تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

حزب الله للبنانيين.. جبران أو الفراغ

حزب الله
AvaToday caption
العودة إلى تعطيل المؤسسات ستكون أول طريق جبران إلى قصر بعبدا. قد يبدأ التعطيل من مجلس النواب نفسه، فانتخاب نبيه بري رئيساً لن تكون مهمة سهلة، لكنها على رغم ذلك أهون المهام
posted onMay 27, 2022
noتعليق

حازم الأمين

من الصعب على معظم اللبنانيين، وعلى كثيرين غير لبنانيين، تحمّل فكرة أن يكون جبران باسيل رئيساً للجمهورية خلفاً لعمه ميشال عون. لكن الأمر وارد جداً، وبحسب آخرين هو مرجح! ذاك أن الناخب الأول في لبنان هو "حزب الله"، وهذا الأخير لن يجد رئيساً أفضل من باسيل يصرف له مهمته.

كل ما عدا ذلك هراء بهراء، وأي مواجهة يجب أن تقدم مهمة منع باسيل من تحقيق هدفه.

جبران باسيل على رغم كل ما شهدته مسيرته السياسية من فضائح وفشل وفساد وارتهان ما زال يراهن على أن يصبح رئيساً للجمهورية.

تراجع كبير في نسبة التصويت له في الانتخابات، والكهرباء التي تولى ملفها منذ أكثر من عشر سنوات صارت حلماً يستحيل تحقيقه، وانتفاضة اللبنانيين في ١٧ تشرين كان جبران شيطانها، والتيار الذي ورثه عن عمه تشظى وانفض عنه كثيرون، والإدارة الأميركية استهدفته بعقوبات هو ومساعدين له، والرجل غير مرحب به في معظم دول العالم، باستثناء روسيا وايران، ورغم كل ذلك، لجبران حظوظ في أن يصبح رئيساً لجمهورية البؤس اللبنانية.

لكن على المرء، وقبل أن يباشر في تفسير السبب الحقيقي لهذا "الصمود" التاريخي لرجل مثل جبران باسيل، عليه أن يمر على حقيقة النظام الطائفي الذي يوفر طبقات من الحمايات لهذا النوع من الأشخاص.

فجبران وإن كان فقد جزءاً من كتلته النيابية، لكن هزيمته لم تكن ساحقة، وحزب الله الذي أمده بأصوات وبمقاعد لم يكن ناخبه الوحيد، وثمة لبنانيون آخرون أوصلوه أيضاً، وهؤلاء هم جزء من قطعان أفرزها النظام الطائفي.

والحال أن إيصال جبران إلى بعبدا ليس طموحه لوحده، ومن المرجح أن يباشر حزب الله شق طريق الصهر إلى المقعد الذي أجلس الحزب به عمه قبل نحو ست سنوات.

نعم، لقد باشر الحزب المهمة في يوم الانتخابات، أي يوم بذل جهوداً هائلة لرأب الخسارات المحتملة لربيبه المسيحي، وبعد الانتخابات وتحديداً في خطبة نصرالله الأخيرة.

لا بل أن نتائج الانتخابات التي خسر فيها الحزب الغالبية التي كانت بحوزته قبلها، جعلت من مهمة إيصال جبران ملحة، ذاك أن مشهد البرلمان لن يكون ذاته، وأمام الحزب خصوم لن يكون سهلاً عليه تمرير نفوذه وسطوته في ظل وجودهم، من دون تحصين نفسه برئيس من خامة باسيل.

لكن المؤشر الأوضح على الفراغ الذي ينتظرنا، هو العبارة الصريحة والواضحة التي قالها عمه الرئيس وهي: "لن أسلم إلى الفراغ". إذاً الخطة تقضي بأن يعطل ميشال عون تشكيل حكومة جديدة وأن يبقى في القصر بانتظار أن ينجز حزب الله إخضاع حلفائه وخصومه على نحو ما فعل في عام ٢٠١٦.

العودة إلى تعطيل المؤسسات ستكون أول طريق جبران إلى قصر بعبدا. قد يبدأ التعطيل من مجلس النواب نفسه، فانتخاب نبيه بري رئيساً لن تكون مهمة سهلة، لكنها على رغم ذلك أهون المهام. سيليها تسمية رئيس الحكومة ومن ثم تشكيلها، وهذه كلها فرص لن يبددها الحزب، في سبيل تحقيق الفراغ.

وحزب الله سيلعب ورقة أنه لم يعد الغالبية في سياق توزيع المسؤولية عن الفراغ، ونبيه بري الذي قد لا يخضع لخيار جبران، سيمرر للحزب التعطيل والانتظار. لكن تعليق المؤسسات سيترافق مع تواصل الانهيار ووصوله إلى مستويات غير مسبوقة.

سيقول حزب الله للبنانيين: "يا جبران يا الفراغ (إما جبران أو الفراغ)". هذا تماماً ما فعله عندما أوصل ميشال عون إلى بعبدا. سنتان أمضاها اللبنانيون من دون رئيس ومن دون حكومة ومن دون مؤسسات.

المهمة ملحة هذه المرة أكثر، إلا أنها صعبة فعلاً، فحلفاء الحزب الآخرين، وأركان النظام ممن أوصلوا ميشال عون إلى بعبدا، لن يكون سهلاً عليهم هضم جبران. نبيه بري ووليد جنبلاط وسليمان فرنجية، وقبلهم طبعاً سمير جعجع، لن يستجيبوا لحاجة الحزب هذه المرة.

إذاً لا بديل يلوح سوى الفراغ، وأمين عام حزب الله، حسن نصرالله، سيملأ هذا الفراغ بخطبه وبالمهام المستجدة في "جمهورية المقاومة" ولعل أبرزها "الكنز" الذي شرع يخبرنا عنه والمتمثل في حقول الغاز التي يحتاج لبنان لكي يحميها إلى مزيد من "سلاح المقاومة".

لكن بيع الأوهام هذه المرة سيكون مترافقاً مع كارثة موازية، فالدولار سيواصل صعوده وإفلاس الدولة سيفضي إلى تحلل ما تبقى من خدمات على كل المستويات، وسنمضي أياماً لم نعهد مثلها، وها نحن باشرنا ذلك على كل حال.