تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

النتائج الكارثية إذا قرر بايدن تشريع "الباسدران"

الحرس الثوري
AvaToday caption
في عام 2018 انسحبت إدارة ترامب من الاتفاق النووي وصعّدت العقوبات على إيران، وصولاً إلى وضع "فيلق القدس" وكل منظمة "الباسدران" على لائحة الإرهاب، مما صّعد الأزمة بين الطرفين وأدى إلى اعتداءات إيرانية على القوات الأميركية في المنطقة
posted onMarch 24, 2022
noتعليق

وليد فارس

من بين أخطر التحديات للأمن الإقليمي والدولي، قرار محتمل لإدارة جو بايدن بسحب اسم "الحرس الثوري" الإيراني من لوائح الإرهاب الأميركية، كجزء من صفقة آلية العودة إلى الاتفاق النووي الذي انسحبت منه الإدارة السابقة. وبسبب دور هذه القوة العسكرية- الأمنية في مشاريع النظام وتمدده في المنطقة، تتعالى الأصوات داخل أميركا وفي المنطقة؛ انتقاداً لهكذا احتمال، ويحذر أعضاء كثر داخل الكونغرس من نتائجه، إذا تم. فما النقاط الأساسية لهذا الملف؟

خطر "الباسدران"

مما بات لا شك فيه منذ سنوات، أميركياً، وإقليمياً، وعربياً، أن ميليشيات "الحرس الثوري"، المعروفة بـ"الباسدران" هي بمثابة "سلسلة الظهر" التي يقوم عليها النظام الإيراني. فهذه الميليشيات الرسمية الموازية للجيش الإيراني، تسيطر عملياً على الدولة وتحمي المنظومة الحاكمة من المعارضة الداخلية. فـ"الباسدران" مسؤولة عن حماية السلطة من الانتفاضات الشعبية الداخلية وتلاحق المنشقين، داخلياً وخارجياً. وهي من تراقب القوات المسلحة والإدارات والمحاكم، لصالح الملالي الحاكمين. و"الحرس" هو أكثر من ميليشيات، حيث إن هذه القوة تتمتع بأعلى مستوى تسليح يفوق تسليح الجيش، والأخطر أن "الباسدران" تمسك بالبرنامج النووي والصواريخ الباليستية وهي المسؤولة عن إطلاقها. فهذه القوة، الرابطة لكل الميليشيات والمنظمات الموالية لإيران، هي عصب استراتيجي للإرهاب الذي يشكل مظلة شاملة للمحور الإيراني عالمياً. لذا فوضعها على لوائح الإرهاب أو عدم وضعها هو مسألة كبيرة وخطيرة. فإدراج "الباسدران" على اللوائح يعني إدراج النظام وعزله ومنعه من ممارسة أعماله ضد الآخرين في المنطقة. أما رفع الاسم من اللائحة فيعني إطلاق عنان النظام داخلياً وعالمياً. فكيف وصلت الأمور إلى هنا؟

مشروع أوباما

الصدام بين أميركا وإيران بدأ مع ولادة "الجمهورية الإسلامية" في عام 1979، مع عملية السفارة في طهران، إلى تفجير المارينز في عام 1983 والسفارة في بيروت في عام 1984، إلى التفجير في السعودية في عام 1994، إلى استهداف القوات الأميركية في العراق خلال الحرب. إدارة بوش صنفت النظام الإيراني في عام 2001 كجزء من "محور الشر". إلا أن إدارة أوباما قلبت السياسة الأميركية تجاه إيران رأساً على عقب واستبدلتها بمشروع "الاتفاق النووي الإيراني" الذي تم التوقيع عليه في عام 2015. وبناء على الاتفاق، بدأت مسيرة تطبيع بين واشنطن وطهران على مراحل كانت ستتكلل بعودة علاقات طبيعية محتملة بين البلدين مع الوقت، وبالتالي رفع العقوبات عن المؤسسات الإيرانية.

