظاهرين بـ"الذخيرة الحية والمسدسات والغاز المسيل للدموع، وفق أشرطة فيديو متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي ظهر فيها أشخاص ينزفون بغزارة".

وأثار موت أميني، البالغة 22 سنة، إدانات شديدة في عدد من الدول والمنظمات غير الحكومية الدولية، التي انتقدت أيضاً قمع التظاهرات الاحتجاجية التي رفعت فيها هتافات تطالب بالحرية وسقوط النظام.

وكانت الشابة الإيرانية أوقفت بسبب ارتدائها "لباساً غير محتشم"، وقال ناشطون إنها تلقت ضربة على رأسها لكن السلطات الإيرانية نفت ذلك، وقالت إنها فتحت تحقيقاً في الحادثة.

وفرضت الولايات المتحدة عقوبات على "شرطة الأخلاق" في إيران واتهمتها بالإساءة إلى النساء واستخدام العنف ضدهن، وحملتها مسؤولية وفاة أميني. واتهمت وزارة الخزانة الأميركية شرطة الأخلاق بانتهاك حقوق المتظاهرين السلميين. وقالت إنها فرضت عقوبات على سبعة من كبار المسؤولين العسكريين والأمنيين في إيران، ومن بينهم قائد القوات البرية بالجيش الإيراني.

وقالت وزارة الخزانة إن من بين المسؤولين السبعة الخاضعين للعقوبات رئيس "شرطة الأخلاق" محمد روستامي وقائد القوات البرية بالجيش الإيراني كيومارس حيدري ووزير الاستخبارات إسماعيل خطيب. وأضافت الوزارة أنه نتيجة لهذه الإجراءات، يحظر التعامل على ممتلكات ومتعلقات هؤلاء الأشخاص الواقعة تحت الاختصاص القضائي الأميركي ويجب إبلاغ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بوزارة الخزانة عنها.

وقالت وزيرة الخزانة جانيت يلين في بيان، "مهسا أميني كانت امرأة شجاعة، كان موتها في حجز لشرطة الأخلاق عملاً وحشياً آخر لقوات أمن النظام الإيراني ضد شعبه". وأضافت، "ندين بأشد العبارات هذا العمل الشائن، وندعو الحكومة الإيرانية إلى إنهاء العنف الذي تمارسه ضد النساء، وكذلك حملتها العنيفة المستمرة على حرية التعبير والتجمع".

ولم ترد بعثة إيران لدى الأمم المتحدة حتى الآن على طلب للتعقيب على العقوبات.

وقال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية للصحافيين، مشترطاً عدم ذكر هويته، إنه سيكون هناك مزيد من الخطوات في الأيام المقبلة من دون ذكر تفاصيل.