تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

المساعدات الدولية مرهونة بإصلاحات لبنان

المجتمع الدولي مستعد للاستثمار، لكن من المهم وجود حكومة تكافح الفساد
AvaToday caption
تدفقت مساعدات إنسانية دولية على المدينة، لكن الدول الأجنبية أوضحت أنها لن تمنح شيكات على بياض لدولة يعتبرها حتى سكانها غارقة في الفساد. وينتظر المانحون تنفيذ إصلاحات مطلوبة
posted onAugust 12, 2020
noتعليق

تتعالى الأصوات الدولية لدعم لبنان في محنته بعد انفجار مرفأ بيروت الذي أودى بحياة 173 شخصا وإصابة أكثر من 6 آلاف آخرين، إلا أن المجتمع الدولي لن يعطي صكا على بياض لمنظومة سياسية تحكم منذ عقود ويتهمها اللبنانيون بالفساد ويطالبون برحيلها.

ويجمع المجتمع الدولي أيضا على ضرورة تغيير  المنظومة السياسية الحاكمة التي يهيمن عليها حزب الله المدعوم من إيران والخاضع لعقوبات أميركية والمصنف من عدة دول غربية وخليجية 'تنظيما إرهابيا'.

وفي أحدث تلك الدعوات، قال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس اليوم الأربعاء، إن لبنان يحتاج لحكومة يمكنها محاربة الفساد وتنفيذ الإصلاحات.

وجاءت تصريحات ماس أثناء جولة قام بها في مرفأ بيروت حيث وقع انفجار مدمر أثار احتجاجات قادت إلى استقالة الحكومة.

وفي الأسبوع الماضي وقع انفجار في مستودع تخزن به كمية كبيرة من المواد المتفجرة منذ سنوات مما أسفر عن مقتل 171 شخصا على الأقل وإصابة نحو ستة آلاف وتدمير أجزاء كبيرة من المدينة المطلة على البحر المتوسط وأدى إلى تعميق أزمة مالية واقتصادية تشهدها البلاد.

وقال الوزير الألماني "من المستحيل أن تبقى الأمور على ما كانت عليه... المجتمع الدولي مستعد للاستثمار، لكنه يحتاج ضمانات لهذا الاستثمار. من المهم وجود حكومة تكافح الفساد".

وتابع "الكثيرون في أوروبا مهتمون كثيرا بهذا البلد. يريدون إصلاحات اقتصادية وحكما رشيدا هناك. أيا كان من سيتولى المسؤولية في لبنان سيكون عليه القيام بالكثير".

وأعطى ماس شيكا بأكثر من مليون يورو للصليب الأحمر اللبناني في إطار مساعدات إنسانية بقيمة 20 مليون يورو تقدمها ألمانيا.

وتدفقت مساعدات إنسانية دولية على المدينة، لكن الدول الأجنبية أوضحت أنها لن تمنح شيكات على بياض لدولة يعتبرها حتى سكانها غارقة في الفساد. وينتظر المانحون تنفيذ إصلاحات مطلوبة منذ فترة طويلة مقابل المساعدات المالية لإخراج لبنان من حالة الانهيار الاقتصادي.

وكان لبنان قد انزلق بدرجة أكبر إلى حالة من الغموض السياسي بعد أن استقالت حكومة رئيس الوزراء حسان دياب. وعلقت بالفعل محادثات الحكومة مع صندوق النقد الدولي بشأن خطة إنقاذ بسبب خلاف بين الحكومة والبنوك والساسة على نطاق الخسائر المالية.

وأبدى لبنانيون صاروا يجلسون وسط الحطام اليوم الأربعاء شعورهم بالإحباط إزاء الدولة التي يرون أنها تخلت عنهم في مساعيهم اليائسة لإعادة البناء بعد الانفجار.