انسحاب ترامب

في عام 2018 انسحبت إدارة ترامب من الاتفاق النووي وصعّدت العقوبات على إيران، وصولاً إلى وضع "فيلق القدس" وكل منظمة "الباسدران" على لائحة الإرهاب، مما صّعد الأزمة بين الطرفين وأدى إلى اعتداءات إيرانية على القوات الأميركية في المنطقة، والرد عليها، الذي وصل إلى استهداف قائد "فيلق القدس" قاسم سليماني. وبات هاجس طهران إخراج "عصب النظام" من لائحة الاستهدافات الأميركية. وفتحت مرحلة رئاسة بايدن هذا الاحتمال.

بايدن والعودة إلى الاتفاق

مع انطلاقة الإدارة الحالية في عملها للعودة إلى الاتفاق، شددت إيران على شرط أساسي، وهو إخراج "الباسدران" من لائحة الإرهاب. فدخل ملف "الحرس" في المفاوضات بين الجهتين، وانفجر الوضع السياسي من جديد في واشنطن. ففريق الإدارة يسعى إلى تمرير إزالة "الحرس" من اللائحة، والمعارضة الجمهورية وبعض الديمقراطيين يتصدون بشراسة لهكذا قرار. ويبقى السؤال افتراضاً، ماذا قد يحصل إذا أُزيلت صفة المنظمة الإرهابية عن "الحرس"؟

النتائج المباشرة

إن إخراج "الحرس الثوري" الإيراني (IRCG) من لوائح الإرهاب الأميركية سيقود مباشرة إلى رفع كل العقوبات عن تلك الشبكة والسماح لها بالتحرك مالياً، وبالتالي تنظيمياً، وميدانياً، واستخباراتياً، في كل الدول التي تعمل بها. مما يعني أن هذا الجهاز الإيراني سيستمر بأعماله، ولكن من دون رادع. وبالتالي قد نتوقع عودة تزخيم دعم الميليشيات التابعة لطهران في أربع دول عربية، وشبكات في باقي الدول العربية والإسلامية ودول في أميركا اللاتينية، وأفريقيا، وآسيا، وحتى في الغرب. وسيقود ذلك إلى تأزم أكبر، وتصعيد المواجهات، وقد ينتج عنه خطر اندلاع حربَين في الشرق الأوسط. حرب بين إيران ودول التحالف العربي، لا سيما مع السعودية والإمارات. وحرب أخرى بين إسرائيل وإيران. والمواجهتان إن حصلتا فستكون لهما تداعيات عسكرية واقتصادية وبشرية كبرى.

وقد ترتد هذه التداعيات داخلياً في الولايات المتحدة نفسها، حيث ستقوم الأكثرية الجديدة في الكونغرس، المتوقع أن تكون جمهورية، باتخاذ قرارات دراماتيكية تعاكس سياسة الإدارة كلياً في هذا الملف، مما يحدث انقساماً عميقاً في السياسة الخارجية قد يضعف الموقف الأميركي دولياً. وقد يستمر الوضع كذلك حتى الانتخابات الرئاسية في عام 2024.

التعقيدات

يبدو أن إدارة بايدن مصممة على التوقيع، وفريقها المسؤول عن الملف مستعد لتقديم هذه "الهدية"، أي إعادة تشريع "الباسدران"، لطهران بغية إرضائها، من أجل تسوية الأوضاع. في المقابل، فإن حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة يرفضون هكذا خطوة وسيتحركون وكأنها لا تعنيهم، وبشكل خاص إسرائيل. فهل سيضع الديمقراطيون المعارضون لتلك الخطوة ثقلهم لثني البيت الأبيض عن رفع التصنيف الإرهابي، على الأقل حتى ما بعد الانتخابات النصفية في نوفمبر (تشرين الثاني) لمعرفة مَن سينتصر؟ لا ندري.

وفي هذا الوقت الضائع سنستمر في التقييم حتى حدوث الأمر أم عدم حدوثه.