حدّد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الأحد مستويين للتعامل مع دول الجوار، الأول يهم “دول الجوار التي لم تتدخل في الشؤون الداخلية للعراق”، والثاني الدول “ذات التدخل الواضح”، في إشارة إلى إيران.
ويعكس الموقف المستجد لرجل الدين الشيعي قناعة لديه بأنه سيكون مهندس وضابط إيقاع الحكومة الاتحادية المقبلة، بالرغم من محاولات إيران والقوى الموالية الحيلولة دون ذلك.
وتصدّر التيار الصدري نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت في العراق في العاشر من الشهر الجاري بواقع 73 مقعدا، بيد أن هذا الانتصار معرض للاهتزاز في ظل مساعي القوى الموالية لإيران إلى محاصرته وتبديد هذا الإنجاز.
وتسعى القوى المدعومة من طهران والممثلة في الإطار التنسيقي الذي يضم كتلة “دولة القانون”، صاحبة المرتبة الثالثة في الانتخابات التشريعية، لسحب البساط من الصدر والحيلولة دون أن يكون صاحب اليد الطولى في رسم معالم المرحلة الجديدة ما بعد الانتخابات.
وتلعب إيران دورا محوريا في هذا الصدد من خلال فريق لها من الحرس الثوري الذي يعمل على إنجاح جهود تشكيل تحالف انتخابي يقوده رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي وزعيم “فتح” هادي العامري، لتشكيل أكبر كتلة نيابية تكون لها الأولوية لاختيار رئيس وزراء وتشكيل الحكومة الجديدة.
وتثير هذه المحاولات غضب التيار الصدري الذي يحاول كسر الحصار التي تعمد الجهات المقابلة إلى تطويقه به، مصرا على فرض الفوز الانتخابي الذي حققه على أرض الواقع، وبدون شريك منافس، وإن كانت مجريات الأمور لا تبدو حتى اللحظة في صالحه.
وقال الصدر في بيان إن “سياستنا في التعامل مع دول الجوار في المرحلة المقبلة ستكون على مستويات، أولها دول الجوار التي لم تتدخل في الشؤون الداخلية للعراق، حيث سنسعى لتوطيد العلاقات معها وتفعيل الدور الدبلوماسي المشترك”.
وأضاف الصدر في بيانه أن “المستوى الآخر يتعلق بدول الجوار ذات التدخل الواضح في الشأن العراقي السياسي والأمني وغيرهما، فسيكون التعامل معها عبر فتح حوار عالي المستوى لمنع التدخلات مطلقا، فإن كانت الاستجابة فهذا مرحب به، وإلا سنلجأ إلى الطرق الدبلوماسية والدولية والمعروفة لمنع ذلك”.
وتابع الصدر “سنعمل على حماية الحدود والمنافذ والمطارات والتشديد في التعامل معهم (الدول التي تتدخل في الشأن الداخلي)، وأن صدور أي فعل يعتبر مساساً بالسيادة العراقية سيكون بابا لتقليص التمثيل الدبلوماسي أو غيره من الإجراءات الصارمة المعمول بها دوليا”.
وشدد الزعيم الشيعي على أن “العراق لن يتدخل في شأن الدول المجاورة، ولن تكون الأراضي العراقية منطلقا للضرر عليهم وخصوصا مع الدول التي تحترم السيادة العراقية كاملة”. وأكد أنه لن يسمح بـ”تدخل أي دولة في شأن الانتخابات العراقية ونتائجها وما يترتب عليها من تحالفات وتكتلات وتشكيل الحكومة”.
وكان الصدر صرح السبت بأن عدم الاقتناع بنتائج الانتخابات “أمر معيب يزيد من تعقيد المشهد السياسي والوضع الأمني”، مشيداً ببيان مجلس الأمن الدولي بشأن الانتخابات.
وقال في تغريدة على تويتر إن “تأييد مجلس الأمن لنتائج الانتخابات العراقية وتبني نزاهتها بل القول بأنها فاقت سابقاتها فنياً يعكس صورة جميلة عن الديمقراطية العراقية من جهة، ويعطي الأمل لإذعان الأطراف التي تدعي التزوير في تلك العملية الديمقراطية من جهة أخرى”.
وأعلن مجلس الأمن الدولي الجمعة عن ترحيبه بنتائج الانتخابات العراقية، داعيا جميع الأطراف في البلاد إلى ضبط النفس واحترام نتائج الاستحقاق، وكذلك حل جميع الخلافات حول الانتخابات ونتائجها بشكل سلمي وعن طريق القانون.
ووفق النتائج الأولية للاستحقاق، جاءت “الكتلة الصدرية” في صدارة الفائزين بـ73 مقعدا من أصل 329، فيما حصلت كتلة “تقدم” بزعامة رئيس البرلمان المنحل محمد الحلبوسي (سُني) على 38 مقعدا، وفي المرتبة الثالثة حلت كتلة “دولة القانون” بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي بـ34 مقعدا.
ويعد تحالف “الفتح”، وهو مظلة سياسية للفصائل المسلحة، أبرز الخاسرين في الانتخابات الأخيرة بحصوله على 16 مقعداً، بعد أن حل ثانيا برصيد 48 مقعدا في انتخابات 2018.
وعقب إعلان النتائج الأولية للانتخابات العراقية تلقت بعثة “يونامي” ورئيستها جانين هينيس – بلاسخارت انتقادات واسعة وتهديدات من قبل أطراف وأحزاب منيت بهزائم غير متوقعة، وذلك عبر احتجاجات نظمتها بالبلاد، ومن خلال حملات لنشطاء يتبعون لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي.