إيلان بيرمان
بعد مرور عام على ظهور فيروس كورونا المستجد، تطور الوباء في الشرق الأوسط بشكل مختلف، فبينما نجت بعض البلدان من الوباء نسبيًا مثل دول مجلس التعاون الخليجي، نتيجة لما أطلق عليه "الإدارة الاستبدادية"، دمر المرض دولا أخرى بشدة.
ومن بين تلك الدول، كانت إيران الأكثر تضررا، ووفقا للإحصاءات الرسمية، أصيب أكثر من 1.2 مليون من سكانها البالغ عددهم 85 مليونا بالفيروس التاجي، وتوفي حوالي 56000 شخص بسببه.
ومع ذلك، وبشكل غير رسمي، يبدو أن الوضع أسوأ بكثير، حيث أصيب عدة ملايين وربما ما يصل إلى 209000 ضحية، أي ما يعادل 0.25 في المئة من سكان البلاد.
أسباب مرض الجمهورية الإسلامية عديدة، وهي تتراوح بين ازدراء الطب الحديث في أوساط النخبة الدينية في البلاد، وتعاون النظام الإيراني المكثف مع الصين، المصدر الأصلي للعدوى العالمية.
ومع ذلك، بدلا من السعي وراء جميع العلاجات الممكنة، يتمسك المسؤولون الإيرانيون بأسلحتهم الأيديولوجية حتى لو جعل ذلك بلادهم أكثر مرضا.
أعلن المرشد الأعلى علي خامنئي مؤخرا أن إيران لن تقبل لقاحات كوفيد- 19 المستوردة من الولايات المتحدة أو المملكة المتحدة، وقال في بيان متلفز في أوائل يناير: "استيراد اللقاحات الأميركية والبريطانية إلى البلاد ممنوع .. إنها غير جديرة بالثقة على الإطلاق، ليس من المستبعد أنهم يريدون تلويث دول أخرى".
وبدلا من الاعتماد على العلاجات الغربية، يتجه النظام الإيراني بشكل متزايد إلى شركائه الاستراتيجيين للمساعدة في مكافحة الفيروس.
واحد من هؤلاء الشركاء، كوبا، حيث وقعت طهران وهافانا مؤخرا اتفاقية تعهدت بموجبها كوبا بنقل أحدث تقنيات لقاح كورونا إلى إيران.
وكجزء من هذا الترتيب، منحت إيران الإذن لكوبا بإجراء تجارب سريرية في مراحلها الأخيرة على لقاحها الواعد، المعروف باسم Soberna 2، داخل الجمهورية الإسلامية.
كما وافقت إيران أيضا على استخدام لقاح كورونا الروسي المثير للجدل "Sputnik V " وتنوي استيراده وإنتاجه في الأشهر المقبلة.
وأكد وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف في يناير أن "لقاح سبوتنيك تم تسجيله أيضا والموافقة عليه من قبل سلطاتنا الصحية، وفي المستقبل القريب، نأمل أن نتمكن من شرائه، وكذلك بدء الإنتاج المشترك".
ومع ذلك، من غير المرجح أن يغير ذلك بشكل كبير حالة الأزمة الصحية داخل إيران.
ومن خلال الطرح المستعجل للقاحه، نجح الكرملين في جعل سبوتنيك شقا محوريا لدبلوماسيته خلال الوباء.
وقرر العديد من الدول في جميع أنحاء العالم اعتماد العلاج، من أجل الوفاء بالتزاماتها، بينما اضطرت روسيا إلى إنتاج نوع مخفف من لقاحها للتصدير الدولي، أو مايطلق عليه اسم "سبوتنيك لايت" الذي سيتم إعطاؤه بجرعة واحدة وسيوفر مناعة مؤقتة فقط لمن يتلقونه.
المسؤولون الإيرانيون الأكثر تفكيرا "تكنوقراطيا" يدركون أن الاعتماد على هذه العلاجات المتدنية لا يرقى إلى مستوى الحل الجاد لمشكلتهم، ولهذا السبب أكد كبير علماء الأوبئة في إيران ضرورة رسم خطط لاستيراد لقاحات كوفيد- 19 من شركة الأدوية "أسترازينكا" التي وصفها هو وآخرون بأنها "شركة سويدية" (وبالتالي لا تخضع لقيود خامنئي الأيديولوجية).
لكن مسؤولي الصحة الإيرانيين، الذين يحاولون يائسين عكس موجة العدوى داخل الجمهورية الإسلامية، ما زالوا بلا شك رهن التفويض الكتابي لتلقي العلاجات الأكثر فاعلية لمكافحة الوباء.
وبعد سنوات من الآن، عندما يقوم المؤرخون بحصر الوباء بشكل كامل، سيتم إلقاء الكثير من اللوم على الصين بسبب حملتها للتضليل حول أصول الفيروس وانتشاره.
وبينما أذنبت دول أخرى مثل روسيا التي حاولت سرقة بيانات اللقاح وعرّضت السباق للحصول على العلاج للخطر، من الواضح بالفعل أن الجاني الرئيسي لبؤس إيران ليس قوة خارجية، بل الأيديولوجية الرسمية للنظام والتوجه المناهض للغرب، فهما المسؤولان بشكل أساسي عن مدى عمق الدمار الذي أصاب البلاد بسبب الوباء، لذلك لا تزال الإجابات المناسبة عليه بعيدة المنال.