تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

من فجر ميناء بيروت؟

حسن نصرالله مخاطبا لبنانيين
AvaToday caption
تحرير البلاد المغتصبة له استراتيجية مختلفة ويحتاج إلى عناصر خفية ومتحركة ولا تركن إلى مكان واحد من داخل أراضي العدو، ولا يسهل العثور عليها وتدميرها في ضربة واحدة كما تفعل إسرائيل بلبنان بين الفينة والأخري نظرا لسهولة رصد حزب الله وعناصره
posted onAugust 8, 2020
noتعليق

سهى الجندي

تدور التكهنات على مواقع التواصل الاجتماعي حول من هو المسؤول عن تدمير ميناء بيروت، ويبعد المتكهنون في التحليل إلى جهات بعيدة، والمسؤول أمام أعينهم. فقبل التفجير بأقل من أسبوع تبادلت اسرائيل وحزب الله التهديدات بالتدمير بعد مقتل عنصر من حزب الله على يد اسرائيل، وتوعد حزب الله بالثأر، فردت عليه اسرائيل بأنها ستدمر لبنان، وقد نفذت تهديدها بتدمير ميناء بيروت، نظرا لأنه ربما يستخدم لتوريد الأسلحة إلى حزب الله. كما أن إسرائيل هي الأقرب إلى الميناء ولها متعاونون في الداخل اللبناني، ولا بد أنها على معرفة بالكميات المخزنة التي جرى تفجيرها. وهذا هو الاحتمال الأرجح.

إن هذه العملية تحقق أهدافا استراتيجية لإسرائيل، لأن نتائجها خطيرة، فقد وصل الأمر ببعض اللبنانيين أن يطلبوا من فرنسا إعادة الانتداب على لبنان، كما أن مشاعر الكراهية لحزب الله بلغت أوجها، لأن هناك من يعتقد أن نشاطه في المرفأ جلب عليهم الضربة الاسرائيلية الموجعة، وهذا ربما يدفع بالحكومة اللبنانية أو فرنسا إلى إحداث تغييرات في لبنان تكف يد حزب الله عن ممارسة نشاطه.

كما أنها ليست المرة الأولى التي يتناوش فيها حزب الله مع إسرائيل وليست المرة الأولى التي تضرب إسرائيل لبنان بيد من حديد. فهل لا يزال المؤيدون لحزب الله مقتنعين بضرورة وجوده؟ لقد خرب حزب الله في لبنان أكثر مما عمّر بكثير، وأساء إلى بلاده وأدى إلى انقسامهم في فئات وأحزاب وزعامات تعمل لصالحها وتنسى صالح لبنان. فلماذا هذا الإصرار على التنمر وهو يدرك أن نهجه يخرب أكثر مما يعمر؟

إن تحرير البلاد المغتصبة له استراتيجية مختلفة ويحتاج إلى عناصر خفية ومتحركة ولا تركن إلى مكان واحد من داخل أراضي العدو، ولا يسهل العثور عليها وتدميرها في ضربة واحدة كما تفعل إسرائيل بلبنان بين الفينة والأخري نظرا لسهولة رصد حزب الله وعناصره ومخازنه، وفي كل مرة يتعرض لبنان للقصف، يعم الخراب ويهب العرب لنجدته وإعادة تعميره، وهذا ما أدى إلى الواقع المرير الذي يعيشه لبنان. ولا توجد إنجازات لحزب الله على أرض الواقع، فلماذا هذا الإصرار العجيب على المقاومة العبثية وتبادل التهديدات مع اسرائيل التي تتسلى بضرب لبنان كلما ضجرت؟

لماذا لا ينضم حزب الله إلى الجيش اللبناني ويصبح جيشا نظاميا لخدمة أرضه وشعبه والدفاع عن حدوده، بحيث يكون قرار النشاط العسكري منظما وموحدا بيد الدولة وتختفي الصبغة الطائفية لهذا التنظيم؟ أليس هذا خيرا للبنان ومخرجا من حالة البؤس التي يعاني منها الشعب اللبناني؟

عجيب أمر التنظيمات المقاوِمة لإسرائيل وكأنها تهوى تقديم الشهداء وتدمير البلاد مقابل لا شيء، كما تفعل حماس في غزة، فهي تقدم الشهداء في أعمال يائسة لا تؤثر في إسرائيل ثم يأتيها القصف والتدمير من كافة الجهات.

ليس هذا رفضا للمقاومة ولكنه رفض للأعمال التي لا تسير وفق خطة محكمة لمحاربة العدو، ورفض للقتل والتدمير الذي لا يصيب سوى العرب، بينما تنام إسرائيل ملء الجفون. إنه رفض للخسائر البشرية والمادية وتعطيل التنمية وانتشار البطالة وتفريق الناس في طوائف وأحزاب وزعامات تنشر الفساد وتملأ جيوبها مستغلة فوضى السلاح وتنافر السياسات.