وقال انطوان متى (74 عاما) إنه لا أحد يعرف ما سيحدث ولا كيف يستأنف الناس أعمالهم. وكان متجره الذي يبيع فيه الخزائن والأقفال قد تعرض لأضرار جسيمة في الانفجار. وأصيب خمسة من العاملين لديه، مضيفا أن اللبنانيين اعتادوا ألا تفعل الحكومة شيئا.

الكثيرون في أوروبا مهتمون كثيرا بهذا البلد. يريدون إصلاحات اقتصادية وحكما رشيدا هناك. أيا كان من سيتولى المسؤولية في لبنان سيكون عليه القيام بالكثير

وتفجرت اضطرابات جديدة إذ خرج اللبنانيون في احتجاجات يطالبون بتغيير النظام الذي يرون أنه قائم على طبقة حاكمة فاسدة يعتبرونها مسؤولة عن مشاكل البلاد بما في ذلك الانهيار الاقتصادي الذي هوى بقيمة العملة وأصاب البنوك بالشلل وأدى لارتفاع الأسعار بشدة.

وقد قال مسؤولون إن الانفجار تسبب في خسائر قد تصل قيمتها إلى 15 مليار دولار وهو ما لا يستطيع لبنان تدبيره على ضوء شدة الأزمة المالية التي حالت بين الناس ومدخراتهم المودعة في البنوك منذ أكتوبر/تشرين الأول وسط ندرة في الدولارات.

وأصدر مصرف لبنان المركزي تعليماته للبنوك المحلية بتقديم قروض دولارية بدون فائدة للأفراد والأعمال للقيام بأعمال الإصلاحات الضرورية وقال إنه سيوفر لهذه المؤسسات المالية التمويل.

وقال بندلي غرابي الذي أصاب الدمار ستوديو التصوير الذي يملكه، إن السلطات المحلية لم تفعل شيئا حتى الآن سوى إعطائه استمارة خاصة بالتعويضات عليه أن يملأها. وهو لا يعرف ما إذا كان البنك سيقدم له مساعدة مالية لأن عليه بالفعل قرض سيارة. وقال "كل شيء راح" وإنه لا يريد سوى أن يعيد أحد بناء متجره.

وانتهى مؤتمر طارئ للمانحين يوم الأحد الماضي بتعهدات بدفع ما يقرب من 253 مليون يورو (298 مليون دولار) لأعمال الإغاثة الفورية.

وكان الرئيس ميشال عون قد وعد بإجراء تحقيق سريع يتسم بالشفافية في الانفجار الذي وقع في مخزن وضعت فيه السلطات 2750 طنا من مادة نترات الأمونيوم منذ سنوات دون احتياطات أمان. وقال إن التحقيق سيتحرى ما إذا السبب في الانفجار هو الإهمال أم عوامل خارجية أم أنه مجرد حادث عرضي.

لكن عون نفسه في ورطة إذ تثبت وثائق مسربة ومعلومات أن الرئيس (عون) ورئيس الوزراء (المستقيل) كانا على علم بوجود نترات الامونيا مخزنة لسنوات في المرفأ وتلقا تحذيرات من مسؤولين بالمرفأ من أنها تشكل خطرا على بيروت وأن انفجارها سيكون كارثيا.

ولا يزال متطوعون وعمال بناء ترافقهم جرافات يعملون على رفع الركام من الأحياء بعد مرور أكثر من أسبوع على الانفجار. ولا تزال طوابير من السيارات المحطمة تقف أمام المتاجر المدمرة والمباني المهدمة.

وكان ناجي مسعود (70 عاما) يجلس في الشرفة عندما خرب الانفجار شقته. وأنقذه باب خشبي حماه من الركام المتطاير. وجرح موقد زوجته.

ومعاش التقاعد الخاص به مجمد في حساب مصرفي لا يمكنه السحب منه بسبب القيود المفروضة بفعل الأزمة الاقتصادية. وتساءل مسعود "أين الحكومة" وهو ينظر حوله في شقته المحطمة.